ريمان برس - خاص -
تواجه سورية مخطط تأمري مركب يستهدف دورها ووجودها وجغرافيتها ونسيجها الاجتماعي، مخطط تأمري يتجاوز نطاق ذلك الذي أبتدا عام 2011م تحت مسمى (الثورة السورية، والمعارضة السورية، والديمقراطية، وحرية الرأي والتعددية السياسية والدستَور والمشاركة في الحكم) إلى آخر المعزوفة التي تم تسويقها كذريعة لاسقاط النظام الذي وصف بكل الأوصاف المقذعة، أوصاف تم حشد ماكينة إعلامية جبارة تبنتها وسوقتها وسائل الإعلام المختلفة في قارات العالم الخمس وكلها عملت على (شيطنة النظام العربي السوري)..؟!
طبعا كان هناك من بعض السوريين وربما العرب مخدوعين بتلك الشعارات التي تم تسويقها والتي تبشر السوريين بالجنة الموعودة والعيش الرغيد والرفاهية ولكن فقط سينالوها إذا ( سقط النظام ورحل الرئيس بشار وسقط حزب البعث الحاكم والجبهة الوطنية)..؟!
لم تكن هذه الشعارات تختلف عن تلك التي تم تسويقها عن العراق قبل الغزو الأمريكي وإسقاط النظام، ولم يتعض للأسف الأشقاء في سورية مما حل بأشقائهم في العراق، الذي لولاء تدخل الطاف الله والعقلاء من أبنائه وجيرانه الأوفياء وخاصة سورية والجمهورية الإسلامية اللتان يعد أمن العراق وسلامته جزءا اصيلا من امنهما وسلامتهما.
سورية تواجه اليوم وفي هذه اللحظات مخطط تأمري مطور ومركب يتجاوز حكاية الحريات والتعددية السياسية والشراكة ويتجاوز مطالب المعارضة التي لم تعد معارضة بل تطورت بدورها الي مجموعة متمردة ومسلحة تم رفدها من قبل بمجاميع إرهابية مسلحة لاتنتمي لسورية لا لأرضها ولا لإنسانها بل تنتمي إلى أكثر من 90 دولة عربية واسلامية وغربية، تحركها ايادي الاستعمار القديم والحديث بهدف تجديد نصوص (إتفاق سايكس _ بيكو) وإعادة تشكيل خارطة الوطن العربي، فكرة لم تكن غائبة عن أفعال ومواقف أعداء الأمة العربية، لكنها تغذت من تداعيات الأحداث التي شهدتها الأمة تحت يافطة (الربيع العربي) والذي لم يكن سوي ( ربيعا بأمتياز)، إذ شهدت المنطقة أحداث دامية ومركبة ومعقدة إسقطت العديد من المحاولات الاستعمارية الصهيونية وكان لدمشق العروبة دورا محوريا فاعلا في إسقاط روزنامة المخططات التأمرية سوي بصورة مباشرة من خلال صمود دمشق وتمسكها بثوابتها الوطنية والقومية وبخطها السياسي المبدئي الواضح بمواقفه الرافضة للصهيونية والهيمنة الاستعمارية، أو من خلال دعمها للمقاومة بكل فصائلها ومسمياتها وتمسكها بالقضية الفلسطينية كقضية عربية محورية ترفض دمشق المساومة عليها كما ترفض المساومة على اراضيها المحتلة وعلى كل شبر من الأراضي العربية المحتلة في فلسطين ولبنان والجولان.. دمشق التي تؤمن بأن تحرير فلسطين أولوية عندها عن تحرير الجولان وهذا مبدأ ثبته الرئيس الراحل حافظ الأسد _رحمة الله تغشاه _ إضف إلى كل هذه المواقف ارتباط دمشق بكل الدول المناهضة للاستعمار والإمبريالية المتوحشة وضد الهيمنة والتبعية والاستسلام لمنطق الغطرسة والاستعلاء..
مواقف (دمشق) المبدئية هذه قطعا شكلت قلقا للاستعمار كما كانت لكنها زادت بعد هذا الصمود الاسطوري الذي صمدته دمشق منذ سقطت بغداد تحت نير الاحتلال الأمريكي وزيارة وزير خارجية أمريكا _حينها _ الذي زار دمشق حاملا رسالة للرئيس الأسد تتضمن عبارة واحدة هي (أن عليك أن تدرك أن دبابتنا على حدود سورية)؟!
تهديد مشفوع بعرض (خذ الجولان وطبع علاقتك بأسرائيل، وأقيم علاقة طبيعية معها، وأنسى فلسطين ولبنان والمقاومة وإيران، والتحالف مع روسيا والصين، وسيأتيك المال الخليجي والاستثمار الأوروبي والأمريكي)..؟!
يؤمها لم يرد الرئيس بشار الأسد على الوزير الأمريكي، بل غادر المكتب وطلب من مدير مكتبه إيصال الضيف الي محل اقامته في الفندق الذي ينزل فيه..؟!
بيد أن فشل ما يسمى ب (المعارضة السورية والعصابات الإرهابية) في تحقيق الأهداف المرسومة لها، وبعد تفجر معركة ( طوفان الأقصى) وما حدث في فلسطين ولبنان وإيران، وفشل المخطط الصهيوني _الأمريكي _الرجعي العربي، حدث ما بحدث اليوم في سورية، ولكن هذه المرة تمثل المحاولة الأخيرة التي تم الإعداد لها منذ اللحظة التي انطلق فيها العدوان الصهيوني على لبنان عبر ( عمليات البيجرات وأجهزة الاتصالات ثم اغتيال قيادة حزب الله ومنهم الأمين العام للحزب السيد الشهيد حسن نصر الله) ناهيكم عن سلسلة استهدافات صهيونية طالت سورية على مدى السنوات الماضية بزعم ضرب قدرات حزب الله وخطوط امدادته، ولم أكن مجافيا للحقيقة أن قلت ان مخطط استهداف سورية انطلق ولكن عبر مراحل منذ نهاية عام 2006م بعد حرب تمو بين العدو وحزب الله والتي انتصر فيها الحزب بسلاح سورية وخاصة (صواريخ الكورنيت) المضادة للدروع والتي حولت ( دبابات الميركافا) الي حديد خردة بعد أن كان الكيان يسوقها باعتبارها ( أسطورة الرب) وهذا هو اسمها ( العبري) وبعد معركة تموز انطلق العدو في استهداف القدرات العربية السورية من ناحية فيما اقدمت أمريكا وبعض حلفائها العرب في استقطاب معارضي النظام وحتى رموزا فيه انتهت مهمتهم مثل (عبد الحليم خدام) وآخرين وتجميعهم لتجعل منهم مرتزقة و(حصان طروادة) لها بهدف التخلص من النظام وتنصيب اخر موال لواشنطن ويقبل التطبيع مع الصهاينة وإقامة علاقة أخوة وجوار معهم.. وقد بلغ انحطاط المعارضة المزعومة حد قبولها بالتخلي عن (الجولان) للصهاينة مقابل مساعدتهم في إسقاط النظام في دمشق..؟!
يتبع
4 ديسمبر 2024م |