ريمان برس - خاص -
الزائر لمحافظة تعز قد لا يجد من زيارته سوا الحسرات والمزيد من القهر على محافظة كانت نموذج للتقدم والمدنية والتحضر الاجتماعي ، إذ يجد الزائر لشرق المدينة في ختام اي زيارة يقوم بها يجد إنه قد يكون زار أي مدينة إلا مدينة تعز والحال كذلك لمن يزور غربها ، فثمة شيئا ناقصا يشعر به الزائر لضفتي المدينة والحال كذلك لزوار ريفها ، فماذا جرى يا تعز حتى تصبحي نسخة من ( بيروت الشرقية وبيروت الغربية زمن الاحتلال الصهيوني والحرب الاهلية اللبنانية )؟!!
فالزاىر لشرقها منطقة ( الحوبان ) يقف امام جولة ( القصر ) وبينه وبين اجمل احياء المدينة وأرقها ( حوض الاشراف ) امتار قليلة لكنها بفضل الحرب والعدوان والحصار والارتهان صار حوض الاشراف وكأنه ( حوض بارليف ) والوصول إليه من قبل مواطنيه مرهون برغبات وبقرار محلي وإقليمي ودولي ؟!
كثيرة هي المشاعر الحزينة والمركبة التي تنتاب الزائر لهذه المحافظة والاكثر حسرة وحزنا ربما يستوطن الزاىر من مواقف نخبها والمحسوبين عليها الذين رغم كل ما حدث ويحدث للمحافظة يواصلون التمترس في ذات المواقف التي كانت سببا بتشطير المحافظة ريفها والحضر ولدوافع سياسية اتضح زيفها وغباء وجهالة دعاتها الذين اعتادوا ان لا ينظروا لابعد من تحت اقدامهم ويحرصون باستماتة على تغليب مصالحهم الخاصة على مصلحة الوطن والشعب ، متجاهلين معاناة الملايين من ابناء المحافظة وقساوة الضروف والحياة المعيشية التي وجدوا انفسهم فيها دون رغبتهم غالبا ودون معرفتهم المسبقة بنتائج ومآلات بادية الاحداث او معرفتهم بثمن قادم سيدفعوه قهرا وقسرا وعنوة ..فهل كانت تعز تستحق كل هذا الذي جرى ويجري فيها ؟!
تعز التي كان لها من اسمها نصيب وهي تعز كل من استوطنها وعاش فيها وانتماء إليها ، التي اطلق عليها الكثير من الاسماء والمسميات الحضارية الدالة على مكانتها ودورها الوطني ورسالتها الحضارية والتنويرية فهي ( الحالمة ) وهي عاصمة الثقافة وهي مهد التقدم والتطور الاجتماعي ودوحة المدنية وموطن القطاعات الاقتصادية والصناعية حباها الله بكل مقومات الحياة واعطتها الطبيعة جغرافية وموقع جغرافي متميز ومناخ استثنائي وقال عنها مفتيها وعالمها العلامة إبراهيم عقيل _ رحمة الله تغشاه _ ذات يوم موغل ( إذا كانت اليمن أصل العرب والعروبة وقلب الجزيرة فان تعز هي قلب اليمن وحيفان قلب تعز ) فماذا حل بقلب الجزيرة وقلب اليمن وقلب تعز ؟!
في( مطعم ناصر غالب للفاصوليا) الواقع امام معسكر النجدة حاليا _ معسكر الاستقبال سابقا وقفت اتخيل تعز التي اعرفها وانا اطلب طبق (الفاصوليا) كفطور لي وللاولاد صباح الجمعة ١٠ ديسمبر المنصرم وخلال تناولي وجبة الافطار دار في تفكيري شريطا طويلا من الذكريات عن تعز التي اعشقها وعن اهلها وسكانها وطيبتهم وسهولة التعايش معهم لاي قادم اليهم زائرا كان او مقيما فقد كانت واحة وطنية وملاذا لكل حالم بالسكينة سواء كان قادما من شمال الشمال او من مناطق الجنوب فقد كانت تعز حاضنة لكل ابناء الوطن وفي احيائها وحواريها كانت اليمن حاضرة بكل قبائلها ونطاقاتها الجغرافية وطبقاتها الاجتماعية ..لم يدوم تفكيري طويلا فقد اخرجني من حالتي التي كنت بها هاتف الاخ والصديق العزيز رفيق ابراهيم شاىف العريقي ليؤكد لي على الحضور برفقة الاولاد لتناول وجبة الغدا في منزله القريب من حيث كنت لكن ما ان اكملت مكالمته حتى قفز نظري لقمة (جبل العروس) فعدت اتأمل في حال تعز وكيف كانت واين اصبحت ، ولماذا ؟ وكيف ؟ ومن المسئول ؟ ودون سابق تفكير وجدت الشاعر المرحوم عبد الله عبد الوهاب نعمان يقفز للذاكرة بكل تراثه واشعاره وكلماته وانغام الاستاذ والفنان ايوب طارش اطال الله لنا بعمره ، وكذلك المرحوم والشاعر اديب اليمن ومبصرها الاستاذ عبد الله البردوني ، وان كان الاول دقد تغزل بكل شيء جميل في اليمن عامة وتعز خاصة فان الثاني كان له السبق في تحذيرنا من كل ما نحن فيه ومن جارة السوء واطماعها وفتنها دون ان اغفل نصيحة القاضي المرحوم عبد الرحمن الارياني رئيس الجمهورية الاسبق حين همس للرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي وهو يودعه بمطار تعز ( الحزبية تبدا بالتأثير وتنتهي بالعمالة ) وهذا ما جنيناه في تعز وكل اليمن ، إذ لم يصلنا إلا ما نحن فيه اليوم سوا التعصب الحزبي والإفلاس الحزبي ان صح التعبير ولو لم تكون احزابنا قد افلست وشاخت وهرمت وانتهي عمرها الافتراضي قبل اعوام طويلة من بداية الاحداث لما كان هذا حالنا اليوم وحال تعز وكل الوطن .
يتبع
[email protected]