الرئيسية  |  الاتصال بنا  |  فيس بوك
ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ -    خطر ببال كثيرين أن احتفائي بخطاب السيدة توكل كرمان لمناسبة الذكرى الثالثة والثلاثين لإعلان 22 مايو 1990 جاء في إطار الاستياء من خطاب الرئيس رشاد العليمي الذي ألقاه لنفس المناسبة خاصة وأن توكل وصفت العليمي في خطابها بأنه من أدوات الرياض وأبو ظبي، وهذا أمر لا أستطيع أن أجاريها فيه لأنني لا أملك دليلا عليه يعتد به من الناحية القانونية، كما أنني

الأحد, 07-مايو-2023
ريمان برس -

28-5-2023
................................................................................................
خطر ببال كثيرين أن احتفائي بخطاب السيدة توكل كرمان لمناسبة الذكرى الثالثة والثلاثين لإعلان 22 مايو 1990 جاء في إطار الاستياء من خطاب الرئيس رشاد العليمي الذي ألقاه لنفس المناسبة خاصة وأن توكل وصفت العليمي في خطابها بأنه من أدوات الرياض وأبو ظبي، وهذا أمر لا أستطيع أن أجاريها فيه لأنني لا أملك دليلا عليه يعتد به من الناحية القانونية، كما أنني لم أكن في يوم من الأيام قريبا من هذا الرجل أو على علاقة مباشرة به حتى أحكم له أو عليه، وما بين يدي هو خطاب ألقاه في ذكرى إعلان وحدة 22 مايو ولن أحاكمه إلا من خلال ذلك الخطاب فقط، وعلي من أجل ذلك أن أقرأ كل كلمة في سياقها ومن خلال النظر في موقع المتكلم.
اتسم خطاب الرئيس رشاد العليمي بقدر وافر من المسئولية وبدا أنه صادر عن رجل يدرك أن عليه القيام بمهام لا يستطيع معها إلا أن يلتفت إلى حقائق الواقع بمنتهى الهدوء والحكمة. فالرجل قال كلاما محسوبا بدقة وهو يمشي فوق حقل ألغام يعرف عنه ما لا يعرفه نائب رئيس البرلمان عبد العزيز جباري الذي يريد أن يحاكمه بتهمة الخيانة العظمى، فضلا عن آخرين قوَّلوا الخطاب ما لم يقله وبينهم أسماء نحبها ونحترمها، وهي فعلا جديرة بالاحترام.
ليس مطلوبا من الرئيس العليمي أن يتكلم على هوى أحد مادام كلامه يخرج مشبعا بروح القانون، ومادامت مضامين خطابه قد جاءت واضحة لا لبس فيها وبنبرة متوازنة وكلام مسئول يراعي جراح الجنوب وأنين الشمال، وبلغة قانونية رفيعة. وليس بيننا من لا يعرف أننا عشنا لعقود طويلة لم نعتد خلالها على سماع مسئول يتكلم في حدود مسئوليته وبما يحتمه عليه الدستور والقانون.
لقد ورث الرئيس العليمي تركة هائلة من التعقيدات حتَّمت عليه أن يسعى إلى تفكيكها من خلال الموازنة بين مكوناتها المختلفة. والرجل لم يأتِ من داخل مشروع ثوري، وليس وراءه اصطفاف جماهيري شعبوي يستطيع به أن يكون حرا من الالتزامات وقادرا على الضغط والمفاوضة وانتزاع حقوق.
وقياسا إلى الرئيس العليمي فإن السيدة توكل ليس عليها القيود التي عليه، كما أنها ليست في موقع المسئولية، وهي كذلك خارج الالتزامات البيروقراطية، ومسئوليتها الأدبية اختيارية وطوعية وليست اجبارية كما هو الحال بالنسبة للرئيس. لكن كل هذا لا يقلل من قيمة خطابها الذي وصفته-وما أزال-بأنه تاريخي وبالذات فيما يتعلق بمعاني التمسك بالوحدة اليمنية. ولو أن خطابها أتى على حرب 1994 معرياً دوافعها، وأدان نتائجها الكارثية، ودعا إلى اصطفاف وطني واسع معززاً بآلية لتنفيذه، لكانت بذلك قد منحت العليمي سندا واقعيا يعطيها المشروعية أن تقول له: اتخذ القرار الشجاع ونحن من ورائك في المجتمع. ومهما يكن من أمر فمازال أمام السيدة كرمان متسع من الوقت من أجل قراءة أعمق لتعقيدات بيئة اشتغال الرئيس العليمي.
لقد أكد العليمي في خطابه على أن الاحتفاء بذكرى 22 مايو جاء وفاء لتضحيات القادة العظام الذين توجوا أهداف سبتمبر وأكتوبر بتحقيق الحلم والتأكيد على واحدية المسار والمصير. وفي السياق ذاته أوضح أن إخواننا الجنوبيين كانوا سباقين إلى الوحدة تنشئة وفكرا ونضالا. وفيما يتعلق بالقضية الجنوبية جدد خطاب العليمي التأكيد على عدالتها وعلى حق الجنوبيين في الالتفاف حولها بعدما انحرف مسار المشروع الوحدوي وأفرغ من مضمونه وقيمته التشاركية بعد حرب صيف 1994.
