ريمان برس - خاص -
ثمة مفارقات كبيرة وواضحة في سلوكيات ومواقف بعض المكونات الجغرافية واقصد بالمكونات _الدول _ذات الولادة الحديثة والتي تفتقد للعمق التاريخي والحضاري والثقافي، ومجتمعاتها التي تشكلت إما من مجاميع مهاجرة توافدت لهذه الجغرافية أو تلك بحثا عن فرص حياتية ومعيشية لم تتمكن من تحقيقها في أوطانها الأصلية، ولهذه المجاميع المهاجرة قيم ومعتقدات متنافرة كما تتباين مع بعضها من حيث اللون واللغة والمعتقدات والقيم الثقافية المكتسبة وكذا العادات والتقاليد المختلفة وهذا ما يمكن إسقاطه على المجتمع الأمريكي _كمثال أول _ وثمة مثال _ثان_متصل بمكونات جغرافية أخرى كانت تعيش حياة البداوة والترحال كقبائل وعشائر متناثرة في الصحاري والقفار قبل أن تتشكل منها ولها (دويلات) وينصب شيوخها كحكام تلبية لحاجة إستعمارية ورغبة المستعمر في إشغال بعض المساحات الجغرافية وإحكام سيطرته عليها جاعلا من هؤلاء (الشيوخ) وعشائرهم وقبائلهم بمثابة الحراس له على هذه النطاقات والحيلولة دون وصول أقدام منافسيه من المستعمرين الآخرين إليها، وهذا النموذج يتجسد في دول المحميات الخليجية..؟!
فإذا وقفنا أمام دولة عظمى بحجم ومكانة الولايات المتحدة الأمريكية التي وجدها الرحالة( كريستوفر كولمبوس) بالصدفة لتصبح مستعمرة بريطانية _أولا _قبل أن تتخذ منها الإمبراطورية البريطانية التي لم تكن (الشمس) تغيب عن مستعمراتها إلى معتقل لعتاولة القتلة والمجرمين الذين نقلوا إليها من كل المستعمرات البريطانية ومن داخل المملكة المتحدة وخاصة من إيرلندا التي كان أبنائها يقاتلون البريطانيين جيلا بعد جيل في ثورة مسلحة دامت قرابة 360عاما ليلقي آخر ثوارها _الجيش الجمهوري الإيرلندي _السلاح عام 2002م برعاية الرئيس الأمريكي (بوش الابن) ورئيس الوزراء البريطاني طوني بلير بعد أحداث ( مانهاتن) وإعلان واشنطن الحرب على الإرهاب ليتحول ثوار الجيش الجمهوري الإيرلندي إلى حزب سياسي..!
قامت أمريكا كمستعمرة على جثث سكانها الاصليين (الهنود الحمر) الذين تم إبادتهم من قبل عتاولة المجرمين المهاجرين إليها وبرعاية المستعمر البريطاني الذي كان يمنح الحرية والمكافئة وتتمثل بمساحة من الأرض لكل معتقل يقتل أكثر عدد من سكان أمريكا الأصليين ليذهب قرابة (50 مليون هندي) كحجر اساس لقيام المجتمع الأمريكي، قبل أن يتحول المجرمين الأحرار إلى رجال أعمال ذهبوا بسفنهم إلى سواحل أفريقيا ليقنعوا شبابها ورجالها ونسائها بالعمل في الجنة الموعودة أمريكا وكانوا ما إن يشحنوا سفنهم بضحاياهم من الأفارقة وتبحر بهم السفن إلى عرض البحر حتى يتم تقاسم غنائمهم من الضحايا ومن ثم يقوم كل تاجر نخاسة بوشم أجساد الضحايا بختم شركته وما أن يصلوا للأرض الموعودة_ أمريكا _ حتى يتم بيع ضحاياهم في أسواق النخاسة كعبيد ومن بيع هؤلاء البشر راكم أثريا أمريكا ثرواتهم وباجساد هؤلاء العبيد الأفارقة شيدت أمريكا بنيتها التحتية ونهضتها العمرانية..؟!
