ريمان برس -
لم تعد الشائعات مجرد أكذوبة أو أكاذيب يتناقلها البعض للتظليل ولفت الانظار من جهة الي أخرى واشغال الناس بقضية زائفة تبعدهم عن قضاياهم الحقيقية..
الشائعة أصبحت في ظل ثورة المعلومات التقنية علم مكتمل الأركان له قواعد وأصول وأسس ومبادئ وقوانين ووسائل فالشائعة غدت أكثر من (فيلم) له كاتب السيناريو والحوار ولها منتج ومخرج وابطال ونوافذ ناقلة وشركات تسويق..؟!
وما أكثر الشائعات في واقعنا العربي وفي أوساط النخب العربية _للأسف _أو التي تزعم انها كذلك، وتطال الشائعات اهم قضايا الأمة وأخطرها حتى غدت هويتنا الوطنية والقومية وقيمهما وأيضا عقيدتنا وشريعتنا عرضة لهذه الشائعات التي طالت كل مقومات وجودنا الحضاري التاريخي واستولت على جزءا من تفكيرنا الذي انساق وبالمجان يسوق هذه الشائعات مع ان هناك كثيرون يقتاتون ارزاقهم منها.؟!
في حياتنا السياسية بكل جوانبها تحضي الشائعات بمساحة من الاهتمام، وهي حاضرة في حروبنا وصراعاتنا الدامية كما تغذي خلافاتنا اليومية وعلى مختلف الجوانب الحياتية..!
ذات يوم قيل للأستاذ محمد حسنين هيكل : كيف نقضي على الشائعات؟ أجاب لكي نقضي عليها يجب أن يعرف المواطن العادي كل ما يعرفه رئيس الجمهورية؟!
كثيرون من العرب وخاصة النخب المثقفة تصف الزعيم جمال عبد الناصر ب(الديكتاتوري) مع انه الزعيم العربي الوحيد الذي عرفته الأمة كان يخرج بعد كل لقاء يجمعه برئيس أو بوفد عربيا كان أو اسلاميا أو دوليا، يخرج ناصر بعد لقائه بهذا الزعيم أو بذاك الوفد ليشرح وبكل شفافية عن كل ما دار خلال اللقاء، حتى أن البعض كان يترجاه أن لا يصرح بما سيدور بينهما في الغرف المغلقة ومع ذلك لم يلبي عبد الناصر هذه المطالب وظل يعتمد هذا النهج حتى وفاته رحمة الله تغشاه، رغم انه ونظامه نال من الشائعات ما لم يناله أي نظام وفي أي عهد.
في عهدنا هذا تكاد الشائعة أن تحل محل الحقيقة وخاصة تلك التي تصدر عن جهات معادية للأمة وقيمها ووجودها والتي ياخذها بعضنا على عواهنها ويعتبرها حقائق مسلم بها غير قابلة للتشكيك والانتقاص..؟!
اليوم الشائعات زادت بطريقة جنونية مستفيدة من سهولة التواصل والترويج عبر الشبكة العنكبوتية ويكفي المر أن يفتح جهازه ويبث ما يريده من الأكاذيب بدافع الغضب من شخص ماء أو جهة ماء أو نظام ماء، وخاصة في زمن الحروب والصراعات الدامية مذهبية كانت أو طائفية أو حزبية لتجد الشائعة طريقها للانتشار إنتشار النار في الهشيم، ليتقبلها المتلقي ويسوقها بدوره كحقيقة مطلقة، لتصبح الشائعة في أي صراع اجتماعي سلاحا قاتلا وشاهدنا ذلك منذ الغزو الأمريكي للعراق وما تبع الغزو من أحداث طالت الخارطة القومية، أعتمد صناع تلك الأحداث على الشائعة التي تسخرت لها قنوات إعلامية وصحف ومواقع إعلامية وشبكات التواصل حتى أصبحت الحقيقة عصية على الإدراك وسط هذا الكم الهائل من المعلومات المضللة والزائفة والتي ادت الي انتصار مروجيها ولم يكتشف زيفها إلا بعد فوات الأوان..؟!
شائعات إسقطت أنظمة ودول ودمرت مجتمعات وشعوب وكانت أمتنا العربية أكبر ضحاياها وأكثر من دفعت ولاتزال تدفع ثمن هذه الشائعات لليوم..!
اعرف ان الأمة مستهدفة منذ الأزل ومنذ كان (يهود خيبر) يغذون الصراعات والحروب بين ( الأوس والخزرج) في (يثرب) يقدمون المال والسلاح لكلا الفريقين ويدفعوهم لقتال بعضهم من أجل (أمن اليهود واستقرارهم) ولم تتوقف هذه السلوكيات الا بظهور سيد البشرية المصطفى محمد عليه الصلاة والسلام برسالة التوحيد ووحد بين الأوس والخزرج الذين اطلق عليهم ب(الأنصار).. غير أن هذا السلوك عاد في فترات لاحقة وعن طريق ذات الجهات غير أن التقنية وثورة المعلومات ابهرت العرب لدرجة انهم سخروا أنفسهم لتسويق كل ما يطبخ في مطبخ الصهاينة والامريكان وبدون مقابل بل يدفعون ثمن تواصلهم ( كروت وفواتير) فيما سابقا كان نشر الشائعات بمقابل، اليوم يكتفي الصهيوني والمستعمرين بتجنيد أو بتوظيف (مائة شخصية عربية مرموقة) ومن مختلف الشرائح والطبقات الاجتماعية العربية ويقدم لهم الدعم المادي والمعنوي ويفتح لهم أبواب القنوات الفضائية المشهورة والصحف والمواقع، ليبثوا عبر هذه الوسائل _الشائعات _المراد تسويقها فنجد عشرة مليون عربي ينساقوا خلفهم ويلتقطون ما يسوقوه لهم ليسوقوه بدورهم لتصل الشائعة لمائة مليون عربي وكأنها حقيقة وان لم يقتنع العقلاء بها كحقيقة يكفي ان تظل محور تفكيرهم وتفتح في نفوسهم أبواب الشك ومن ثم التردد في نصرة المستهدف انطلاقا من تلك الشائعة التي أن لم تصدق فهي تؤثر في نفسية المتلقي.
للموضوع تتمة
4 ديسمبر 2024م |