ريمان برس - خاص -
عام 2006م وأثناء الحملات الانتخابية كنت ضمن الطاقم الإعلامي المرافق لرئيس الجمهورية وذات يوم وأثناء ما كنا ننتظر وجبة الغذا في القصر الجمهوري بسيئون، سألني الرئيس بقوله :
طه انت عامري من وين؟
(أنا).. من اعمور الأعروق.. حيفان..
(الرئيس) .. هااا انتم ما لكم شيء معكم (بيت هائل)..وبغض النظر ان كنت فهمت قصده أم لا.. لكني رديت عليه بقولي : هل اعتبر الحاج علي محمد سعيد رمزي السيادي يا افندم..؟
( الرئيس) يبتسم (لقن يا ولد العامري)..
(أنا) : بعض ما عندكم يا افندم..
(الرئيس) :قالوا انك وفي مع عبد الله عبد العالم وتكتب عنه..؟
(أنا) : نعم ولوا لم اكون وفيا معه لن أكون وفيا معك..
(الرئيس) : ماذا يقول لك عني؟
(أنا) : يقول انه وفي اجتماع مجلس القيادة يوم 16 يونيو 1974 م جاء متأخرا للاجتماع، وكان محور الاجتماع ترشيح قادة الألوية، وان الرئيس الحمدي كان قد رشح الرائد على قناف زهرة، والمقدم أحمد الغشمي رشح الرائد حمود قطينة، فاعترض الرائد عبد الله عبد العالم على هذه الترشيحات وأبلغ رئيس وأعضاء المجلس أن هناك ضابط ممتاز يقود سرية دبابات في باب المندب اسمه على عبد الله صالح وهو ضابط مناسب لتولي مسئولية قيادة لواء تعز.. فوافق المجلس بالإجماع على هذا الاقتراح.
(الرئيس) : ألم يبلغك اني اتواصل معه هاتفيا كل خميس..؟
(أنا) لا لم يبلغني بهذا.
(الرئيس) : انا مستعد أن أصدر قرار عفوا عنه، لكن الشيخ عبد الله (يكرهه) ولا يريده أن يعود، وإذا عاد سيحرض المشائخ ضده لقتله..!
لاحظوا الحوار لم يكن مع وزير أو حتى رئيس وزراء بل مع رئيس الجمهورية وقد وردا هذا الحوار في كتاباتي يؤمها ضمن انطباعاتي عن الرحلة إلا الجزء المتعلق بالشيخ الأحمر لم اتطرق له في أيا من مقالاتي السابقة وان كان مدون في المذكرات التي احتفظ بها، ولم انشر ما يتعلق بالشيخ الأحمر رغم اني يؤمها سألت احد الزملاء عن رأيه فيما قاله الرئيس عن الشيخ، وهل بالإمكان صياغة خبر وتسريبه؟ فرد زميلي باقتضاب (أن فعلت الله يرحمك)..؟
ما يمكن استنتاجه من هذا هو أن( النفوذ القبلي والمشائخي) كان يطغى على نفوذ الدولة والسلطة والرئيس والمؤسسات، ويكشف عن عجز رئيس الجمهورية أمام هذا النفوذ، بغض النظر ان كان الرئيس صادقا أو كاذبا فيما قاله، لكن انا وغيري نفهم مثل هذا الموقف بأنه موقف يعبر عن عجز السلطة ورئيسها عن لجم الغطرسة القبلية وربما تتجسد هذه الحقيقة في جريمة اغتيال الصديق الشهيد عبد الرقيب القرشي _رحمة الله تغشاه _الذي عاد إلى العاصمة صنعاء بطلب رئاسي ونزل في (فندق تاج سباء) بالعاصمة ضيفا على رئاسة الجمهورية وقد شات الأقدار أن قمت بزيارته يوم الخميس انا والزميل الاستاذ سمير المقطري _مدير عام العلاقات العامة في شركة التبغ والكبريت _والمناضل الوطني والقومي، وفي لقاء مع الشهيد في لوبي الفندق استمر لأكثر من ساعة ونصف تقريبا، أكدا لنا أخينا انه جاء بطلب من الرئاسة وان ثمة لقاء سيتم ترتيبه خلال الأيام القادمة مع الرئيس، وحين سألته ألم يخشى خصومه رد بثقة بما يفسر انه تعب من الغربة وأنه عاد وليحصل ما يحصل فلم يعود هناك ما يتوجب أن يخشاه، فطلبت منه أن يأتي في اليوم التالي الجمعة لتناول الغدا في منزلي، فأجاب انه الجمعة سيكون ضيفا على (شقيقته) واتفقنا على التواصل يوم السبت..