إذا فدولة عظمى كأمريكا لم تبلغ من العمر (300)عام تقريبا لذا تجد ساستها ورموزها الثقافية والفكرية يدحضون فكرة _الجذور التاريخية والحضارية _ ولا يعترفون بها ولا بتأثيرها ويسقطوا هذا المفهوم من ادبياتهم باعتباره (وهما) طوباويا..؟!
وتقوم الثقافة السلوكية الأمريكية على عامل القوة بشقيه المادي والعسكري وتؤمن أن هذان العاملان وحدهما من يحافظان على الوجود والتفوق في مواجهة الآخر حتى انطبع هذا المفهوم في وجدان وسلوك المواطن الأمريكي المنحدر من كل الأعراق البشرية والمنتمي لكل الثقافات لكنه تخلي عن كل ذلك مقابل الحصول على الهوية الأمريكية ويعيش في كنف الحلم الأمريكي القائم على ثقافة العنف وهي ثقافة لا تنحصر في سلوكيات وسياسة الإدارات الأمريكية المتعاقبة التي مارست هذه السياسة وتمارسها مع شعوب ودول العالم بل هي ثقافة المجتمع الأمريكي الذي يعيش مستندا على قوته الذاتية في مواجهة الآخر الأمريكي الغارق في آتون القيم والمفاهيم العنصرية والعرقية التي تخلف يوميا قتلى وجرحى وعنف في كل شوارع وازقة الدولة التي بدورها وتحت شعار مكافحة الإرهاب خاضت فقط منذ عام 2001م حروبا دامية في (80)دولة من دول العالم خلفت - مليون وثلاثمائة الف ضحية - منهم أربعمائة وخمسين ألف مواطن مدني لاعلاقة له بالأعمال العسكرية..!!
ناهيكم لقرابة 16مليون لاجئ شردتهم حروب أمريكا من أوطانهم..!
عربيا هناك محميات أو دويلات وجدت من العدم وان كان سكانها ينتسبون للصحراء العربية بقساوتها وقساوة الحياة التي عاشها أبناء هذه الدويلات وغالبيتهم ينتمون لقبيلة (عنيزة) والمعروفة بأنها كانت تمارس النهب والسلب والتقطع وخاصة لحجاج بيت الله الحرام..!
حداثة النعمة وترف العائدات النفطية التي برزت لاحقا دفعت هؤلاء إلى إعطاء أنفسهم مكانة خاصة واعتبروا أنفسهم فوق كل النطاقات من حولهم كعرب أو كمسلمين الذين اعتبروا بنظر وقيم وثقافات حكام هذه المحميات مجرد فقراء ومتسولين طامعين بثرواتهم فأرتبطوا بالمرجعيات الاستعمارية التي خططت لوجودهم ونشأتهم ورسمت حدودهم وعينت حكامهم..؟!
لتشكل حقيقة الاستلاب الحضاري والتراث التاريخي والثقافي هوية هذه المكونات وبقدر ما يتجسد أمامنا مثلا الفرق بين السلوكيات الأمريكية، وسلوكيات كل من روسيا والصين في علاقة كلا منهم مع الآخر، تتجسد مواقف الدويلات الخليجية عربيا مع السلوكيات الأمريكية بعكس سلوكيات دول ومجتمعات مثل فلسطين ، مصر، وسوريا، واليمن، والعراق، والجزائر، من حيث الارتباط بالهوية الجمعية كقناعة شعبية ورسمية،
مقارنة سنجد فوارقها في الوعي الحضاري المتراكم لدى غالبية شعوب الأمة والمفقود لدى المجتمعات الخليجية رسميا وشعبيا إلا ما رحم ربي..!!
للموضوع صلة
[email protected]