ريمان برس - خاص -
خلال الفترة الممتدة من عام 1962 م وحتى عام 2010م مارست الترويكا القبلية ورموزها النافذة كل ما من شأنه إعاقة قيام دولة المؤسسات والنظام والقانون والمواطنة المتساوية، وحين اتحدث عن ترويكا الرموز القبلية، فأني لا أتحدث عن مجرد (شيوخ قبلية) يمكن مقارنتهم بأقرانهم _مثلا _في تعز وتهامة وريمة، لكني اتحدث عن رموز مشائخيه يرتبطون بعلاقات خارجية واسعة ولديهم قنوات تواصل مباشرة مع أنظمة دول الجوار وأنظمة أخرى عربية وغير عربية، لكن تبقى أنظمة دول الجوار وخاصة دول الجوار الخليجي الأكثر حضورا في علاقتها مع رموز الترويكا القبلية الذين يحضون بدعم ورعاية هذه الأنظمة وأجهزتها، ويقدمون خدماتهم لهذه الأنظمة متى احتاجت إليهم، حتى أن بعضهم دفع بالآلاف من أبناء قبيلته للالتحاق بالأجهزة العسكرية والأمنية لبعض أنظمة الجوار، لهذا فإن كل أحداث اليمن التي مرت عليها كانت لدوافعها ونهايتها علاقة مباشرة بأنظمة الجوار..؟!
وقامت هذه العلاقة برعاية ومعرفة السلطة وأجهزتها الأمنية، فيما أكبر شيخ تعزي أو ريمي أو تهامي كان إذا دخل لحوش مبنى سفارة في صنعاء لطلب تأشيرة سفر بغرض العلاج أو الزيارة سرعان ما تستدعيه أجهزة الأمن للتحقيق معه ومعرفة سبب زيارته لهذه السفارة أو تلك.. هذا أن كان (شيخا) أو شخصية وجاهية واعتبارية، لكن ان كان مواطنا عاديا أو طالبا، كان يعتقل ويزج به في زنازين الأمن الوطني _سابقا _السياسي _حاليا لأشهر ويتعرض لكل صنوف التعذيب..؟
على مدى سنوات طويلة هيمنت الرموز القبلية على شئون الدولة والوطن وتحكمت بالسلطة وقراراتها وكانت السلطة طيلة هذه السنوات في خدمة رموز القبيلة الذين استباحوا كل قدرات الوطن وتنعموا وحدهم بحقوق المواطنة ومن أجلهم اخترقت القوانين وانداست الدساتير والتشريعات، لأنهم ببساطة هم الدولة والسلطة والوطن، وما عداهم مجرد (رعية وخدم)..؟!
حتى أن خلافات هذه الرموز فيما بينها أن حدثت بسبب تضارب المصالح كانوا يحتكمون لدى ( أمراء الرياض)، وإذا حدث تباين بين مواقف صنعاء والرياض أو أي عاصمة خليجية، كان هؤلاء المشائخ يتوسطون لرموز السلطة في صنعاء لدى أمراء الدول الخليجية غالبا..؟!
لذا أصبحت القبيلة برموزها أكبر من الدولة والسلطة والمؤسسات وكانت (السلطة) برموزها مقتنعين بهذا السلوك بزعم (حماية السلطة والنظام) من أي استهداف أو محاولة لإسقاطهما ..؟!
ويمكن القول إن السلطة ورموز القبيلة كانوا جميعا _موظفين في بلاط أصحاب السموء _ ومن هناء استمدوا جميعا ديمومة غطرستهم وتسلطهم على أبناء الوطن من هذه العلاقة المتشابكة مع أنظمة دول الجوار، ومنها امتدت هذه العلاقة لما هو أبعد من الأنظمة إلى أنظمة أخرى في المنطقة والعالم ..!
وظلت هذه العلاقة تنموء وتتسع، وبعد قيام حكومة الوحدة والانفتاح أخذت أبعاد أخرى وأنشطة اقتصادية واستثمارية، فتسابق رموز السلطة والقبيلة لتقديم التسهيلات الاستثمارية للشركات ليتحولوا لوكلاء لبعضها و(حماةً) لبعضها الآخر ليدخل رموز القبيلة والسلطة في (بازار التجارة والاستثمار) مقدمين أنفسهم في هذا الوسط كبدلاء لبعض الرموز الرأسمالية ومنافسين لأصحاب المهنة، الذين كانوا في الغالب ينتمون لمحافظة تعز الذي بدأ القطاع الرأسمالي فيها يترنح شيئا فشيئا، ومع تفجر حرب صيف 1994 م هرولة القبيلة بعدها وعتادها لحسم تلك الحرب لصالحها كما خططا لها مسبقا، ولم يتوقف أحدا أمام واقعة هزيمة جيش كان يعد الأحدث والأفضل والأكثر احترافا في المنطقة كجيش( جمهورية اليمن الديمقراطية) الذي كان وكما اسلفنا سابقا لايزل حتى وقت اندلاع الحرب يحتفظ بكامل قوامه وقدراته، ليهزم أمام جيش عجزا لاحقا عن مواجهة شلة (متمردين في صعده) كما كان يصفهم النظام في ستة حروب انتهت بأن أصبحت (المليشيات المتمردة سلطة وشرعية) فيما (السلطة وجيشها ورموزها أصبحوا خونة ومرتزقة) هاربين من البلاد..؟!
يتبع |