ريمان برس -
توصلاً مع ما سبق أعود وأقول أنني اتابع الكثير من المجموعات وشبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية والصحف والمطبوعات والقنوات الفضائية المختلفة والتابعة لجميع الأطراف دون إستثناء، واتابع وسائل الإعلام الخارجية التي تنشط مع أو ضد هذا الطرف أو ذاك، وأشعر بالغصة والقهر والحزن، جراء هذا التنابز الذي يعنون أزمة وطني وشعبي، وأكثر حزني يأتي من مواقف وخطاب أطراف الأزمة من أبناء اليمن والمتعصبين لهم من الأتباع والانصار والموالين، وأرى الجميع غارقين في مستنقع الحقد والكراهية، يلعنون بعضهم ويخونون بعضهم ويكفرون بعضهم، ويلغون هوية وانتماء بعضهم، وصولا إلى تجريد بعضهم من العقيدة والأنتماء، وليس هناك أفق من أمل يوحي بقرب نهاية المآسة التي نعيشها ونكتوي بسياطها رغم مرور هذه السنوات واتضاح الكثير من الحقائق التي تجعلنا نستشعر اخطائنا ونعيد تقييم مواقفنا على أسس وطنية جادة وصادقة نتفق عليها جميعا بمعزل عن رغبات الأخر إقليميا كان أو دوليا..؟!
على سبيل _ المثال _ أصابتني الدهشة من رد فعل البعض على العدوان الأمريكي _البريطاني الذي استهدف البلاد على خلفية موقف الأخوة في صنعاء من قضية فلسطين وما قاموا به من إسناد للقضية في البحرين الأحمر والعربي، حيث يتناول البعض للأسف مثل هذا العدوان وكأنه يحدث في ( بلاد واق الواق) وليس ضد وطنه وبلاده وأبناء شعبه، في المقابل صدمت من خطاب الحقد والسخرية والكيد الذي قابل قرار مجلس الأمن برفع العقوبات والحصار وتحديد الإقامة على الرئيس الأسبق ونجله العميد أحمد علي، والكيفية التي تم تداول هذا الخبر الذي تحمل ما لا يحتمل من ثقافة الكيد والكراهية وهذا سلوك يدل على اننا لم نتعض من معاناة السنوات السابقة، وأن احقادنا الذاتية هي من دمرتنا ودمرت بلادنا ومزقت جغرافيتنا ونسيجنا الاجتماعي..؟!
عاصفة قوبل بها القرار الدولي برفع العقوبات عن يمنين أحدهم أصبح الي جوار ربه والأخر لم يكن طرفا في أزمة ولا في حرب ولم يشارك في تداعيات مرا بها الوطن منذ غادر البلاد سفيرا للإمارات بقرار جمهوري وسلم منصبه العسكري ملتزما بالقرار السيادي، وحين تفجر العدوان وتعسكرت الأزمة ظل الرجل صامتا كأي مواطن يمني، فلماذا هذه الحملة من الحقد والكراهية وتحول الأمر إلى قضية تثار عبر شبكات التواصل والمنابر الإعلامية وكأننا قد أنهينا كل أزماتنا ولم تبقى إلا أزمة أحمد علي، أو لكأننا كنا ننتظر ( جنازة نلطم فيها)..؟!
هل لأنه نجل الرئيس السابق أو الأسبق؟ فليكن ولنتذكر قوله تعالى (ولاتزروا وازرة وزري أخرى) أو لنتذكر موقف سيد الخلق رسولنا المصطفى حين كان بعض المسلمين يتعرضون ( لأولاد وبنات ابي لهب) ويعايروهم بأنهم اولاد (أبي لهب) فوقف رسول الله مخاطبا هؤلاء بقوله عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام قائلا لهم ( لا تؤذوني في اهلي) وهكذا منع عليه الصلاة والسلام بعض المسلمين من مواصلة استفزاز أو معايرة اولاد (ابي لهب) بأبيهم..؟!
أن الحقد والكراهية وثقافة التعصب وإلغاء الأخر وتهميشه سلوكيات لا تبني أوطان ولا تحقق استقرار الشعوب ولا تحل أزمات اجتماعية معقدة ومركبة، بل ظواهر تؤدي إلى مزيدا من التمزق والنزيف والاحتراب، أن سياسة التهميش كانت وراء تفجير أوضاع صعده والجنوب، وثقافة الإلغاء والتنكر كانتا وراء ما حدث عام 2011م واوصلتنا والوطن والشعب الي ما نحن عليه اليوم. وعلينا بالتالي الاتعاض ومراجعة اخطائنا والبداية في إشاعة قيم المحبة والتسامح طواعية بأيدينا حتى نحمل لبعضنا الجميل وحتى نشعر مع بعضنا بالألفة والتعايش بدلا من أن تفرض هذه القيم علينا، أيهما أفضل أن نحب بعضنا ونسامح بعضنا بمبادرة ذاتية منا استشعارا بواجبنا الديني والوطني، أم نعمل هذا بقرار وإرادة أطراف خارجية تعلمنا كيف نتعايش مع بعضنا في وطننا ؟!
إننا بحاجة لمراجعة نقدية لكل ما سلف من مواقفنا ونعرف أين اخطانا، وأين اصبنا، ولا أعتقد أن الصواب قد حالفنا بدليل ما نتجت عنه المواقف وتداعياتها علينا وعلى الوطن والشعب والقيم والجغرافية، وعلينا أن نؤمن أن هذه البلاد تحكم بالتوافق والاتفاق حتى لو تقاتلنا ألف عام فأن النهاية ستعيدنا للحوار والتوافق، فلماذا نكابر ونؤغل في المكابرة وتسويق خطاب الحقد والكراهية ونحن على يقين بأننا في الاخير سنعيش مع بعض حدث هذا قديما وسيحدث اليوم..!!
أن من يضن انه الاقوى وسيحكم بقوته وأهم، ومن يضن انه سيحكم بقوة داعمة من الخارج وأهم أيضا، وثقافة الحقد والكراهية والتعصب هي ثقافة المفلسين الذين لا قضية لديهم ولا لديهم وازع وطني أو حرص على السكينة الوطنية.. اقول قولي هذا واسأل الله ان يهدي من بيدهم قرار الوطن ومصير الشعب.. واقول للجميع صادقا كفى فقد تعب الوطن والشعب حتى ضاق الصبر من صبرهما وقهر القهر من قهرهما.. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
12 اغسطس 2024م |