ريمان برس - خاص -

شهد خطاب الازمة ومن ثم الحرب والعدوان مفاهيم ومفردات سفسطائية مثيرة للدهشة والاستغراب، ليس لما تحمل من تناقضات مركبة تدعوا للسخرية، بل لان الاكثر سخرية وسفسطائية هو مواقف اصحاب الخطاب المزدوج الذين ينتقدون الاخر ويوجهون كل التهم ولا يكلفون انفسهم ولو لحظة التوقف امام انفسهم ومواقفهم السلوكية وخطابهم الانفصامي المثير للدهشة.. كالقول مثلا ان من هم في صنعاء ( حوثة) و ( عملاء لإيران).؟!!
وان من هم في صنعاء ( مجرد شوية مليشيا مجوسية ورافضيه) والمؤدب في الطرف الاخر يصف من يحكمون صنعاء ب ( أنهم اذرع أيران)؟!!
دعونا نحكم عقولنا ونتحدث بعقل وبلغة ومفردات تحترم عقل المتلقي، ولنبدأ من مصطلح ( الحوثية) ونتسايل بصوت مسموع هل فعلا ان ما يسمى ب ( الشرعية والتحالف) يواجهون ( الحوثي) فعلا؟ أم انهم يواجهون غالبية الشعب اليمني بكل طبقاته السياسية والثقافية والاجتماعية.؟!
ان مصطلح او مفهوم يردد من قبل الاخر عبر وسائل إعلامه وفي كل أدبياته السياسية عن ( الحوثي) وقد درج هذا المصطلح في الخطاب السياسي والاعلامي إقليميا ودوليا في محاولة بائسة من دول العدوان ومن التحق بهم من بعضنا للانتقاص من خصومهم والتقليل من اهميتهم ومحاولة فاشلة من قبل مخططي العدوان ومخرجيهم حصر عدوانهم في جماعة ( الحوثي) وتكريس في الذاكرة الجمعية الوطنية ان كل هذا العدوان وكل جرائمه الوحشية لا يستهدف الشعب اليمني ولا هو موجه ضد الشعب اليمني ولا يستهدفه، بل يستهدف فقط ( الحوثي) و ( ميلشياته، من اذناب إيران، والتصدي لنفوذ إيران، والحيلولة دون نشر ثقافة التشيع الغريبة على اهل اليمن في اوساط الشعب)؟!!!
إذا ( التحالف) لا يستهدف الشعب اليمني ولكنه فقط يستهدف ( الحوثي ومليشياته، اذناب آيران وعملائها من يسعون لتكريس المذهبية وخاصة المذهب الشيعي في اوساط الشعب اليمني)؟!!
اعود واكرر ركزوا في مفردات الاخر ومصطلحاته التي يسعى لتكريسها في ذاكرة المتلقي الوطني مثل: مليشيا، عملاء، اذناب، اذرع إيران، مجوس، روافض، كهنوت..؟!
أكتفي بهذا القدر من المفردات التوصيفية التي يطلقها الطرف الاخر ضد من يحكمون صنعاء ويواجهون العدوان في محاولة من تحالف العدوان ومن لفهم التقليل من خصومهم وتكريس في اذهان المتلقي الوطني ان المشكلة في كل ما نحن فيه من عدوان وحصار وقتل وتمزق وتشرد ونزوح وفقر وتعطيل وانقطاع الراتب والخدمات وكل مظاهر البؤس التي هي نناج العدوان سببها ( الحوثي والمليشيا، اذناب إيران،) ..؟!!
وبالتالي لولاء ( الحوثي) لما حصل كل هذا الذي يحصل..؟!
وفق هذا المنطق الاستلابي دعوني امر وبصورة عابرة وسريعة عن تداعيات واحداث الماضي القريب حين استعان النظام السعودي بإيران الشاه وطياريها وبالكيان الصهيوني لمحاربة الشعب اليمني حين ثار ضد نظام الامامة، وقيل يؤمها ان ال سعود انفقوا الملايين وجندوا الاف المرتزقة وتسببوا بقتل قرابة ( ثلاثمائة الف يمني) من ابناء القبائل والثوار، فهل كانت ثورة وثوار سبتمبر ( شيعة واذناب إيران ومجوس وروافض)؟! أم كان عبد الناصر الذي وقف الى جانب الثورة اليمنية والشعب اليمني ( شيعيا، أو شيوعيا)؟!
هذا الخطاب الانتقاصي والانتقائي يذكرنا بذات الخطاب الذي اعتمدته القوى الاستعمارية في مواجهة ثورة يوليوا والزعيم عبد الناصر وكانوا يرددون بخطابهم انهم لا يستهدفون الشعب المصري بل خلافهم هو مع ( البكباشي جمال عبد الناصر) لدرجة ان بعض اعضاء مجلس قيادة الثورة في مصر صدقوا هذا الخطاب الاستعماري وطلبوا من الزعيم ناصر ( تسليم نفسه للسفارة البريطانية في القاهرة حتي يتوقف القصف وتتوقف الحرب؟!!