والحقيقة أن أي إشارة بالسلب إلى حرب صيف 1994 تثير قدرا كبيرا من الحساسية لدى كل من يعتقد بمشروعية تلك الحرب ويرى إدانتها خيانة عظمى، وعبد العزيز جباري ينتمي إلى هذا الصنف من الغوغاء الذين ينظرون إلى الجنوب على أنه الفرع الضال الذي يجب أن يعود إلى أصله طوعا أو كرها، وهؤلاء هم ألد أعداء الوحدة وأكثرهم خطرا عليها. والحقيقة أن ظاهرة الغوغاء هذه لن تنتهي إلا بمحاكمة تاريخية علنية لرموزها وأبرزهم الرباعي علي عبد الله صالح وعبد الله بن حسين الأحمر وعبد المجيد الزنداني وعلي محسن الأحمر، محاكمة تتوفر لها كل شروط العدالة ليتمكن الشعب اليمني من معرفة الحقيقة كاملة حول حرب صيف 1994 وأسبابها ودوافعها ونتائجها الكارثية التي نقلت براميل التشطير من الجغرافيا إلى النفوس.
ومما جاء في خطاب الرئيس العليمي أن الاحتفال بيوم الوحدة "ليس نزوعا للمكايدة، وإنما التزام بقوة الدستور والمركز القانوني الشرعي للدولة المعترف بها إقليميا ودوليا"، وهذه صياغة قانونية رصينة لرئيس يعرف حدود مسؤولياته ويعبر عنها بعقلانية بعيدا عن الشعارات الزاعقة.
إن خطاب الرئيس العليمي خطاب تاريخي جامع موجه لكل اليمن ولكل اليمنيين، وهو فضلا عن ذلك خطاب واقعي. ولو أن الأحزاب السياسية مستوعبة لدورها ومدركة لواجباتها الوطنية في هذا الظرف المليء بالتعقيدات لعرفت كيف وإلى أين تسير الأمور، ولكانت عامل دفع وإسناد للرئيس، لكنها-للأسف الشديد-عامل إعاقة له. فالتجمع اليمني للإصلاح لا يستطيع أن يكون جزءا من الحل ما لم يتحرر من عباءته الأيديولوجية وينطلق إلى المساهمة في تحرير غيره. أما الحزب الاشتراكي في المحافظات الجنوبية فقد فك ارتباطه بجماهيره في تلك المحافظات وذهب يرهن نفسه للمجلس الانتقالي ضدا على برنامجه وعكس تاريخه الوطني ولصالح نزعات جهوية في إطار الجنوب ضارة بالوحدة الوطنية لهذا الجزء الغالي من الوطن اليمني الكبير، وليس بمقدور هذا الحزب أن يستعيد عافيته-حتى في إطار الجنوب-ما لم يتحرر من إرث أحداث يناير 1986 ويتخذ مواقف جادة ضد تطرف المجلس الانتقالي ونزعاته المناطقية الصريحة وارتهانه المكشوف بوقاحة للخارج. فالحزب الاشتراكي حزب يمني ولا يستطيع أن يكون أقل من ذلك لمجرد أن بعض القرويين يتحسسون من يمنيته ويسعون لإخراجه من الفضاء اليمني العام ودفنه في الفضاء القروي الضيق.
وعلى قيادة الحزب الاشتراكي في عدن، وعلى رأسها الأمين العام، أن تلتفت بجدية إلى النهج الذي يسير عليه الرئيس العليمي في معالجة المضامين الحقوقية للقضية الجنوبية باتجاه جبر الضرر ومداوة الجروح الغائرة التي أحدثتها حرب صيف 1994 وأن يمد يد العون-المعنوي على الأقل-لهذا النهج عوضا عن النحيب والبكاء الذي لا يعيد حقا ولا يجبر ضررا بقدر ما يصب المزيد من الزيت على النيران التي يشعلها المجلس الانتقالي لإحراق الجنوب والشمال معا.
إن المرحلة التي يمر بها اليمن في هذه اللحظة الحرجة من تاريخه هي مرحلة القيادة الجماعية وليست مرحلة القائد المنقذ والزعيم الملهم الذي بيده كل الحلول. والقائد المخلِّص في هذه اللحظة هو عقل جمعي عليه أن يتخذ موقفا واحدا، وهذا يقتضي أن يلتف حول الرئيس رجال دولة وطنيين يعينونه على تسريع حركته وتحقيق أكبر قدر من الإنجاز في أقل قدر من الوقت.
إن الحاجة ماسة اليوم لإدارة توافقات محلية وإقليمية ودولية بشأن المشهد اليمني وكيفية تعافيه. وهذا أمر لا تديره الشعارات ولا الجهد الفردي للقائد وإنما بحاجة إلى تظافر الجهود حول الرئيس الذي يدرك أهمية الفاعلين الإقليميين والدوليين في المشهد اليمني ويعرف كيف يدير العلاقة معهم لصالح اليمن بعيدا عن أي ارتهان. والمفترض في كل القوى الوطنية أن تقف ساندة للرئيس لا أن تعيق مسارات حركته.

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS

مختارات
جميع حقوق النشر محفوظة 2025 لـ(ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½)