ريمان برس - خاص -
يقال أن من لا يشكر الناس لا يشكر الله، والجمهورية الإسلامية الإيرانية تستحق من كل عربي حر أن يشكرها ويمتن لمواقفها المناصرة لقضية فلسطين والداعمة لمقاومتها والداعمة للمقاومة العربية في لبنان وهي من دعمت سوريا في مواجهة مؤامرة كونية مولتها الأنظمة العربية للأسف..؟!
بعيدا عن سفسطائة الخطاب المغلف بمفردات (مذهبية، وطائفية، وعنصرية) مقيته، مفردات زرعتها القوى الصهيونية والاستعمارية واخذ بعض العرب يرددونها كالببغاوات، غير مدركين أن السياسية ليس فيها صداقة دائمة ولا عداوة دائمة وإنما مصالح دائمة، وان قاعدتها هي أن نصادق من يصادقنا ونعادي من يعادينا، وأن فلسطين الحق والقضية هي معيار علاقتنا مع أي دولة وأي نظام على وجه المعمورة وهذا ما يجب أن يفكر به أي عربي حر لديه ذرة من الحرية والكرامة والقدرة على التفكير السليم، بعيدا عن تبني مفاهيم عنصرية أو انتقاصية أو تعصب لراى بدوافع عاطفية ساذجة..؟!
أن هذا الصمود الاسطوري الذي تقفه المقاومة في فلسطين هو بفضل الدعم الإيراني المادي والمعنوي والعسكري والأمني واللوجستي، دعم منح المقاومة القدرة العسكرية والاستخبارية ومنحها القدرات العلمية والمعرفية، والنتيجة في هذا الصمود الاسطوري الذي اذهل العدو وحلفائه واذهل العالم..!
فيما العرب قدموا كل الإسناد والدعم للصهاينة والامريكان، ولا نقول ان العرب عاجزين عن نصرة فلسطين وشعبها، بل هم قادرين ويملكون القدرة الكاملة والكافية لمواجهة أمريكا والغرب وليس الصهاينة وحسب ولكنهم لا يريدون، بل يريدون تصفية القضية والشعب والمقاومة في فلسطين والتخلص من قضاياهم التي حسب قول احد الملوك العرب للرئيس ياسر عرفات ( مالنا وقضيتكم التي صدعتونا بها من نصف قرن، أذهبوا وحلوا مشاكلكم مع الإسرائلين، وبطلوا العنتريات الكاذبة )..؟!
المجاهد ( يحي السنوار) قال ذات يوم لكل الأنظمة العربية (دعونا وشأننا نواجه عدونا لا نريد منكم شيئا فقط اتركونا نواجه مصيرنا بأنفسنا.. فقط حلوا عن سمائنا) قال بعد أن طفح الكيل وزادت الضغوطات على المقاومة والشروط المطلوبة منها..؟!
أعترف أن بعض الطروحات تستفزنا وتشعرنا بالخجل خاصة ان جاءت من بعض ممن يعتبرون أنفسهم نشطاء ومثقفين، ويرددون أفكار الصهاينة والاستعمار فيما يتصل بالعلاقة بين إيران والمقاومة، أو بين إيران والجمهورية العربية السورية التي أصبحت تصنف كنظام ب( النظام الطائفي والعلوي والمذهبي ) مع ان سوريا كانت ولاتزال تعيش في كنف نظاما قوميا علمانيا عابرا للطوائف والمذاهب والتوصيفات العنصرية المقيته.
أعترف أن ثمة تداعيات تقف وراء هذه الرؤية القاصرة تجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية من بعض العرب، تبدأ دوافعها من تفجر الحرب مع العراق، ولا تنتهي بدعم سوريا والمقاومة والعلاقة مع ( صنعاء)..!
مواقف بعض النخب هذه تتماهي مع مواقف النظام المصري الذي يقف مواقف سلبية وعدائة من المقاومة في فلسطين لأنها ذات ( جذور اخوانية) وهو على خصومة مع ( الاخوان) مع ان اخوان فلسطين مجاهدين ومقاومين وهم أشرف وأطهر عن بقية ( اخوان أمريكا والسعودية وبريطانيا) بل وأشرف من كل أنظمة الارتهان العربي وعلى رأسهم النظامين المصري والاردني وبقية الأنظمة المرتهنة الي جانبهم..؟!