اليوم ذات المنطق الاستلابي يعيد نفسه بمعزل عن الفوارق والتباينات التي قد يخوض فيها البعض، اليوم المشكلة مع ( الحوثي) ذنب إيران وعميلها وذراعها..؟!
طيب دعونا نصدق خطابهم ونعتبر من يحكمون صنعاء ( عملاء لإيران واذنابها واذرعها)؟! طيب انتم مع من؟! هل انتم مستقلين بقراركم وارادتكم..؟! واحرار وسادة انفسكم؟! إذا انتم كذلك سأكون معكم وسأكفر (بعملاء ومرتزقة إيران)؟!
لكنكم للأسف لستم احرار ولا سادة قراركم ولا تملكون حريتكم ولا كرامتكم، نعم انتم وليس _ الحوثة_ عملاء ومرتزقة وعبيد وخدم في اسطبلات اعداء اليمن، نعم انتم عملاء ومرتزقة لأحقر واقذر نظام يمقته ابناء شعبنا جيلا بعد جيل وكابرا عن كابر وهو النظام السعودي..!!
وهذا النظام هو العدو اللدود لشعبنا ولأرضنا ولوجودنا ولحقوقنا ولحقنا بالحياة الكريمة فوق الارض وتحت الشمس، بل وعدو لله ولرسوله ولامتنا ولوجودها المادي والمعنوي، وليس هذا وحسب بل انتم عملاء ومرتزقة لنظام عميل للصهاينة وحليف لهم وللقوى الاستعمارية عدوة وجودنا، فدول التحالف صديقة الصهاينة وحليفتهم الرئيسية والمدافعة عنه وعن وجوده في ارضنا المحتلة..؟!
إذا من يستحق لقب ( العميل والمرتزق) ؟!
مع العلم ان صنعاء تحترم وتعتز بالمواقف الإيرانية المتضامنة مع قضية شعبنا، لكنها اي صنعاء تملك قرارها ولا تتلقي اوامرها من اي جهة بما في ذلك إيران التي ترتبط مع صنعاء بعلاقة ندية واخوية واحترام متبادل، وتعبر عن تضامنها السياسي والاعلامي والمادي والمعنوي كدولة شقيقة تحترم خيارتنا وسيادتنا وقرارنا الوطني، ولم يحدث يزما ان وجهت لأي مسئولا في صنعاء امرا، ولم تمتد يد سفيرها يوما لخد مسئولا او وزيرا كما يفعل بكم وقرقاش ( ال جابر)؟!
هذه المليشيا التي تطلقون عليها هذا المصطلح انتقاصا وتقليلا تخوض المواجهة مع 18دولة مز دول التحالف العدواني منذ ثمان سنوات، فهل يعقل ان تصمد المليشيا كل هذه السنوات ان لم تكن تعبر عن إرادة وطن وتطلعات شعب..؟!
ثم ان كانت مجرد مليشيا، كيف لدولة ان تهرب وتغادر البلاد هروبا من شوية مليشيا، وهي دولة تحظى بحماية واعتراف العالم ومنظماته الإقليمية والدولية..؟!
ثمان سنوات وانتم ودول التحالف وامريكا والكيان الصهيوني وخبرائه وخبراته تواجهون هذه المليشيات وفشلتم في قهرها وكسر إرادتها رغم فارق القوة والعتاد بين شرعيتكم وتحالفكم وبينها...؟!
وكمواطن انتمي لهذا الوطن وهذه الارض والجغرافية يكفينا شرفا وعزة وكرامة ان من يحكمونا اليوم يقفون في وجه المشروع الصهيوني ولا يتفاخرون بعلاقتهم مع هذا الكيان الاستيطاني الغاصب الذي يستحيل ان اقبل بوجوده يوما او لحظة على خارطتنا القومية، ويستحيل ان اقبل به ككيان وجودي او اطبع معه او اقبل من يطبع ويقيم معه العلاقات أيا كان مستوى هذه العلاقة، والاصعب ان اصدق اخلاص ومصداقية مز يتعامل مع هذا الكيان _ العدو او اثق به أيا كان ومهما كان وكانت مبرراته..!!
إذا ( الحوثي) ليس هو المشكلة وليس هو المطلوب، بل المشكلة والمطلوب هو اليمن بارضه وانسانه وقيمه ومعتقداته وموارده وهويته وتاريخه وحضارته، والمطلوب هو تطويع هذا الشعب وتدجينه، والعدوان المستمر منذ ثمان سنوات ليس هدفه اعادة الشرعية التي تهان ويهان رموزها في كل لحظة من قبل قوات التحالف ورموزها، ويتعرضون للازدراء السلوكي من قبل ضباط اجهزة امن التحالف وحتى جرسونات الفنادق يسخرون من مسئولي الشرعية الذي فقدوا ليس شرفهم الوطني وكرامتهم الوطنية وشرف المسئولية بل فقدوا اعتبارهم الذاتي حتى كمرتزقة وعملاء يفترض ان يعاملوا بدبلوماسية حتى تنتهي مهمتهم على الاقل..؟!
يتبع غدا
[email protected]