ريمان برس - خاص -
تميز الوعي الجمعي (التعزي) بتطلع أبناء هذه المحافظة بصفة عامة وأبناء (الحجرية) بصفة خاصة نحو وطن أمن ومستقر موحد ومتقدم، ومواطنيه أحرار وكرماء، ودولة مؤسسات عادلة محكومة بأنظمة وقوانين وتشريعات تكرس قيم المواطنة المتساوية، ولأجل هذه الغايات قدمت (تعز) وأبنائها الكثير من التضحيات والتنازلات في سبيل الوصول بالوطن إلى آفاق التقدم والرقي والعدالة بعيدا عن سياسة التهميش والإقصاء وثقافة الانتقاص أيا كانت دوافعها المذهبية والطائفية، ومن أجل ذلك عمل أبناء تعز وبحماس وتفاني من أجل الثورة والجمهورية والتخلص من نظامي الإمامة في شمال الوطن والاستعمار في جنوبه مقدمين التضحيات الجسيمة في سبيل هذه الغاية ولم يكن يدور بخلدهم أنهم سيدفعون ثمنا وثمنا باهضا مقابل مواقفهم الوطنية، كما لم يكن يدور في تفكيرهم أن يصطدموا بتيارات كوّنها أصحاب المشاريع الضيقة والخاصة الذين تمترسوا ومنذ اللحظة الأولى لانطلاق شرارة الثورة بين المشاريع الطائفية والمذهبية والعصبية القبلية، ورغم أن تعز كانت هي الحاضنة للعمل السياسي والحزبي باعتبارها الإيقونة التي انطلقت منها ومن خلال أبنائها إرادة التغيير، غير أن ثمة حسابات كانت لدي البعض الذين نظروا لتعز وأبنائها نظرة قاصرة مبنية على حسابات خاطئة، حسابات تحركها نوازع( طائفية ومذهبية)، هذه النوازع التي استوطنت _البعض _كانت دوافعها قائمة على أحداث الماضي الذي قامت به سلطات الأأئمة التي تعاقبت على حكم اليمن بدءا من واقعة (فتوى التكفير بالتاويل) التي اعتبرت (تعز _أرض خراج) باعتبار أبنائها (كفار موالين العثمانيين) إلى واقعة ما يسمي ب (فتح تعز) على يد (ابن الوزير) هذا الهاجس ظل في ذاكرة _البعض _فيما تعز وأبنائها كانوا قد تجاوزوا كل هذه الأحداث وتبعاتها وكان ولايزال أملهم بوطن أمن ومستقر وموحد ودولة عادلة، ومواطنة متساوية، بدليل أن النخب الحزبية التعزية ذهبت بقناعتها بعيدا في سبيل الثورة والتغير والتقدم الاجتماعي ناظرةً بعين واحدة لكل الرموز والوجاهات الاجتماعية الفاعلة في مرحلة ما قبل الثورة بما في ذلك القطاع التجاري رغم أن هذا القطاع كان له الفضل الكبير في نجاح الثورة وانتصارها..!!
وفيما ذهبت المكونات الحزبية (التعزية) بعيدا في تطرفها وحماسها الثوري، لدرجة استهداف رموز المحافظة ووجهائها وعقلائها من أصحاب الرأي والحكمة، ذهب القطاع التجاري بدوره بعيدا في تبني سياسة المثالية الوطنية مقدما مصلحة الوطن علي كل اعتبار آخر ويعمل من أجل تنمية الوطن وتعميره واستقراره بكل نطاقاته الجغرافية..
بدليل أنه ولمجرد نجاح الثورة هب كل رموز الرأسمالية التعزية إلى مدن شمال الوطن ليحولوها إلى ورش عمل وبثوا فيها روح الحياة، ومع بروز الخلافات السياسية والحزبية حاول رموز القطاع الرأسمالي النائي بأنفسهم عن هذا الخلاف بل وحاول بعض رموز الرأسمالية التعزية أن يجعلوا من أنفسهم وسطاء بين التيارات السياسية والحزبية المتناحرة ومع ذلك لم يأخذ البعض هذا الدور بالاعتبار، لتأتي حركة 5 نوفمبر 1967 م لتكشف عن فضاعة مخطط تأمري لم يقف في نطاق الصراع بين النخب السياسية والحزبية التي وقعت فيما بينها في أكبر خطيئة تاريخية، خطيئة أسست لمنظومة أحداث خاطئة كانت (تعز) الخاسر الأكبر فيها رغم تضحياتها، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل كانت نوفمبر 67 م بداية لتدشين مخطط (الثأر من تعز ورموزها)..؟!
مخطط تميز بدهاء استثنائي، دهاء فاق قدرات النخب السياسية التعزية وثقافتها التي راحت تأكل بعضها وتدمر بعضها لمصلحة أصحاب المشاريع (الطائفية والمذهبية) الذين نصبوا أنفسهم أولياء واوصيا على الوطن والثورة والجمهورية والتحولات، وعملوا بذكاء ومهارة على تنفيذ مخططهم التأمري على تعز ورموزها حريصين على جعل مخططهم هذا يبدو وكأنه تنافس وصراع فيما بين أبناء تعز أنفسهم سوا الحزبين والسياسيين منهم أو رجال المال والأعمال..؟!
لكن كل هذا كان معد ومخطط له سلفا من مراكز صناع القرار، حتى انطبق على تعز وأبنائها قول أحدهم لشخصية تعزية ( نحمد الله الذي شتت شملكم يا أهل تعز وجعل باسكم بينكم ولو توحدتم لاخرجتمونا من البلاد حفاة)..؟!
هذه المقولة بعيدة كل البعد عن المنطق ومجافية للحقيقة لكنها تعبر عن حقيقة التوجس الذي يستوطن البعض عن تعز وأبنائها وتعكس حقيقة قناعة البعض عن تعز وأبنائها ..!!
وتتماهي هذه المقولة مع قول من قال (احصروا كم في دكاكين لأصحاب تعز في صنعاء وانا مستعد أن ادفع ثمنها)..؟!
قد يقول _البعض _لماذا ينبش هذا( الكاتب) مثل هذه الأحداث اليوم ونحن نمر في أسوأ أزمة تعيشها البلاد بكل ما فيها؟ واعود واقول لولا ترسبات الماضي وادرانه لما كنا اليوم في الحالة التي نعيشها اليوم؟!
وبالتالي أذا أردنا أن نحل أزمة اليوم يجب علينا اولا الاعتراف بأخطاء الماضي وتصحيحها، فحتى أطباء الجراحة حين يتعاملون مع جراحات المرضى يحرصون على فتح الجرح وتنظيفه قبل تضميده ولو لم يفعل الجراح هذا لتعرض الجريح (لغرغرينا) قد تؤدي لاحقا إلى بتر جزءا من جسمه..!!
أن أخطاء جسيمة وكبيرة ارتكبت بحق تعز وأبنائها سوا من قبل أنظمة الأئمة أو من قبل سلطات الثورة والجمهورية لاحقا ولا تزال هذه الأخطاء تمارس بحق هذه المحافظة وأبنائها حتى اليوم.
يتبع |