ريمان برس - خاص -
خلال الفترة التالية لقيام الثورة 62 _70 م شهدت الساحة الوطنية العديد من الأحداث والتداعيات الدامية والمؤلمة طالت رموز ووجاهية ومشائخية ونخب سياسية وثقافية واقتصادية واجتماعية من أبناء محافظة تعز، أحداث يصعب نسيانها أو تجاهلها أو محوها من الذاكرة الجمعية ليس لأبناء تعز بل لكل أبناء اليمن الشرفاء الأحرار المؤمنين بدولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية، أحداث بدأت بشيطنة الدكتور عبد الرحمن البيضاني، ثم تصفية بعض شيوخ ووجهاء تعز وصولا لانقلاب نوفمبر المشئوم ثم التأمر على أبطال حصار السبعين وإحداث أغسطس والتخلص من كل الشرفاء الوطنيين تحت ذريعة الخشية من أن تذهب السلطة لأصحاب تعز وما رافق كل هذه الأحداث من ممارسات خاطئة بعضها ارتكبها بعض الحزبين من تعز الذين انقسموا فيما بينهم ووزع بعضهم ولائه على شيوخ القبائل ضنا منه إنه على المسار الصحيح وقد يكون كذلك بدافع الإخلاص والولاء الحزبي ولكنه غفل حقيقة الولاء القبلي المختزل في الذات القبلية والمصلحة القبلية التي تفوق عندهم المصلحة الوطنية، وهذه المصلحة حتى أن كانت مطلب وطني عام فإنها غير مقبولة أن لم تراعي مصلحة الرموز القبلية.. هؤلاء الرموز الذين حتى مصلحة القبيلة غير مهمة لهم بقدر أهمية مصلحتهم الخاصة، لكن تبقى العصبية القبلية مهمة لهم ويبقى أبناء القبيلة وقودا يستمدون منهم ديمومة نفوذهم ومكانتهم وفق ثقافة راسخة مكتسبة ومتوارثة، وإلا ماذا حقق شيوخ قبائل حاشد وبكيل لقبائلهم؟!
لكنها العصبية التي تعانيها اليمن حتى اليوم، والتي حالت دون تذويب الثقافة الاجتماعية في بوتقة الهوية الوطنية الجامعة التي تحدد هوية المواطنة وثقافتها وقيمها الأخلاقية..
دوافع وثقافة وأسباب تلك الأحداث المتراكمة التي طالت تعز ورموزها وأبنائها ورموز وواجهات اجتماعية أخرى من بقية المحافظات اليمنية، تبلورت بصورة ترحيب وابتهاج بحركة 13 يونيو التصحيحية التي اعتبرها اليمنيون نافذة الانعتاق من براثن سطوة وسلطة القبيلة وهيمنتها وجاءت برئاسة الرئيس الحمدي الذي التف حوله كوكبة من الوطنيين الشرفاء، وكان الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي يدرك جيدا أغوار الجراحات الغائرة التي تستوطن وجدان وذاكرة شرفاء الوطن عامة وأبناء تعز خاصة وبمختلف طبقاتهم وشرائحهم الاجتماعية الذين التفوا حول قيادة الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي واعتبروا مرحلته بمثابة رد اعتبار لثورة سبتمبر ولكل معاناة أبناء المحافظة وتضحياتهم حتى أن وجهاء وشيوخ تعز الذين كانوا أعضاء في( مجلس الشورى) الذي حله الشهيد الحمدي ورفض إعادته وتنصيب عبد الله بن حسين رئيسا له فحاول الشيخ عبد الله الاتصال بشيوخ تعز من أعضاء المجلس الذين رفضوا محاولته وايدوا خطوات الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي، فنالوا بدورهم كرئيسهم غضب (الشيخ الأحمر وخبرته وداعميه) فخطط ودبر وكانت جريمة اغتيال الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي نكسة أخرى تضاف لسلسلة النكسات التي عشتها بلادنا، وكان يوم 11 أكتوبر 77 م أكثر كارثية من 5 نوفمبر وفصل من فصول تطويع الإرادة الوطنية ومحطة تنقية أخرى تمهيدا لسطوة النفوذ القبلي ورؤية قبلية لم ترى الحمدي الا كما رأت قبله المشير السلال..؟!
