ريمان برس -

منذ تفجرت أزمة ( الأخوة العملاء قطر والسعودية) على خلفية أزمة منطقة (سلوى الحدودية) التي سيطرت عليها السعودية وهي المنفذ البري الوحيد الذي يربط قطر بالعالم الخارجي تلك الأزمة التي دفعت الأبن حمد للانقلاب على ابيه خلال زيارة الأب للخارج لتبدأ قطر من عام 1994م مرحلة جديدة في تاريخها بقيادة اميرها حمد الذي اجبر والده على العيش في المنفى حتى وفاته، وبعهده انطلقت ( قناة الجزيرة) وتبعتها (العربية) ثم لحقت بهم قناة (الحرة) فاكتمل أمريكيا مسمى (الجزيرة العربية الحرة) التابعة للبنتاجون الأمريكي وكانت مهمة هذه النوافذ الإعلامية معروفة سلفا لكل من يتابع مجريات الأحداث، وخوفا من غدر الشقيق اتجهت قطر الي واشنطن مطالبة بإقامة قواعد عسكرية أمريكية على اراضيها وكانت قطر الكيان الوحيد في هذا العالم السباق الي طلب إقامة قواعد عسكرية على أرضه من دولة اجنبية وفعلا إقامة أمريكا قواعدها في قطر وهما قاعدتي (العديد والسيلية) أو هكذا تم تسميتهما وتعد هاتان القاعدتان من أكبر القواعد الأمريكية في المنطقة وأضخم مخزن لتخزين الأسلحة الأمريكية، والمثير أن هذه القواعد وكل من فيها على نفقة قطر التي تصرف على أنشطة القاعدتين وأفرادهما..؟!
حدث هذا خشية من قطر من غزو أشقائها في الرياض ولم يكن أمام قطر من حل لتأمين نفسها من جارها الشقيق المفترض غير الاحتماء بأمريكا وقواعدها.. لكن ومع تربع قطر على عرش الغاز وتراكم ثرواتها في الصناديق السيادية واتساع رقعة استثماراتها في أمريكا وبريطانيا والدول الغربية، كان لابد من أن يكون على راسها شخصية أكثر ديناميكية وانفتاح على العالم فتم إنقلاب تميم على والده مقتفيا اثره ونصب نفسه وبدعم أمريكي غربي أميرا لقطر متجاوزا أحقية أخيه  الأكبر غير الشقيق  الجنرال في الجيش،لتبدا قطر مرحلة أخرى من مسارها ولكن هذه المرة لتكون بمثابة (المطبخ الأمريكي _الصهيوني) ومكتب عقد الصفقات الكبرى المتصلة بمستقبل الأمة وإحداثها إضافة لدورها كخزانة تمول العمليات التي توجه بها واشنطن في المنطقة من أفغانستان وحتى جبال كردستان،معتمدا على المال وقناة الجزيرة وأخواتها ومراكز ابحاثها والتي تساهم بإدارتها كوادر أمريكية صهيونية..
لعبت قطر أدوارا تخريبية بدءا من عام 2000م تحديدا عبر توجيه قناة الجزيرة لتبني رؤى تدميرية تحت يافطة الحريات وحقوق الإنسان في الوطن بادية بشيطنة النظام العراقي السابق مستقطبة كل معارضيه ومن يرغب في( شيطنته) ومارست خطاب ( كي الوعي الجمعي العربي) وتهييج العقل العربي بمفردات كاذبة ومضللة، قناة استطاعت أن تلعب أدوار قذرة وكأنها جهاز استخباري وليس مؤسسة إعلامية وخاصة فيما يتصل بما يسمى الربيع العربي..!
وتواصلت مهمة قطر وصولا إلى فلسطين وقبلها لبنان خلال حرب تموز غير أن دورها الأكثر قذارة كان في سوريا وليبيا واليمن ومصر متجنبة الإجهار عن خصوماتها الخليجية المكفول حلها أمريكيا وبريطانيا، فيما ذهبت في منافسة أشقائها الخليجيين مرتدية حلة أكبر منها بكثير لدرجة تجاوزت كل عواصم الفعل العربي، ورغم فشل المؤامرة على سوريا خلال الأعوام الماضية وتراجع العديد من الأنظمة العربية عن مواقفها المناهضة لدمشق وعودة سوريا للجامعة العربية بعد أن تم إسقاط عضويتها من قبل قطر، وبعد اعتراف رئيس وزراء قطر ووزير الخارجية  السابق والذي كشفه نكاية بالأمير الجديد للبلاد وفي سياق خلافات داخل الأسرة الحاكمة القطرية، إلا أن قطر ضلت متمسكة بمواقفها العدائية من سوريا إنطلاقا من إنتماء  قطر لجماعة الإخوان أو بمعنى أدق تكليف قطر أمريكيا بدور تؤديه كحاضنة للجماعة وهذا ما جعلها تقدم نفسها كراعية لجبهة النصرة في سوريا ولجماعة داعش في العراق ولجماعة الإخوان في اليمن ومصر والسودان حتى أن كوادر قناة الجزيرة ومراسليها غالبيتهم ينتمون للجماعة أو مزكيين من قبلهم للعمل في القناة.. وهذا جعلها تؤدي دور الوسيط بين المقاومة في فلسطين وبين خصومهم وأعدائهم، كما هي  مصدر ثقة الجانب الصهيوني والأمريكي في تأدية هذا الدور اللوجستي..؟!
غدا تستضيف قطر لقاء يتصل بالحالة العربية السورية وتداعيات إحداثها اتصالا مع فعاليات (استانا) ورغم إنه لا يصح إلا الصحيح فإن عقد اللقاء في ( الدوحة) مثيرا للشك والريبة إذا ما تأملنا في غايته وهل الهدف منه العودة إلى المسار السياسي وخفظ التصعيد؟ أم غايته تثبيت إنجازات الإخوان في سوريا الأخيرة؟ أم إنقاذ الجماعة من هلاك محقق على أيدي أبطال القوات المسلحة العربية السورية وحلفائه؟!
بيد أن اشكالية قطر مع الاخوان تتماهي مع اشكالية تركيا فكلاهما يقف بين المطرقة والسندان ويدين الإرهاب في كل مكان ويستثنيه في سوريا ف(الجولاني) زعيم جبهة النصرة المعتقل السابق لدى الجيش الأمريكي في العراق والمطلوب راسه مقابل (خمسة مليون دولار أمريكي) هو بنظر قطر وتركيا زعيم يؤهل لحكم سوريا أو المشاركة بحكمها وتتغاضي أمريكا عنه وتدعمه حاليا على قاعدة الغاية تبرر الوسيلة..؟!
إذا ماذا سيخرج مؤتمر أو لقاء الدوحة بخصوص سوريا؟ هذا ما سوف تكشفه تداعيات الأحداث القادمة..؟!
6 ديسمبر 2024م