ريمان برس - هو الموت القدر الحتمي العصى على القهر والتأجيل، هو النهاية لأجل محتوم كتبه الله للإنسان منذ كان لايزل ( نطفة في رحم امه) وقبل أن تتشكل ملامحه، وقبل أن يبدأ مسيرته الحياتية في دنياء الفناء، كان قدره قد تحدد مسبقا من حيث البداية والنهاية والفعل الحياتي ومعتركاته..
الموت هو قيامة الإنسان ونهاية رحلته العابرة في دنياء هي مجرد محطة انتظار لرحلة الخلود الأبدية.
خلال أسبوع تقريبا تساقطت أوراق العمر لأربعة أصدقاء، رحلوا تباعا بأسباب متعددة لكن الموت واحد، بهدو غادروا الأربعة وكأنهم كانوا على موعد لرحيلهم المتتالي .
* الأخ المناضل أبن الأرض من تعفرا جسده بتراب وطنه، ومن سالت دمائه على هضاب وجبال واودية اليمن شمالا وجنوبا، شرقا وغربا، حيث جال الفقيد والمناضل ( العميد عبد العزيز مغلس العريقي) جغرافية الوطن اليمني مدافعا عن كرامة وسيادة وطن واحلام شعب، عمل برفقة قادة وابطال اليمن دفاعا عن الثورة والجمهورية، كان رفيقا للشهيد جار الله عمر، ورفيقا للعميد عبد الله عبد العليم العريقي، عمل مع الشهيد عبد الرقيب عبد الوهاب، والمناضل الشهيد محمد سيف الوحش، والمناضل عبد الوهاب الذبحاني الذين لم يعرف مصيره حتى اليوم..؟!
تحمل الفقيد عبد العزيز مغلس الكثير وواجه الأكثر من الصعاب والتحديات والمخاطر كثمن المبادئ التي أمن بها واقتنع بعدالتها وناظل بصدق واخلاص في سبيلها،رافضا التخلي عنها أيا كانت المغريات.. مناضلا مثاليا عاش، وعصاميا زاهدا رحل عن دنيانا مدثر بأكثر ادثرة الظلم قساوة وشفافية.؟!
ينتمي عبد العزيز لجيل من عظماء الوطن الأحرار، جيل ظل متمسكا بمبادئه وقيمه وأخلاقياته ولم يساوم عليها او يحيد عنها وعن ثوابتها، ولأجلها دفع عبد العزيز الكثير من الثمن والتضحيات، عرف حياة التشرد والمطاردات الأمنية، عاش لسنوات متخفيا ومتنقلا بين جبال واودية وسهول اليمن، طلب راسه من حكام وأجهزة، تمناه كثيرا ( محمد خميس) أن يكون ضيفا في زنازينه، انزعجت منه أجهزة تعز وصنعاء وإب وذمار والحديدة لسنوات.
عرفته جغرافية الحجرية بسهولها ووديانها وجبالها وكذلك جغرافية المناطق الوسطى..
كان عبد العزيز مناضلا وطنيا من أولئك المناضلين الحفاة الذين يبحثون عن المغارم والتضحيات ولا يكترثون (بالمغانم) والمكاسب الشخصية.
افتقدته أسرته كثيرا خلال سنوات النضال التي لم يعرف فيها الاستقرار ولم يذوق خلالها طعم الأمن أو يشعر به، بل ظل حاملا راسه على اكتافه إلا أن بزغ فجر 22 مايو العظيم الذي بددت شمسه قتامة الليل اليمني الطويل والمرعب..
لتكون وظيفة عبد العزيز بكل تضحياته ونضاله وتاريخه النضالي الوطني في المؤسسة الاقتصادية اليمنية، حيث منح وظيفة هامشية لاتليق به وتاريخه، ولكن عبد العزيز تقبلها ليس حبا بها، بل حبا حتى العشق والهيام بالإنجاز العظيم الذي حدث وتحقق 22 مايو الخالد الذي رأي فيه عبد العزيز ورفاقه نهاية المعاناة الوطنية وبداية لمرحلة وطنية أكثر استقرار، لكن أحداث عام 1994 م واجبرت عبد العزيز للعودة للقرية والانزواء فيها ردحا من الزمن قبل أن يقرر حمل ( فرشة الرنج) والالتحاق بالعمل الحر برتبة (مرنج) رافضا كل الاغراءات التي قدمت له بواسطة أصدقائه في السلكين العسكري والأمني، طالبا منهم فقط أن يتركوا بعيدا عن حساباتهم..؟!
ظل عبد العزيز يعمل بهذه المهنة فترة من الزمن، يعمل فترة ويعود للقرية ليرابط فيها فترة أطول حتى قابل ربه بنفس راضية مطمئنة.
كثير هو الحديث عن هذا المناضل الصلب والشخصية المحملة بالكثير من القصص والحكايات والاسرار الامنية والعسكرية، والتي رحلت معه وليس لنا بالتالي الا ان نحني له هاماتنا وان ندعو الله له بالرحمة والمغفرة وجنات الفردوس.
ختاما نتقدم لأولاده ولكل أفراد أسرته بخالص العزاء وعظيم المواساة سائلين من الله سبحانه وتعالى ان يتغمده بواسع الرحمة والمغفرة ويسكنه فسيح جناته..وان يلهمهم ويلهمنا معهم الصبر والسلوان.. والعزاء موصول لكل أصدقائه ومحبيه ورفاقه.. انا لله وانا اليه راجعون.. |