ريمان برس - خاص -
تبدوا المواقف العربية الرسمية هلامية فيما يتصل بالرحلات المكوكية لوزراء الخارجية العرب الذين ابتكرت لهم القمة العربية _الإسلامية مهمة استجداء السلام من عدو محتل لا يؤمن بالسلام ولا يحترم دعاة السلام، ولا يرى إمكانية السلام مع العرب عامة والشعب الفلسطيني خاصة، بل يتطلع لتحقيق حالة استسلام جمعي تشمل الفلسطينيين تحديدا بضمانة عربية رسمية..؟!
خيار الاحتلال المدعوم برعاية أمريكية، إذ ما انفكت واشنطن عند كل أزمة تطال المشهد العربي الفلسطيني من اطلاق مفرداتها عن السلام والامن وحل (الدولتين)..؟!
ومفردة (حل) يمكن قرأتها في أكثر من اتجاه، ولها أكثر من تفسير، فأي (حل) تريده واشنطن التي أثبتت انها وليس الاحتلال الطرف المعنى والمباشر بالصراع منذ مرحلة ما بعد العام 1956 م قبل أن تصبح الراعية الرسمية للكيان بعد نكسة عدوان 1967م.
مؤسف أن الرحلات المكوكية لخمسة وزراء خارجية عرب لم تنقذ طفلا فلسطينيا واحدا لا من الجوع بسبب الحصار ولا من الموت بسبب قذائف أمريكا الذكية والدقيقة التي تزود بها كيانها المجرم..؟
مبادرة السلام العربية التي قدمها العرب عام 1982م ظلت بنصوصها التي أملاها (فيليب حبيب) الأمريكي الذي أشرف على إخراج منظمة التحرير من لبنان على الصحفي الأمريكي (توماس فريدمان) وقدمت لقمة المغرب باسم ولي العهد السعودي _حينها _عبد الله بن عبد العزيز، ظلت هذه المبادرة تعكس جهد وقدرات النظام العربي الرسمي لينتزع الموافقة عليها عام 2002م في قمة بيروت ليرفضها ويدوس عليها الإرهابي (شارون) وكيانه ورعاتة في اليوم التالي لإقرار هذه المبادرة باجتياح مبنى المقاطعة الرئاسية في رام الله وحصار الرئيس الشهيد ياسر عرفات ثم تصفيته..
بين عام 1982_و2002_و2024م هناك فوارق زمنية وفوارق بالأحداث ابرز هذه المفارقات أن قرار التقسيم الشهير الذي منح شرعية للاحتلال نص أن تكون مساحة دولة الاحتلال 57.7٪ مقابل 43.3٪ لدولة فلسطين، بعد عدوان 67م حدثت تحولات جغرافية انتهت في اوسلو الي دولة فلسطينية مساحتها 22٪من مساحة فلسطين، تقلصت النسبة الي حدود 9٪.. إذا اي (حل الدولتين) الذي تسوق له واشنطن والغرب وخلفهما الأنظمة العربية..؟!
وما هي حدود هذه الدولة؟ وكم مساحتها؟ وما شكلها؟ وماذا سيحل بالمهجرين وحق عودتهم الي داخل النطاق الجغرافي الذي منح للصهاينة؟
تساؤلات كثيرة تتعلق بحدود وهوية وشكل (حل الدولتين)، وما يتعلق بالفكرة ذاتها المرفوضة بالمطلق (صهيونيا) والمتحفظ عليها (امريكيا) لأن واشنطن تتحدث عن هذا الحل وتريده بطريقتها بعيدا عن المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المعنية، وبمعزل عن القرارات الدولية ذات الصلة بما فيها قرار التقسيم رقم (181) الصادر في 29 نوفمبر 1947م والقرار (242) والقرار (338) والتي تناقش حق العودة وتعويض اللاجئين.. وهذه القرارات تريد أمريكا تجاوزها وتجاهلها وإيجاد حل سياسي بديل عنهما، إذ تريد واشنطن أن تتوصل إليه مع الأنظمة العربية _أولا _وهذا يعني ان امريكا ستعمل على تعزيز وترسيخ أمن الكيان في المنطقة وشرعنة احتلاله لفلسطين وحشر القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني في زاوية اختناق قاتلة وهذا ما صرح به رئيس الوزراء الصهيوني قبل أكثر من عامين حين صرح في إحدى مقابلاته التلفزيونية ( أن حل المشكلة من الداخل مع الفلسطينيين فشلت وان الحل يجب أن يكون _اولا _عربيا من خلال تطبيع العلاقة مع الدول العربية وبعدها سيعمل الكيان مع الدول العربية على إيجاد حل للشعب الفلسطيني) ..؟!
هذه رغبة أمريكا التي تريد التفرد بالقضية واحتكار رعايتها حتى تتمكن من فرض شروطها على الشعب الفلسطيني وقضيته بالتواطوء مع الأنظمة العربية التي تسعى اليوم من خلال اللجنة الوزارية الخماسية المنبثقة عن قمة جدة، مع العلم ان الكيان لايقبل مطلقا بفكرة الحل وفق قرار التقسيم السالف الذكر ولا وفق حدود 1967م ولايرغب حتى بحل (اوسلو).. مع العلم ان قرار التقسيم رقم (181)يحمل في طياته بداية المؤامرة القذرة فهو اعطي أصحاب الأرض مساحة اقل من المساحة التي منحها للصهاينة ثم جعل مساحة اهل الأرض مقطعة الاوصال الجغرافية فيما جعل تلك الممنوحة للصهاينة متصلة مع بعضها.. إضف الي هذا أن القرار وضع مدينتي (القدس وبيت لحم) تحت الوصاية الدولية..؟!
ويبقى السؤال المتعلق بتداعيات قادم الأيام وبعد التضحيات الغير مسبوقة التي قدمها الشعب العربي في فلسطين وبعد الجرائم الغير مسبوقة التي ارتكبها الاحتلال بحق أطفال ونساء وشيوخ فلسطين، هو الي اي مدى يمكن أن يذهب النظام العربي الرسمي في تعاطيه مع فكرة (حل الدولتين)؟ وهل لايزل هذا النظام العربي ينظر لمبادرة السلام العربية التي كتبت عام 1982م على إنها قابلة للتحقيق حتى بعد جرائم حرب الإبادة التي يقوم بها الكيان الصهيوني؟!
* مرفق خارطة ملونة الأصفر فيها يرمز لحدود الدولة العربية والآخر يرمز لحدود الكيان الصهيوني والأبيض يرمز للمناطق التي وضعت تحت الوصاية أو كانت ستوضع..؟!
28 مايو 2024م |