ريمان برس - خاص -
تتميز الجمهورية الجزائرية شعبا وحكومة وقيادة وفعاليات ونخب واطياف اجتماعية وسياسية وثقافية وفكرية، كل هؤلاء الذين يشكلون مجتمعين الدولة والشعب في بلد( ملايين الشهداء) ذهبوا فدأ لوطنهم الجزائر وداعا عن هويتهم العربية الأصيلة وعن قيم ومعتقدات إسلامية وحضارية..
الجزائر دولة وشعب صامدون في خندقي الهوية والانتماء يتحديان التحديات ويطوعان المستحيل الذي يصبح في الجزائر ممكنا..!
يوم أمس احتفل الشعب العربي في الجزائر بالذكرى (الستين) للانتصار ودحر الغزاة الفرنسيين بعد 132 عاما من الاحتلال الفرنسي الذي كان على يقين بأن الجزائر غدت قطعة من فرنساء وحتى النخب الفرنسية التي حملت قيم الحرية والعدالة والمساواة كانت بدورها ترى للجزائر كما يراها جنرلاتهم الذين تكفلوا بفرنسة الجزائر وشعبها وقيمهما الثقافية والحضارية، غير أن الشعب العربي في الجزائر كانت له رؤيته الخاصة التي تؤصل لهويته الوطنية الجزائرية وقدسية إنتمائه القومي لأمة مهما تكالبت عليها لكنها في النهاية تنهض من تحت الأنقاض( كطائر الفينييق).
احتفال الجزائر بعيد انتصار الثورة والاستقلال جاء بعد غياب دام لأكثر من 33 عاما لم تحتفل خلالها الجزائر بذكرى النصر والاستقلال، ليأتي احتفالا هذا العام مهيبا كهيبة الشعب العربي في الجزائر، كما جاء الاحتفال والعرض العسكري الضخم والغير مسبوق ليعكس مكانة وموقف الجزائر وهويتها وثوابتها الوطنية والقومية وربما ما حدث خلال عرض المعدات والقدرات العسكرية ما يجسد حقيقة قدسية الانتماء حين قفز الجنود من على ظهر معداتهم العسكرية لينتزعوا إعلام فلسطين من أيادي الجماهير لينصبوها على ظهر معداتهم ليقول احد الضباط الجزائريين عبارته (هناء يجب أن يكون علم فلسطين وليس بيد الجماهير)..!
موقف الهب عواطف الناس في الميدان وفي كافة أنحاء العالم وكل من تابع العرض العسكري الذي أقيم في ذات الميدان الذي وصله القائد الفرنسي وقال (الجزائر أصبحت قطعة من فرنساء) ومن ذات الميدان خاطبا (بن بله) و (بومدين) الشعب الجزائري والأمة العربية، ومنه خاطب الرئيس عبد المجيد تبون أمس الأمة وأعدائها مؤكدا على نهج الجزائر وثوابت مواقفها تجاه القضايا العربية وفي القلب منها قضية فلسطين التي لا تقبل الجزائر دولة وشعب المساومة عليها أو الانتقاص من حقوقها في الحرية والاستقلال ودحر الغزاة الصهاينة من على كل شبر من فلسطين والأراضي العربية..
رسائل كثيرة ومتعددة حملها الاحتفال الجزائري بذكرى دحر الاستعمار الفرنسي وجهها للمستعمرين الراحلين والمستعمرين الذين لم يرحلوا بعد ولمن يحاول إعادة المستعمرين، وأيضا وجه رسائل لمن (طبعوا بالأمس) ول(مطبعي اليوم) ولمن يجهز نفسه لركوب قطار (التطبيع)، حدث هذا مشفوعا بتأكيد ثوابت الجزائر وموقفها دولة وشعب من المشهد العربي في سورية التي شارك وزير خارجيتها الاستاذ فيصل المقداد الشعب العربي في الجزائر وقيادته الاحتفال بذكرى الانتصار والاستقلال من المستعمر الفرنسي وفي مشاركة المقداد رسالة واضحة وجهتها القيادة الجزائرية لكل اولئك الذين اتخذوا موقفا عدائيا من (دمشق) التي تصر الجزائر على إعادتها للجامعة العربية كعضو مؤسس ومن العار إبقائها خارج الجامعة..
الجزائر تحتضن أيضا القيادة الفلسطينية ممثلة بالسلطة والفصائل إستكمالا لمبادرة سبق أن أطلقتها القيادة الجزائرية قبل أشهر بهدف المصالحة وإنهاء الإنقسام في الأوساط الفلسطينية حتى يتمكنوا مجتمعين وموحدين لمواجهة العدو الصهيوني والانتصار لقضيتهم العادلة والمشروعة.
تسجل الجزائر كعادتها مواقف استثنائية في زمن إستثنائي، وتزداد شموخا في لحظات الإنكسار وصلابة في أوقات الخنوع والخضوع العربيين، ورغم التحديات التي تواجه الجزائر من جيران السوء واشقاء الخيانة والتآمر، فإن كل هذه التحديات لم تثنيها عن تأدية دورها القومي ورسالتها الحضارية كحاضنة عربية قدمت ولاتزال تقدم الدعم اللامحدود واللامشروط لفلسطين ولكل قضايا الأمة والقضايا الأفريقية العادلة..
مراقبون كثر يرون في موقف الجزائر بأنه مؤشرا لبداية ميلاد مرحلة حضارية عربية وأفريقية تقودها الجزائر التي ستكون بمثابة رأس حربة وقلب هجوم لمواجهة العبثية الراهنة والتوغل الصهيوني عربيا وأفريقيا، خاصة وقد تمكنت من طرد ممثل الكيان الصهيوني في الاتحاد الأفريقي الذي كانت بعض الدول الأفريقية قد منحت هذا الكيان صفة العضوية لكن الجزائر وقفت في وجه هذه الخطوة وحشدت ألي جانبها بعض الدول الأفريقية واحرمت الكيان من هذه المكرمة المجانية التي كانت قد منحت له بناءا على طلب أمريكا..؟!
فيما يتصل بسياسة الجزائر الخارجيه فهي تقف مستقلة القرار رافضة التبعية أو أي شكل من أشكال التأثير على قرارها السيادي ومواقفها وعلاقاتها، معبرة عن هويتها وثوابت مواقفها دون تردد أو مجاملة أو نفاق.
تحية إجلال وتقدير للأشقاء في الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، قيادتا و َحكومتا وشعبا وموقفا..
تحية للأحرار في زمان (العبيد العربي).. وتحية للصامدين في عصر الانبطاح.. تحية للجزائر الأرض والإنسان والإرادة والموقف. |