ريمان برس - خاص -
ذات يوم مؤغل قال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر _رحمه الله _أن المقاومة الفلسطينية وجدت لتبقى وهي طليعة النضال العربي _وكان ناصر يرى أن الكيان الصهيوني هو طليعة المؤامرة الاستعمارية وان الهدف من زرعه في فلسطين قلب الأمة ليس الهدف منه فلسطين وحسب، وليس الأمر يتعلق بإقامة قومي لليهود فيها، ولكن الهدف والغاية من زراعة هذا الكيان هو أن يكون قاعدة عسكرية متقدمة للاستعمار الإمبريالي وتمزيق الوطن العربي وحماية المصالح الاستعمارية، وكأن ناصر يؤمن أن قضية تحرير فلسطين سلما أو حربا ليست قضية الشعب العربي في فلسطين بل هي قضية الأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم وان كان ناصر رأي أن الأمة العربية هي المعنية بتحرير فلسطين وان قومية المعركة هي الخيار للتحرير رافضا فكرة حصر القضية بالشعب الفلسطيني، بل اعتبر منظمة التحرير طليعة النضال العربي وصاحبة الشرعية في تمثيل الشعب الفلسطيني أمام الجهات الخارجية والمنظمات الدولية سياسيا ودون أن تتحمل تبعات التحرير لوحدها أو اعتبار القضية قضيتها كما حدث بعد رحيل عبد الناصر في قمة العرب بالمغرب عام 1974م الذين اقروا بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وهو القرار الذي رحبت به القيادة الفلسطينية وسعت إليه بزعم رغبة الجانب الفلسطيني في التحرر من التناقضات العربية الرسمية..؟!
فيما العرب بقرارهم كانوا راغبين بالتخلص من القضية وهمومها وتداعياتها والتحرر من تبعاتها ودوشتها وكانوا بهذا القرار كمن يقول للشعب الفلسطيني اذهبوا انتم وقضيتكم بعيدا عنا واعملوا ما شئتم وكانت هذه رغبة أمريكا والكيان المحتل، في سياق مخططهم الاستعماري في تجزئية القضية وتفكيك محاورها..؟!
ثم تحول على إثر هذا القرار الصراع من صراع عربي /صهيوني الي صراع فلسطيني /صهيوني..؟!
ولم يقف الأمر هناء بل ذهبت واشنطن في سبيل تعزيز مكانة كيان الاحتلال في إستراتيجية تجزئية المحاور فأخرجت مصر _اولا _من معادلة الصراع باتفاقية كمب ديفيد ولم تبقى أمامها سوي الجمهورية العربية السورية والمقاومة الفلسطينية بدرجة أساسية ثم العراق وليبيا والجزائر و اليمن بشطريه، كمحاور حاضنة للنضال العربي الفلسطيني بصورة مباشرة وغير مباشرة لكنها داعمة ومساندة للقضية ثقافيا وإعلاميا وفكريا ومتبنية للقضية والنشاط الفلسطيني المقاوم ومؤيدة له.
بعد إنجاز إتفاقية كمب ديفيد كان لابد من التخلص من (السادات) نظرا لكارزمية يتمتع بها السادات الذي عارض وبقوة قرأر بيجين رئيس وزراء الكيان الذي قضى بظم مرتفعات الجولان العربية السورية لتكون ضمن أراضي كيانه واعتبر القدس عاصمة لكيانه، قرار استفز السادات وشعرت أمريكا والكيان بخطورة الرجل الذي قال (انا بطل الحرب وانا بطل السلام، ولم يكن هذا ما اتفقنا عليه مع بيجين والامريكان)، فقررت أمريكا التخلص من السادات وفي يوم احتفاله بعيد النصر على الصهاينة في حرب أكتوبر 1973م، لتأتي بأخر خدم الكيان وامريكا أكثر بكثير مما خدمهما اي نظام عربي اخر لما في ذلك أنظمة الرجعية العربية..؟!
جميعنا يعرف ان انتصار أكتوبر تحول إلى هزيمة للعرب، وتم التفريط بقضايا الأمة وأولها القضية الفلسطينية، ولم يعرف العرب منذ أكتوبر نصرا يذكر بل هزائم متلاحقة فيما ذهبت واشنطن الي تطويع الأنظمة وتكبيلها بكل الاغلال العسكرية والأمنية والاقتصادية، فناخ الجميع، غير أن ثمة طرف لم يخضع لمنطق أمريكا والصهاينة وهي (المقاومة) في فلسطين ولبنان بدليل أن الدولة اللبنانية لم تتمكن من تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الصهيوني لكن المقاومة الإسلامية ممثلة بحزب الله استطاعت تحقيق ذلك، في فلسطين وبعد الانتفاضة الأولى اجبرت منظمة التحرير على السير في طريق المفاوضات والدخول في ترويكا النظام العربي، وفيما كان مؤتمر ( مدريد السلام) قد دشن برعاية اممية ووفقا للقرارات الدولية، وعلى أساس تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة وكانت سوريا جزءا من ذاك المؤتمر واصرت على اعطاء المؤتمر شرعية دولية، وهو ما لم يعجب واشنطن التي ذهبت في محاولة إلتفافية لإفراغ المؤتمر من مضمونه من خلال (اوسلو) الذي هربت إليه بالقضية ومصيرها وافرغت الحل والسلام العادل، ثم راحت تحتكر القضية وإبعادها عن القانون الدولي وادخالها في سياق القانون الأمريكي والرعاية الأمريكية وبما يخدم الكيان الصهيوني.. وهذا ما نعيشه ونشهده حتى اليوم.
25 مايو 2024 م |