ريمان برس - خاص -
منذُ تفجرت ما اصطلح على تسميته ب (ثورة الربيع العربي) وان كنت مصرا على تسمية تلك الأزمة _المؤامرة ب (الربيع العبري)..؟
المهم منذُ تفجرت تلك الأزمة _المآسة قبل عقد وبضع سنوات وطالت آثارها الكارثية كل مناحي الحياة الاجتماعية، غير أن الأسوأ في تداعيات تلك الكارثة هو ما لحق بالقطاع الخاص والراسمالية الوطنية التي عدت نفسها لعقود كجزءا من التحولات الحضارية والتنموية الوطنية، ورغم الصعوبات والتحديات التي واجهها هذا القطاع من قبل ترويكا النفوذ السلطوي، ورديفه ترويكا الرأسمالية الطفولية بعد حالة الزواج (الكاثوليكي) التي ربطت بين ترويكا النفوذ السلطوي وترويكا الرأسمالية الطفولية ليشكلا معا ترويكا ثالثة يمكن تسميتها بترويكا (الفساد) المنظم والمشرعن والمقونن والغير قابل للاختراق أو إدراك أثره وأثر رموزه حتى من قبل منظمات الشفافية الدولية وأجهزة الإنتربول، فانعكست كل هذه التداعيات على نشاط الرأسمالية الوطنية وكانت اليمن أكثر البلدان العربية التي تعرضت فيها قوي الرأسمالية الوطنية والقطاع الخاص لعمليات استهداف ممنهجة حدت من نشاطها إضافة إلى تعدد الجهات المتحكمة بالقرار الوطني، إذ وخلال فترة الأزمة كان هذا القطاع عرضة لابتزاز أطراف الأزمة بدءا من الابتزاز المادي وصولا للابتزاز السياسي ورغبة كل طرف من أطراف الأزمة في ضم رموز الرأسمالية إلى صفه وإظهار هذا القطاع ورموزه وكأنهم من مؤيديه وأتباعه في مواجهة الطرف الآخر..!!
وكان على هذا القطاع أن يحافظ على حياديته وان يمارس أنشطته بما لا يؤدي إلى انهياره، ومع تحول الأزمة إلى حرب داخلية وامتداد إقليمي ودولي لهذه الحرب، وجد القطاع الخاص نفسه وأنشطته أمام تحديات غير مسبوقة، تحديات تهدد بنسف هذا القطاع الذي يعد من أكثر القطاعات الوطنية المتضررة من الأزمة والحرب، إذ ومع الإجراءات القسرية التي طالت أنشطة هذا القطاع وتعرض العديد من منشأته الاقتصادية والصناعية لضربات جوية أو لقذائف الأطراف المحلية المتحاربة، الأمر الذي كبد هذا القطاع خسائر كبيرة، فأن تحديات أخرى فرضت نفسها على هذا القطاع والمتمثلة في تحديات ومخاطر التسويق الداخلي بعد أن تم تقطيع الجغرافية الوطنية وسيطرة المسلحين والمتحاربين عليها ومن ثم إقدامهم _أي المسلحين والمتحاربين _على فرض قوانينهم الخاصة على حركة النشاط الاقتصادي من ناحية وإبتداع كل فريق لقوانين وتشريعات خاصة به يطبقها على نشطاء هذا القطاع، إلى جانب إرتفاع نسبة التأمين دوليا على حركة النقل من وإلى اليمن، في الوقت ذاته إقدام الأطراف المتحاربة على اتخاذ إجراءات سعرية وفرضها على منتجات هذا القطاع المصنعة محليا والمستوردة منها دون مراعاة الضروف الاستثنائية التي يعمل في ظلها هذا النشاط، في الوقت ذاته تؤغل المكونات المتصارعة محليا في ابتزاز هذا القطاع وفرض الاتاواة والجبايات ورفع نسبة الرسوم الجمركية بل وتعدد منافذ الرسوم، وخلال فرض الحصار مثلا على ميناء الحديدة كانت ميناء عدن هي محطة استقبال المستوردات بكل اصنافها، فكان المستورد يرسم ويجمرك في الميناء، ثم يشحن ما أستورد إلى المحافظات الشمالية فتحجز بضاعته في منافذ سلطات الشمال وكان عليه أن يكرر دفع الرسوم الجمركية والمستحقات الأخرى، بل ووصل الحال ان التاجر إذا أراد نقل بضاعة من تعز إلى صنعاء _مثلا _عليه أن يدفع مبالغ لصندوق تحسين إب، وصندوق تحسين ذمار، وصندوق تحسين صنعاء، ثم تصل الشاحنات لجمرك أمانة العاصمة وعلى أصحابها مخارجة أنفسهم..؟!
