ريمان برس - خاص -
كثيرة هي التساؤلات التي تطفح من الذاكرة تبحث عن إجابات مقنعة لكل ما يعصف بالذاكرة والخارطة الوطنية، وعن نهاية لكل ما يجري وشكل هذه النهاية أن توفرت وتوصل إليها أطراف الصراع وصناع الأزمة التي جاءت هذه المرة مختلفة عن كل ما سبقها من أزمات شهدتها البلاد خلال العقود الماضية، من حيث الدوافع والأسباب والغايات، وكذا من حيث الخطاب السياسي المرادف للأزمة ومفرداته الثقافية والفكرية الأكثر غرابة من حيث تطرفها في إلغاء الآخر الوطني والتنكر لهويته ومحاولة كل طرف إجتثاث الآخر من الذاكرة والوجود..؟!
سابقا عرفت اليمن أحداث سياسية وخصومات واحتراب وصراعات دموية، غير أن كل ذلك كان ينتهي بالتوافق تارة أو بترحيل الاحداث عبر تفاهم عقلاء البلاد ومرجعياتها والرموز المؤثرة فيها أو من خلال التدخلات العربية، فيما الأحداث كانت تدار من قبل الترويكا النخبوية النافذة على الخارطة الوطنية بمعزل عن الشعب الذي كان يجد نفسه في حالة ذهول عند كل حادثة دامية تحل بالوطن دون أن يكون جزءا أصيلا فيها وان كان لا يخفي انحيازه الصامت لهذا الطرف أو ذاك، غير أن ذلك الانحياز لم يدفع بالجموع الشعبية لأن تصبح جزءا من وقود تلك الأحداث.. بل كانت هذه الجموع تحبس مشاعرها وقناعتها في ذاتها الوجدانية وتقبل نتائج تلك الأحداث مهما كانت مؤلمة..!
غير أن أحداث اليوم تختلف شكلا وموضوعا عن كل ما سبقها من أحداث، أحداث اليوم خرجت بفعل الشحن الثقافي والفكري وبفعل مفردات الخطاب السياسي الذي اعتمده أطراف الصراع عن نطاق المتصارعين ليشمل كل المكونات والطبقات الشعبية والشرائح الاجتماعية التي وزعت ولائها وقناعتها بين أطراف الصراع وهناك من ذهب بعيدا في التعبير عن قناعته ورغباته بصورة غير مسبوقة، الأمر الذي يضع الوطن والشعب بكل مقوماتهما الوجودية على( كف عفريت) كما يقال وبيد مجموعات لا ترى في الوطن وطنا بل منجما تبحث فيه عن مصالحها وإشباع رغباتها (المذهبية والطائفية والقبلية والمناطقية)، هذه المجموعات لن تتردد في تقزيم الوطن وتمزيق النسيج الاجتماعي في سبيل الانتصار لاهدافها وتحقيق مصالحها الذاتية..؟!
والمؤسف أن الغالبية الصامته عاجزة في التعبير عن ذاتها غارقة في أزماتها اليومية التي اغرقها فيها المتصارعين ولم يعد هنا المواطن الغلبان يبحث أو يفكر بوطن بقدر ما انحصرت اهتماماته في البحث عن (راتب أو بعضا منه) والانهماك حتى الانشغال والتفرغ في البحث عن (دبة الغار ودبة البنزين، وكيس الدقيق وقطمة الرز والسكر) وكيفية تدبير (إيجار البيت ومتطلبات الأطفال)..؟!
ليذهب البعض متظاهرا بحماسه مع هذا أو ذاك ليس حبا به أو إقتناعا بمواقفه وخطابه وسلوكه، بل حبا في تأمين متطلبات الحياة اليومية وبما يمكنه وأطفاله في البقاء على قيد الحياة..؟!
حالة استلاب بلغت حد التيه يعيشها الشعب اليمني علي خلفية الأحداث التي تشهدها البلاد، فيما المتصارعين يتمترسون على تخوم مصالحهم رافعين شعار (نكون أو لانكون) مؤمنين حد اليقين أن من لا يفرض شروطه على الآخر اليوم فإنه لن يتمكن من فرضها بعد ذلك مطلقا..!!
وفي سبيل تحقيق هذه الغايات يذهب كل طرف بعيدا في تثبيت وتأكيد حضوره واحقيته مستخدما كل الوسائل ومرسخا على الواقع الممكن والمستحيل من كل ما يثبت وجوده ويجسد احقيته و (سيادته) كي يثبت للآخر إنه الأولى والأحق في السيطرة وبسط النفوذ وان الآخر لا مكان له ولا وجود..؟!
يتبع |