في اليوم التالي الجمعة وأثناء عودته من صلاة الجمعة للفندق ليتوجه بعدها لمنزل (شقيقته) تم اغتياله وهو على درج الفندق( قنصا) من على( جسر الصداقة)..!
إذا أين كرم الضيافة؟ واين مسئولية المضيف؟ وطالما الرئاسة هي من استدعت الرجل رسميا وهو لبي الدعوة عن ثقة، ألم يكون ملزما على الرئاسة توفير الحماية له؟
خاصة وهي تعلم أن هناك ثمة من يستهدف الرجل على خلفيات مزاعم وتهم كيدية، وحتى لو كانت التهم بحقه حقيقية، إلا يفترض أن تكون الدولة هي الجهة المخولة بالاقتصاص ومن خلال محاكمة عادلة ومنصفة تؤكد ما نسب إليه؟ أم أن هذه الجريمة جاءت لتؤكد صدق ما ذهب إليه الرئيس من قول يؤكد فيه أن سلطة الشيخ عبد الله كانت أكبر من سلطته؟ والتأكيد على أن سلطة القبيلة تتجاوز سلطة الدولة؟!
والأدهى والامر مما رافق تلك الجريمة هو قيام إحدى الوسائل الإعلامية المحلية ببث خبر عاجل عبر الموبايل تؤكد فيه ( اغتيال الشهيد عبد الرقيب القرشي وتؤكد أن المعلومات تشير إلا الشيخ نجيب منصور شائف العريقي الذي ثارا على مقتل والده وشقيقه في إحداث الحجرية)؟!
والمثير في هذا النشر أنني ومنذ صباح الجمعة المشئومة تلك كنت برفقة الشيخ نجيب منصور والأستاذ عبد الجبار سعد _رحمه الله _وصلنا الجمعة معا في جامع الصالح _الشعب حاليا _ وجاء الخبر ونحن نتناول الغدا في منزل الاستاذ عبد الجبار سعد، الذي إصابته الدهشة من هكذا الخبر، فأسرعت بدوري للاتصال لرئيس تحرير تلك الوسيلة وأخبرته بان ما نشره غير صحيح، فتدارك مشكورا وعمل تكذيبا للخبر، مؤكدا أن الأجهزة الأمنية لا نزل تجري تحقيقاتها بحثا عن القاتل..؟!
قد ياخذ البعض حكاية الخبر بخطاء تم تصحيحه لكن الأمر لم يكن كذلك فمن سرب للصحيفة الخبر وأشار للشيخ نجيب منصور شائف كان قطعا يقصد جيدا تسريب هذه الشائعة وهو يعرف ما يريد؟!
وما كان يراد من الخبر الكاذب هو أبعاد الأنظار عن الجهة الجانية من ناحية ومن الأخرى القول أن أبناء تعز والحجرية تحديدا يصفون حساباتهم ويثأروا من بعضهم وكي عقل المتلقي الذي سرعان ما سيربط بين ما حدث بالحجرية قديما والجريمة خاصة والشيخ نجيب منصور ذهب والده الشيخ منصور شائف وشقيقه الشيخ أحمد منصور شائف في تلك المذبحة وبالتالي من السهولة أن يصدق المتلقي الشائعة وان لبعض الوقت فقط، حتى يتمكن من دبر الجريمة وتواطاء على ارتكابها من تشتيت المعلومات وصولا إلى تجهيل الفاعل وهذا ما حدث فعلا..؟!
وهناء يمكن إستشراف أسواء السلوكيات الطائفية والمناطقية وإدراك قوة النفوذ القبلي، وما جريمة اغتيال الاستاذ جار الله عمر عن الذاكرة ببعيد وكيف تم اغتيال مناضل وشخصية وطنية بحجمه وداخل قاعة المؤتمر وعلى الهواء مباشرة، حتى رد فعل الشيخ عبد الله حين ضجت القاعة خاطب من كانوا خلفه بقوله (اهجعوا هو جار الله)..؟!
وفق هذا المنوال راحت مخططات الاستهداف تغرز خناجرها وحرابها في صدور شرفاء الوطن ومن مختلف الطبقات الاجتماعية وكانت مرحلة استهداف الرأسمالية التعزية بصفة خاصة والوطنية بصفة عامة إلا في المرتبة الرابعة من مخطط الاستهداف الذي بدأ بالرموز العسكرية والأمنية ثم الطبقة الوجاهية والمشائخية ثم الطبقة السياسية والمكونات الحزبية والثقافية الناشطة، ثم في المرتبة الرابعة الطبقة الرأسمالية التي بدأ تجريفها منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي..!
يتبع |