ريمان برس -
يقال كل فكرة تحمل في ذاتها بذور فنائها، وكل منظومة سلطوية هي جزءا من فكرة وبالتالي ينطبق عليها ما ينطبق على الفكرة، أي أن السلطة هي الأخرى تحمل في ذاتها بذور فنائها، وفي مفاصلها تكمن معاول هدمها، لأن السلطة تفتك بنفسها ذاتيا من خلال أخطائها التي كلما تراكمت كلما عجلت بزوال منظومة السلطة..
بمعزل عن نظرية (أبن خلدون) وفلسفة (أبن رشد) وبعيدا عن فلسفة (ماركس) وتراجيديا الصراع الطبقي، فأن السلطة في الإسلام شوري وعدل وزهد وايثار وتضحية واخلاص وبيعة لمن يستحق البيعة شرط التكافؤ والتكافل والحكم بشرع الله، وأن تكون منظومة السلطة متناغمة ومتجانسة ويكمل بعضهم البعض، وأن يكون الله وشريعته حاضران في وجدانهم والوطن مسكون في عقولهم والمواطن، وأن يكون العدل معيار سلوكهم وديدنهم الذي لا يحيدون عنه.
أن السلطة ليست غاية بذاتها أن لم يكن القائمين عليها من ذوي العدل والآمرين بالمعروفين والناهين عن المنكر، الزاهدين الذين لا يغفلون تقوى الله ولا يتجاوزون تعاليم رسوله الخاتم وسنته وتعاليمه صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه، ممن يدركون أن المسؤلية ( مغرم) لا ( مغنم) وهي أيضا (تكليف) لا (تشريف).
أن السلطة إذا تربع عليها أو على بعض مفاصلها (فاسد) تبقى سلطة زائلة وأن طال عمرها ليوم زوالها فالفاسد بالطبيعة يفتح معه أبواب الظلم والظلم يولد القهر والقهر يولد من الخطايا ابشعها..؟!
ففساد السلطة أو بعضا منها يفتح أبواب الخطايا والانحلال ويرسخ الظلم كثقافة يومية يقتاته المواطن، والمسؤل الذي يرى مكانته في السلطة حصيلة ولائه لشخص مهما كانت مكانة هذا الشخص، هو مسؤل (منافق) لا يستحق منصبه ولا يؤتمن على المهام المؤكلة إليه وهو أخطر على من ولآه ومنحه المسؤلية من العدو الحقيقي للوطن والمواطن والسلطة،لأن من صفات المسؤل الأمين والصادق هو خوف الله ورسوله أكثر من خوفه وخشيته من المسؤل الذي عينه بمنصبه لأن المسؤلية أمانة والمسؤلية تكليف لا تشريف،والمؤسف أن المسؤلية في بلادنا تمنح لأصحاب الولاءات الذين هم سبب الكوارث التي مرت بها البلاد ولاتزال تعيشه وربما إلى وقت لا يعلم به إلا الله..!
أن الاعتماد على أصحاب الولاءات إحدى ابرز الكوارث العميقة للتقدم والتطور والتنمية في أي مجتمع وفي أي سلطة تقوم على اكتاف الموالين للرمز وليس على اكتاف أصحاب الكفاءة الوطنية الذين يعملون بإخلاص من أجل وطنهم وشعبهم وتقدمهما وليس من أجل إرضاء الرموز مهما كانت مكانتهم لأن الله ورسوله والوطن والشعب أحق بأن نسعى على إرضائهم من الحرص على إرضاء هذا القائد أو ذاك الزعيم..؟!
وبصراحة فإن سلطة صنعاء بحاجة إلى مراجعة نقدية صادقة وصريحة ومسؤلة في اختيار كوادرها من خلال وضع الرجل المناسب في المكان المناسب بغض النظر أن يكون قريبا أو بعيدا من أصحاب القرار، المهم ان يكون قريبا من الله ورسوله ومخلص لوطنه وشعبه..! |