ثم وبعد كل هذه التعسفات تأتي وزارة الصناعة باجرائتها لتفرض تسعيرة على منتجات ومستوردات القطاع الخاص بذريعة كسر الاحتكار وضبط المتلاعبين بالأسعار في ظاهرة لا يمكن تفسيرها إلا ب (العنطزة والعنترية الكاذبة) التي يراد منها تلميع السلطات القائمة على حساب القطاع الخاص الذي وبالرغم من كل الجهود التي يبذلها حفاظا على السكينة والاستقرار الاقتصادي وان بحدوده الدنيا تسعى أجهزة السلطات وتصر بتكبر وعنجهية على (شيطنة القطاع الخاص) فيما هي لم تقدم تسهيلا يذكر لهذا القطاع بل تواصل ابتزازه بكل المناسبات وتطالبه بدفع الجبايات وتخترع له قصص وحكايات زائفة ولا أساس لها إلا رغبة هذه السلطات في مواصلة استهدافها الممنهج لهذا القطاع وكأنها تثأر منه أو تحسده على نجاحه وعلى ما يملك، وقد تعرض الكثير من رموز الرأسمالية الوطنية لعقاب استهدافي من قبل سلطة الامر الواقع في صنعاء طيلة سنوات تسلطها ووضعت يدها على ممتلكات الكثيرين، ولم تسلم من إجرائتها التعسفية أكبر مجموعة اقتصادية وصناعية في اليمن والمنطقة، وأول مجموعة مؤسسية تعمل بشفافية ونزاهة وتعد رافعة أساسية للاقتصاد الوطني ولا يمكن استهدافها واستهداف نشاطها إلا أن كان من يحاول ذلك (مجنون) أو مسؤل يتمتع بقدر من (الجهالة والغباء)..؟!
حتى وإن توهم انه قادر أن يعوض نشاط هذه المجموعة أو يغطي نشاطها لأن المجموعة تمثل إيقونة للتنمية الوطنية وحاضنة للاقتصاد الوطني واستهدافها كفيل بانهيار كلي للاقتصاد وهروب حتمي لكل رموز هذا القطاع ولكل المستثمرين الذين يعيشون على أمل أن يعقل من يقبضون على مفاصل السلطة وان يتعاملوا بوعي وعقلانية، وهم المطالبين في ظل هذه الضروف الاستثنائية أن يقفوا داعمين لهذا القطاع وتشجيعه كي يستمر في تقديم خدماته وان يقدموا له التسهيلات والحوافز التي تمكنه من مواصلة رسالته الوطنية..!
أن كل الشواهد التي نراها ونتابعها تؤكد أن الرأسمالية الوطنية، ورموزها يتعرضون لحملات استهدافية دوافعها (الحقد) والرغبة في تطفيش رموز هذا القطاع وتشريد آلاف العمال والموظفين التابعين لهذا القطاع، نعم أن ما يتعرض له هذا القطاع ليس تطبيقا للقانون، إذ لا يوجد قانون يجبر المُصنع والمستورد على بيع سلعة ينتجها أو يستوردها بأقل من تكلفتها الفعلية، فقط كي يقال ان هذا المسؤل ذكي وشاطر وناجح ولكن في تخفيض أسعار السلع وإجبار بائعها بالبيع بخسارة..؟!
طيب لماذا لا تقوم هذه الجهات بتقديم حوافز لهذا القطاع واعفائه من بعض الرسوم والجبايات ليقوم بدوره بالبيع ولو بسعر التكلفة وبدون فوائد؟!
يتبع |