ريمان برس - خاص -
حين نتحدث عن سوريا لا يعني إننا نتحدث عن نظام أو قائد أو حزب كما يحاول البعض توصيف مواقفنا وإظهارنا بمظهر المتعصبين لقائد أو لنظام أو لحزب بذاته، حديثنا عن سوريا هو حديث عن هذا البلد العربي الضارب جذوره باعماق تاريخنا الحضاري العربي _الإسلامي، نتحدث عن دور ومكانة ومواقف الجمهورية العربية السورية التي تواجه مؤامرة كونية، مؤامرة تداخلت فيها أهداف ودوافع وغايات أطرافها واحقادهم والجميع لديهم هدف مشترك هو إسقاط سوريا القيادة والمؤسسات والنسيج الاجتماعي والجغرافية وأيضا الدور والمكانة التي تلعبهما سوريا في سياق التفاعلات الحضارية والإنسانية المتصلة بالوجود القومي والدور الحضاري للأمة العربية وقضاياها المحورية وفي المقدمة قضية الصراع العربي _الصهيوني هذه القضية التي تتمسك بها سوريا ليس كموقف سياسي لوجستي بل كهوية مدعمة بالفكر القومي العربي الذي تبنته سوريا وفيه القضية الفلسطينية جزء من هوية سوريا ومبادئها وقد تجذرت هذه العلاقة عبر التاريخ الممتد من النكبة إلى الطوفان رغم الهفوات والأخطاء المشتركة التي تعرض لها المسار السياسي العربي السوري وما واجه من انتصارات ونكسات ظلت سوريا متمسكة بخياراتها القومية رافضة عزل مسارها عن فلسطين مقدمة التضحيات الجسام في سبيل قضية كانت تعد قضية مركزية للأمة في زمن المد القومي ثم تدريجيا وبعد خفوت وهج المد القومي تدرجت المواقف العربية الرسمية وصولا إلى نقطة أصبحت قضية فلسطين عقدة مزعجة لدى غالبية الأنظمة العربية باستثناء سوريا التي ظلت على مواقفها الثابتة تجاه فلسطين رغم كل ما يشاع ويقال عن مواقف سوريا وما يطلق من شائعات حول مسارها الداخلي والقومي والدولي من قبل قوي الاستهداف التي تقاطعت مصالحها في استهداف سوريا على خلفية مواقفها وثبات مبادئها بعيدا عن الشعارات التي يتدثر بها من يستهدفها تارة باسم الديمقراطية المطلوبة شعبيا وتارة دفاعا عن حرية الشعب من نظام (ديكتاتوري) واخرى تحت مزاعم مذهبية وطائفية..!
هذه المواقف التراكمية العدائية لسوريا الدور والموقف والهوية بدأت تنسج خيوطها منذ قيام الثورة الإسلامية الإيرانية التي أيدتها سوريا وكانت قبلها معادية لنظام الشاه ثم عارضت الحرب العراقية _الإيرانية وحذت حذوها ليبيا بقيادة القذافي والقوي القومية العربية التي باركت الثورة الإيرانية وعارضت الحرب ضد إيران، وقبل هذا عارضت سوريا اتفاقية السلام المصرية مع الصهاينة وعارضت زيارة السادات للقدس ثم تزعمت جبهة الرفض العربية وكانت دمشق عاصمة الصمود والتصدي والممانعة حين اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية وجدت دمشق نفسها مسؤلية عن سلامة ووحدة هذا البلد العربي كما هي مسؤلة عن القضية الفلسطينية وداعمة لنضال الشعب العربي في فلسطين ومقاومته حتى يستعيد حريته ويقيم دولته..
ألتزمت دمشق بثوابتها الوطنية والقومية والدولية ورغم كل تداعيات الخارطة الدولية ظلت سوريا صامدة ملتزمة بخطها السياسي رافضة كل أشكال التطويع والتبعية والارتهان، وفي لبنان وقفت سوريا بكل امكانياتها وقدرتها وثقلها الي جانب الشعبين اللبناني والفلسطيني وتصدت للعدوان الصهيوني ودعمت المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وكما تصدت للعدوان الصهيوني ورفضت مبادرة الاستسلام السعودية الأمريكية التي قدمت لقمة المغرب عام 1982م رفضت الغزو العراقي للكويت وقدمت سلسلة عروض وضمانات للأشقاء في العراق وحذرتهم من مؤامرة تحاك ضدهم ولكن للأسف لم ينصت لها الأشقاء في بغداد، شاركت بقوات رمزية في حرب تحرير الكويت إستنادا الإجماع العربي ولم تكن مشاركتها فاتحة للأرتماء بأحضان أعداء الأمة بل وبمجرد خروج العراق من الكويت ظلت سوريا متمسكة بمواقفها الراسخة، ورفضت حصار العراق وقدمت له كل أشكال الدعم خلال الحصار الأمريكي وشاركت في ( مؤتمر مدريد للسلام عام 1991) وغادرت طاولة المؤتمر بعد أن أيقنت انه مجرد فخ وضحك على دقون العرب..!
وفي لقاء جنيف بين الرئيس الراحل حافظ الأسد والرئيس الامريكي بيل كلينتون الذي استغرق عاما كاملا في الاعداد له ولكن الرئيس حافظ الأسد إنهاء اللقاء في خمس دقائق بعد إدراك نوايا أمريكا وعدم جديتها في تحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة..!
يتبع
7 ديسمبر 2024م |