كانت تعز مثل بقية النطاقات الجغرافية الوطنية قد التفت وبحماس حول قيادة الرئيس الشهيد الحمدي، متوهمة انها تجاوزت سطوة الطائفية القبلية وأنها تساهم في تشييد مداميك وأسس الدولة اليمنية الحديثة، دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية.. وكانت هذه القناعة لا تحصر نفسها في عقول أبناء تعز بل كانت قناعة كل أبناء الشعب اليمني، إلا رموز القبيلة الذين كان لهم رأي وموقف آخر مغاير لكل هذه القناعات، ولذا كانت مذبحة 11 أكتوبر 1977 م التي كانت كارثة وفاجعة لقلة نخبوية تدرك خطورة وإبعاد الجريمة، لكنها في السياق العام كانت وكأنها مجرد حادثة عابرة..؟!
وكان الغباء الحزبي وتطرفه حاضرا يعيد اجترار مواقف العبث الانتهازي وثقافة التشفي والمكايدات العبثية، أو (التكتيك) على رأي الفنان العربي الفلسطيني عبد الله الحداد..؟!
ففي شمال الوطن تنفس ( الرفاق في حزب البعث) الصعداء برحيل الحمدي؟ ورقصوا (البرع مع القبيلة) ورموزها، فيما الرفاق في جنوب الوطن وجدوا في الحادثة فرصة للتخلص من الرئيس سالمين المتهم ب(الماوية) وغير مخلص (للماركسية اللينينية) و (الحزب الطليعي من طراز جديد)..؟!
فتم التخلص من الرجل على ذمة جريمة دبرت بليل وليس له علاقة إطلاقا بها واتحدى كل من لايزل عائيش من ترويكا النظامين أن يثبت علاقة الرئيس الشهيد ( سالمين) بمقتل( الغشمي) لكن كان يمكن مسألة ( محمد خميس، وصالح مصلح، وأحمد مساعد حسين) والشيخ الأحمر، ومخابرات أصحاب السمؤ..؟!
ومن أكتوبر 77_ حتى أكتوبر 78م بلغ الاستهداف الطائفي والمناطقي ذروته بخروج الرائد عبد الله عبد العالم من السلطة وتشتيت قوات المظلات وتفكيكها، وتصفية شيوخ تعز الذين رفضوا الاصطفاف إلى جانب الشيخ الأحمر ضد الحمدي ثم إلقاء التهمة على قائد قوات المظلات الرائد عبد الله عبد العالم زورا وبهتانا لكن وكما اتهم (سالمين) بقتل الغشمي، اتهم عبد العالم بتهمة لم يرتكبها ولكن حسب رغبة الترويكا القبلية ومن يقف خلفها داعما وممولا، ثم تم تصفية( الكوادر الناصرية) وفي مقدمتهم الشهيد عيسي محمد سيف القدسي وزملائه بتهمة الانقلاب فيما الانقلاب كان انقلاب ابيض لم تسفك فيه قطرة دم واحدة ولولا الحقد الطائفي والمناطقي والحزبي والقبلي لما تم إعدام أولئك الرجال، لكن تلكم كانت رغبة الغطرسة القبلية ، لترتفع على إثر ذلك راية القبيلة خفاقة في سماء الوطن بكل ما تحمل من موروثات طائفية ومذهبية ومناطقية، ليتم بعدها تجريف كل الشوائب الواقفة في طريق( القبيلة) التي عاشت في ازهي مراحلها حتى عام 2011م ..؟!
يتبع |