ريمان برس - خاص -
بأبصار شاخصة تحدق بنظرات زائغة نحو السماء، تستجدي رحمة الغفور الرحيم، ونفوس مترعة تترقب بصيصا من أمل يعيد للنفوس المثخنة بالآهات بقايا أحلام متناثرة وأماني مصلوبة على مقصلة اللحظة المسكونة بكل آيات القهر القسري التي ما برحت آفواه المقهورين ترددها وتتلوها، مع كل طلعة شمس وتعيد ترانيمها عند غروبها المشفوع بجبالا من الأحزان تستوطن القلوب النازفة..!
تؤغل اللحظة بقساوتها وتستل المرحلة حرابها المصقولة بشفرات الكيد البتارة..
على أرصفة بقايا الوطن المكلوم تتحرك بقايا أجساد بهامات محنية، هامات تعانق أقدام حملتها وارصفة الوطن البائس.. لا شي يبدو طبيعيا هناء إلا ( الموت) يحصد أرواح المقهورين.. هناء حيث (الموت) يتقمص ألوان (قوس قزح) ويتلون بألوان الطيف..!!
لاشي هناء يعلوا على صوت القهر والليل المخيف المحكوم بقوانين (راسبوتين).. أسطورة القلق والاحتظار وإيقونة البؤس المتناسل من رحم اللحظة وطقوسها المنهكة بصهيل الحرب والحراب المصقولة المتعطشة للدم والدمار..!
تنتشر رائحة الموت في أرجاء المكان، فتبدوا الطبيعة على غير طبيعتها، ويتماهي نزيف الجغرافية مع نزيف أجساد قاطنيها..
تتلاحق الايام وتتوالى الشهور والسنين، يعبر الزمان عن تذمره، يحاول التمرد على أحداثه، لكن (راسبوتين) يواصل ابتكار الخداع واستنساخ الأحداث، واهبا أدوات الموت طواعية للراغبين في ممارسة سياسة جلد الذات على طريقة (حكما الهندوس) حين يعبرون عن رغبتهم في التطهر من ذنوب وموبقات ارتكبوها..!
تنكمش الجغرافية وتنحسر القيم وتتلاشى المبادئ، لكن ثمة من يؤغل في أجترار مآسي ( الماضي) ليجعل منها وقودا لمآسي (الحاضر) ويؤمن بأن (المستقبل) رجسا من عمل الشيطان..؟!
تدوي قعقعة (سيوف) الأخوة الأعداء في سماء المكان، تفوح رائحة (البسوس) في الأجواء، ممزوجة بسحب من غبار تحمل في بطونها دما ودموعا تتساقط كمطر تبلل به أجساد مثخنة متهالكة لبشر كانوا حتى وقت قريب يسمون أنفسهم (شعب الحكمة والإيمان)؟!!
تنتصب رايات (الطوائف) خافقة تحمل أطياف الجهل وشعارات العصبية والأحقاد المتناسلة..!!
تؤغل الأبصار الشاخصة نحو ساحات الاحتراب تبحث بين غبارها عن أمل، عن وجه مألوف عله يمنحها وان قدرا من الأمل والتفاؤل بنهاية تنقشع فيها سحب القتامة وتختفي معها رائحة العرق والدم والبارود.. لكن لا أمل يبدوا، إلا المزيد من مقاصل الحقد تنتصب في أحياء المكان تعبيرا عن عدالة ناصبيها المؤمنين حد الفجور بتطبيق (شريعتهم)..؟!
تحتدم المنازلة فيما طبول الحرب تدوي في سماء المكان، وتزداد مبررات الحرب تكرس مفرداتها.. يتمسك أطرافها بثاراتهم وحقهم في الاقتصاص، يهوى الخطاب نحو تاريخنا المؤغل فتبدوا الملحمة وكأن (هابيل) يقتص لنفسه من (قابيل)..؟!
هناء حيث ثقافة تأصيل الأحداث تبدوا ممكنة، والتاريخ بأحداثه قابل للاجترار والاستنساخ، و(نيرون) يتجدد، وحتى (أحدب نوتردام)..؟!
وهناء يتناسل (أولاد ابن العلقمي) وأحفاد (أبو رغال).. وهناء من يعيد للذاكرة حكاية (شمشون)، وهناء من يعيد أحياء قصص ( عرب الأندلس) وصراع (المرابطون ودولة الطوائف )..؟!
ثمة بادرة امل تبدوا في الأفق، يشق غبار المتحاربين يبدد قدرا من غبار معاركهم، فيظهر من قلب المعركة (فارسا صليبيا) يرتدي (قلنسوة إيزابيلا) ودرع (ريتشارد)..!!
لكن..؟! لم يعد هناء ثمة مقدس بعد فقدان كل المقدسات..؟!
..ليبقي الأغبياء في اسطبل غبائهم يتقيئون ثقافة جهلهم، ينحرون بعظهم بكل حب واحترام وحماسة وعلى الطريقة (الإسلامية) ودفاعا عن وطن تنحره حراب اللصوص والقتلة والفاسدين وقطاع الطرق وارتالا من العملاء والخونة والمرتزقة، وهذا ما هو مطلوب منهم، ومن أجله وفي سبيله تم تمكينهم من عوامل القوة ليكونوا كما هم عليه، وليبقي الحياري على مقصلة القهر يرتلون سيمفونية أمجاد كانت ومن كتاب خيباتهم يقرأون سفر الشتات وتغريبات أسلافهم المندثرة..؟!
ليكرسوا بدورهم أسطورة (حائط مبكاهم)!!
على أمل أن يأتي يوما (هدهدا) أو (فارا) علهم يخلصونا مما نحن فيه وما وصلنا إليه..؟! |