ريمان برس -
كل ثورة أو حركة تغير وطنية من الطبيعي أن يكون لها أهداف ومشروع وبرامج رسمها ويسعى الي تحقيقها القائمين على الثورة والتغير.. أبرز المهام الثورية هي نقل الواقع الاجتماعي مما كان الي ما يجب أن يكون وهذه النقلة لا تتم بالتصفية والاعتقالات والتطهير بل تتم عبر روىة وطنية جامعة، رؤية تشعر كل طبقات المجتمع اولا بسلمية التغير ونبل أهدافه، وثانيا، إيجابية التغير وعوائده على المجتمع.
وفي هذا لنا _أولا _في رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام وعلى آله، إسوة حسنة، من خلال طريقة تعامله مع ( مشركي قريش) حين عاد إلى مكة فاتحا بعد أن كان قد أجبر على مغادرتها هربا من بطش كفارها.. لقد قدم لنا رسول الله نموذجا يحتذى وسلوك يقتدي حين دخل مكة وتعامل مع كبارها الذين حاربوه وناصبوه العداء طيلة سنوات دعوته، فلم يعاقب ولم يسجن ولم يعدم ولم يصادر ولم يجاهر بالخصومة ولم يسعى للانتقام من أعدائه، بل لم يعتبرهم أعداء وهو الذي كان يردد دائما حتى وهم يرفعون سيوفهم ويحشدون جيوشهم ضده وضد أتباعه وحتى حين اعتدوا عليه صلوات وسلامه عليه لم يقول إلا (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي؛ فإنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ).. صلوات الله وسلامه عليك يا سيدي يا رسول الله يا أعظم خلق الله وأعظم من ارسله الله رحمة للعالمين، ووصفه بذو الخلق العظيم الذي لا ينطق عن الهوى..
كعرب فأن من أبسط قيمنا مكارم الأخلاق وفي هذا يقول سيدنا رسول (إنما بعثت لاتمم مكارم الأخلاق) والثورة إخلاق قبل أن تكون أهداف ومشروع وتغير..
والثورة هي أن القائمين عليها لديهم ما لم يكن لدي من سبقهم من اسلافهم ممن ثاروا عليهم وفي حالة عدم وجود لدى القائمين على الثورة والتغير البديل الأفضل فأن الثورة والتغير يفقدان شرعيتهما ومبررات وجودهما وبالتالي لم يعد لهما من اسمهما نصيب..؟!
وإذا كان الدين يجب ما قبله فأن الثورة أي ثورة عليها ان تجب ما قبلها وأن تقدم نموذج اجتماعي للتغير يلبى تطلعات كل الشرائح الاجتماعية وتنحاز تحديدا الي جانب الغالبية المقهورة في المجتمع من خلال تمكنهم من امتلاك حقوقهم وإقامة العدالة فيما بينهم وبين الطبقات النافذة في المجتمع التي تسببت في قيام الثورة والتغير على خلفية سلوكها المجرد من العدالة كقيمة دينية و أخلاقية وإنسانية وقاعدة أساسية للحكم كما امر الله ورسوله بذلك،وحتي لا يقف الحاكم الظالم في يوم اللقاء الأعظم مرددا قوله تعالى ( ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا)..
أن الثورة ليست مجرد حركة يستبدل فيها الحاكم بأخر بل هي حركة تغير اجتماعي بديلة لما كان ومناهضة لما كان وتقدم البديل الأفضل للمجتمع الذي يلبى رغباتها ويحقق طموحه ويمنحه السكينة والاستقرار والكرامة والعدالة ويرفع عن رقاب المجتمع سيوف التسلط والقهر، والأهم إحقاق العدالة التي تعطي مكانة للمحكوم تتماهي مع مكانة الحاكم.
يتبع |