ريمان برس - خاص -
بعد عقود من المعاناة والقهر والقتل والأسر والتهجير وهتك الأعراض وهدم البيوت ومصادرة الأراضي وتشييد المستوطنات، بعد كل هذه المعاناة اقدم الشعب العربي في فلسطين وبعد تخلي النظام العربي الرسمي عنه وعن قضيته وبعد الضغط على الشعوب العربية حتى من التعاطف مع قضية هذا الشعب، اقول بعد كل هذا القهر والغطرسة الاستعمارية الصهيونية فجر الشعب العربي معركة (طوفان الأقصى) بعد أن تعثرت كل الحلول مع العدو بما فيها الحلول الاستسلامية المتمثلة في اتفاق أوسلو، وتعثر طريق المفاوضات، وتخلي الرعاة الدوليين عن التزاماتهم تجاه الشعب الفلسطيني التي سبق وان قطعوها على أنفسهم أمام العالم ولكنهم تخلوا عن كل هذه الوعود ومكنوا الاحتلال من مواصلة الاستيطان واقتطاع الأراضي وهدم البيوت وأقتحام المدن العربية واعتقال وقتل أبناء الشعب الفلسطيني وتجريف مزارعهم والتنكيل بهم داخل السجون وداخل البيوت والمدن وفي المزارع والمخيمات، فيما العالم صامت والعرب رسميا وشعبيا كأن الأمر لا يعنيهم، فجأة طوفان الأقصى تعبيرا عن رفض شعبي عربي فلسطيني لكل هذه المعاناة مهما كانت تكاليفها، أن طوفان الأقصى لم تكن مغامرة من المقاومة كما أن جرائم الصهاينة التي ترتكب بحق الشعب العربي في قطاع غزة والضفة والقدس وداخل الخط الأخضر، هذه الجرائم لم تأتي ردا على ما حدث في 7 أكتوبر الماضي ولكنها تجري وتمارس منذ 76 عاما خلت يوم قام هذا الكيان الاستيطاني العنصري على أرض فلسطين العربية، 76 عاما والاحتلال يمارس كل صنوف الجرائم بحق هذا الشعب الذي بدوره لم يعد يحتمل الغطرسة الصهيونية، وهذا الصمود الاسطوري الذي تصمده المقاومة أمام أكبر جيش مدجج بالسلاح وبدعم أمريكي وغربي، ومع ذلك هزم هذا الحيش وحلفائه من هزيمة المقاومة رغم التضحيات الجسيمة والكبيرة التي راح ضحيتها حتى اليوم أكثر من 150 ألف عربي فلسطيني بين شهيد وجريح ومفقود وتشريد أكثر من اثنين مليون آخرين وتدمير القطاع بكامله، هذه التضحيات الكبيرة لم تهزم هذا الشعب ومقاومته بل زادهم اصرار على المقاومة والصمود وتحدي المحتل الذي أصبح اليوم مع حليفه الأمريكي يبحثون عن مخرج سياسي ويستدعون أنظمة في المنطقة صديقة لهم لتساعدهم على الخروج من المازق الذي وجدوا أنفسهم فيه في قطاع غزة وكل فلسطين.
أن كل نظام عربي سيقدم الدعم للصهاينة والامريكان هو نظام صهيوني وعميل ونعرف أن هناك أنظمة عربية تتمنى هزيمة المقاومة الفلسطينية وتتمنى أن لا تقوم دولة فلسطين ولا يرغبون بقيامها، وهذه الدول والأنظمة معروفة تاريخيا، لكن تدخلها اليوم للجانب الصهيوني أو ركب موجة الحلول السياسية بحسب المخطط الأمريكي _الصهيوني _الاستعماري الذي يريد أن يحقق للعدو بالمفاوضات ما عجز عن تحقيقه بالميدان والمجازر والمذابح الجماعية لاطفال ونساء وشيوخ فلسطين، وهذا ما نستشفه من خلال تصريحات المسؤلين الأمريكيين والصهاينة الذين يربطوا بين فكرة حل الدولتين والتطبيع مع الأنظمة العربية، متجاهلين هذه المجازر والدماء التي سفكت وتسفك منذ عقود ومتجاهلين سياسة التميز العنصري والتهجير والاستيطان وهدم البيوت والاعتقالات التعسفية والحصار والجرائم والانتهاكات اليومية التي تمارس بحق الشعب العربي في فلسطين، الذي حين قرر الدفاع عن نفسه قامت قيامة أمريكا والغرب الاستعماري، فيما كشرت واشنطن وبوقاحة سافرة عن مواقفها التي كانت مستترة لكن مؤخرا خرجت واشنطن عن سياستها التأمرية المبطنة وأظهرت حقيقة مواقفها وأنها هي العدو الرئيسي لفلسطين وشعبها وللأمة العربية والإسلامية ولكل أحرار العالم الذين يتطلعون للحرية والاستقلال والعيش بكرامة في أوطانهم دون هيمنة وتدخل أمريكا التي نصبت نفسها وصية على شعوب العالم دون وجه حق..؟!
أن النظام العربي اليوم مطالب بالصمت وترك الشعب الفلسطيني يقرر مصيره طالما وسبق لهذا النظام أن اقر واعترف بهذا الحق للفلسطينيين منذ عقود..؟!
أن من عجزوا عن حماية أطفال ونساء فلسطين من الموت والتشرد والتهجير والحصار والتجويع، ومن عجزوا عن إيقاف آلة الموت الصهيونية _الأمريكية التي تفتك لاطفال ونساء فلسطين وتدمر منازلهم على رؤسهم، ومن عجزوا عن إغاثة هذا الشعب بالماء والغذاء والأدوية، ليس من حقهم أن يتدخلوا اليوم بقضيته ويطوعوا إرادته لخدمة واشنطن والصهاينة..!
لقد أثبتت أمريكا إنها دولة صهيونية أكثر من الصهاينة وأنها رأس الحية وبيت الإجرام والمجرمين ومن يصطف معها ويتعامل مع مخططها هو صهيوني وعدو لفلسطين الشعب والقضية والحقوق والأهداف، وعدوا للأمة والعروبة والإسلام.
21 مايو 2024م |