ريمان برس -
لماذا اكتب..؟ سؤال كثيرا ما تردد في تفكيري منذ بضعة سنوات، وتحديدا منذ تفجرت الأزمة والفتنة، وحمل أبناء سباء بنادقهم ضد بعضهم؟ فهذه المرة لم ( تتفرق ايادي سباء) وحسب، بل حملت الأيادي البنادق ووجهوها لصدور بعضهم، لم يقولوا (ربنا باعد بين اسفارنا)، بل راح كل طرف منهم يدعوا الله أن يهلك الطرف الآخر، وان يورث أمواله وأعراضه له..؟!
تفرق أبناء اليمن على محاور الإقليم والعالم، وكل طرف يبحث عن راع وداعم ومساند له كي ينتصر على إخوته، وكل طرف يصف الطرف الآخر بأقذع الأوصاف، في ملهاة عبثية تجتر سيرة (سيف بن ذي يزن) البطل والاسطورة في تراثنا الثقافي رغم انه اول من ( شرعن الخيانة)..؟!
.. نعم كان سيف بن ذي يزن اول من (شق طريق الخيانة) حين ذهب ليستنجد ب(الفرس) ضد إبناء جلدته، لينتهي به الحال صريعا على يد من استنجد بهم لدعمه، وياليته لقاء مصرعه على يد أبناء جلدته لكان هذا شرفا له، ولكانت أزمة الدولة والسلطة قد حلت بهذه البلاد المنكوبة منذ زمن..؟!
ومع ذلك أعود واقول واتسائل لماذا نكتب؟ ولمن نكتب؟ فلم يعود هناك ما نكتب عنه؟ ولم يعد هناك ما يستحق الكتابة عنه؟ في بلاد تاريخها كتب بالدم، بلاد تعشق الدم، وتطبق ( الصراع الديالتيكي، والصراع الطبقي) الذي تحدث عنه (ماركس ولينيين) ولكن بصيغة إسلامية بابعادها المذهبية والطائفية والقبلية والمناطقية ..؟!
بلاد كل سكانها بكل مذاهبهم وقبائلهم ومناطقهم قد لا يساؤن بعددهم عدد سكان ( قرية صينية) أو (ولاية هندية) حيث تعدد العرقيات والقوميات واللغات والاديان ومع ذلك هناك بشر متعايشين تخيم عليهم السكينة والطمأنينة، فيما بلاد كبلادنا تعيش حالة احتراب مكتسب عاجزة عن حل معادلة الدولة والهوية، بلاد أصبحت اسيرة لدول وأنظمة ناشئة كانت شعوبها وحكامها حتى وقت قريب يتسولون منها قوت يومهم..؟! بلاد لم تتمكن نخبها المتسلطة ووجاهاتها النافذة من حل مشكلة الدولة والهوية أو تحديد معالمهما، ولم يتمكنوا من تحقيق الاستقرار الاجتماعي، أو التفاهم على وحدة الهوية والوجود..؟!
بلاد اسيرة لمزاج النخب النافذة، وشعب مسلوب الإرادة ينقاد كالقطيع خلف (جلاديه) بدوافع عصبية مذهبية وطائفية وقبلية وحزبية وعنصرية، وكل المؤبقات والفيروسات المدمرة للقيم الاجتماعية تستوطنها، لأن فيها نخب نافذة تستند جميعها لدعم أطراف خارجية، أطراف لا ترى مصلحتها في وحدة واستقرار اليمن وتقدمها، بل تريدها تبقى في حالة تمزق اجتماعي وجغرافي وفي حالة صراع متعدد الدوافع لا ينتهي، لأن في هذا الحال يكمن تقدم وتطور هذه الأطراف الخارجية التي ترى استقرارها وديمومة مصالحها في بقاء اليمن في دائرة الصراع والاحتراب، في المقابل ابتلاء الله هذه البلاد بنخب (مرتزقة) ترى بدورها أن ديمومة نفوذها وتسلطها يكمن ببقاء هذا الحريق الاجتماعي مشتعلا، نخب متفرقة ترى كل مجموعة منها انها أحق ب( الوصاية والولاية) على البلاد والعباد، وأنها صاحبة الحق المطلق في السلطة والحكم والسيطرة واستعباد القطيع الذي اسمه الشعب..؟!
إذا ما جدوى الكتابة؟ ولمن؟ ومن يقراء؟ ومن يفهم؟ أن كنا حتى اليوم لم نفهم ديننا؟ الذي نتشدق به كذبا وتصدح مآذن المساجد بالتكبير خمس مرات في اليوم والليلة، ونملاء الدنياء ضجيجا عن الدين وقيمه ومكارمه، وعن نبينا المصطفى وسنته وسيرته صلوات الله عليه، ورغم كل هذا الضجيج والصخب، فإن تعاليم الدين وسنة الرسول يكاد يكونان مجرد (شعارات) يستغفل بها (الرعاة) عقول (الرعية)..؟!
ألا يستحق سؤالي إجابة عليه، لعلي الإجابة تحمل ما يدلنا على طريق السلامة والاطمئنان والسكينة. |