هناك أيضا من يحمل على الجمهورية الإسلامية الإيرانية ويشكك بمواقفها على خلفية مواقفها من جماعة (أنصار الله) ودعمها لهم، وهؤلاء لا يختلفون بتدني أفكارهم عن تفكير النظام المصري وبعض الأنظمة العربية، وخاصة النظام السعودي الذي يرى بدعم إيران للمقاومة في فلسطين ولبنان ومواقفها مع سوريا ودعمها (لأنصار الله) تحديا له وتجاوزا ( لبابويته) ورغبته في تطويع المنطقة واخضاعها لهيمنته تلبية لرغبة أمريكا وبريطانيا والصهاينة ويرى أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية افقدته هذه الأوراق، وأن انتصار المقاومة ومعها بقية الأطراف الحليفة لإيران في المنطقة، فعل سوف يحسب لإيران وهذا بحد ذاته يشكل تحديا جيوسياسيا لمكانة ( آل سعود) ونفوذهم في المنطقة، وكم كنا نتمنى من (آل سعود) أن يقوموا بما تقوم به إيران في دعم المقاومة وتبني سياسة عربية صادقة تحافظ على السكينة في سوريا ولبنان واليمن والعراق وتدعم الحقوق العربية في فلسطين، ولكنها لا تملك القدرة ولا الإرادة ولا الرغبة في القيام بذلك، بل تفعل ما تطلبه منها أمريكا وبريطانيا والصهاينة..!
أن خلاف بعض الأنظمة مع ( الاخوان) لا يعطيهم الحق في إسقاط هذا الخلاف على المقاومة، وخلاف البعض مع (أنصار الله) لا يبرر رؤيتهم الانتقاصية تجاه إيران.. وهذا أقوله لأصحاب العقول المستنيرة الذين يعرفون جيدا أن السياسة هي تحقيق فن الممكن، وأن العلاقات السياسية ومواقفها محكومة بظواهرها ومواقف أطرافها وافعالهم، وليست محكومة ب(الغيبيات وقرأة الفنجان)..؟!
ذات يوم مؤغل وتحديدا عام 1976م وفي إحدى القمم العربية التي كان يراسها الرئيس الراحل حافظ الأسد والذي وضع نصا في بيان القمة ( يطالب فيه إيران الشاه بتسليم الجزر العربية أبو موسى وطنب الصغرى وطنب الكبرى) فقام إليه الشيخ زائد بن سلطان حاكم الإمارات التي تزعم ملكية هذه الجزر، (فقبل راس الرئيس الأسد وترجاه بأن يحذف هذه العبارة من بيان القمة وان المشكلة خاصة بين الإمارات وإيران وسيتم حلها وديا بين البلدين دون الحاجة لإثارتها في بيان القمة العربية)..؟!
لكن وما أن قامت الثورة الإسلامية في إيران وإسقطت نظام الشاه العميل للصهاينة وشرطي أمريكا في الخليج والوطن العربي حتى بدأت زوبعة الجزر بعد أن منحتهم أمريكا الضوء الأخضر، فيما فلسطين لم تحضي باهتمام حكام الإمارات الذين باعوا بلادهم ودينهم وهويتهم للترويكا الصهيونية العالمية التي حولتها الي سوق دولي بهدف تقديم نموذج مكاني للتعايش بين الأديان والشعوب، فكرة نسجتها وطبقتها الترويكا الصهيونية العالمية والهدف دمج صهاينة الاحتلال لفلسطين في المنطقة وتجذير وجودها تأكيدا لاساطيرها الزائفة.
خلاصة القول كنا نتمنى على اي نظام عربي أن يقوم تجاه فلسطين تحديدا بما تقوم به إيران.. لكنهم للأسف اجبن على الأتيان بمثل هذا الموقف، ولكن ينطبق عليهم المثل القائل (لا يرحموا ولا يدعوا رحمة الله تنزل)..؟! |