ريمان برس -
جميل أن تؤسس (شركة قطر للغاز) قناة إعلامية كقناة الجزيرة التي تمتد خدمتها ( التنويرية) لقرابة ثلاثة عقود، ثلاثة عقود من أداء تحريضي تأمري إستهدافي قضته الجزيرة في (نبش) ذاكرة الأمة والمجتمعات مدافعة _ ظاهريا _عن الحقوق والحريات ومنافحة عن المظلومين في الوطن العربي _تحديدا _وعلى الطريقة الأمريكية..؟ نعم أليست أمريكا هي حامية الحقوق والحريات ومناصرة المظلومين في العالم والوصية على الشعوب وخاصة الشعوب العربية..؟!
الجزيرة بدورها حاملة لواء التنوير والمنافحة عن حقوق وحريات المجتمعات العربية ومناصرة المظلومين في الوطن العربي وخاصة أن كان هؤلاء المظلومين ينتمون ( للجماعة)؟!
هي أعطت (لشركة قطر) مكانة وحضورا ناعما في السياق الجيوسياسي فكانت أشبه ب (هدهد سليمان) في أمانتها، وحمالة رسائل وفية فاق وفائها وفاء ( الحمام الزاجل)..؟!
يصعب القول إنها قناة ( إخوانية) كما يصعب وصف قطر بأنها كيان (وهابي) وأن كانت (الدوحة) تحتضن جامعها الكبير المعروف بجامع (الإمام محمد بن عبد الوهاب) إذ أن ارتباط قطر ب (الوهابية) هو إرتباط أسري أكثر منه عقائدي أو ايديلوجي والأمر كذلك ينسحب على علاقة قطر ب (الجماعة) الذي يندرج في سياق التوظيف السياسي الموجه وليس له أي بعدا عقائديا لأن المشرف العام الذي يوجه أنظمة الخليج اختار قطر لتأدية هذا الدور والمهمة متخذا من (الدوحة) مطبخه الخاص لإدارة الجماعة وتحريكها في جغرافية المنطقة وتخومها ومكتب لوجستي يقوم بالإشراف على نشاط الجماعة وحسب..؟!
ندرك المهمة الثقيلة التي قامت به قطر والجزيرة في تداعيات _الربيع العبري _عفوا _العربي _من مصر إلى ليبيا الي اليمن وسوريا وفلسطين غير أن الدور الذي لعبته قطر والقناة في سوريا ربما يكون الأكثر فعالية رغم ان دورها في فلسطين ملفتا ومثيرا غير إنه لم يكن ولن يكون أكثر إثارة منه في سوريا، فمع الأحداث السورية كانت قطر والقناة أكثر حضورا وشفافية وحماسا في تدمير سوريا وإثارة النزعات ودعم وتشجيع الإرهاب ونقل بطولات الإرهابيين باعتبارهم ( ثوار أحرار ومحررين) وحين عاد العرب بعد قطيعة ل(دمشق) وهي القطيعة التي فرضتها قطر على اعضاء الجامعة العربية أو _العبرية _لافرق كانت قطر هي المعارضة لعودة ما انقطع بين العرب ودمشق وظلت تنفخ في ( كير الأزمة السورية بالتعاون والشراكة مع تركيا وخليفة المسلمين أردوغان) الذي يمكن وصفه ب(راسبوتين) القرن الحديث..؟
قطر والقناة ورغم قتل العديد من منتسبي الجزيرة في فلسطين من قبل العدو الصهيوني لم تحرك ساكنا أكثر من إصدار البيانات مع حرصها الكامل في تغطية اخبار الكيان وجيشه وقيادته ونقل كل أنشطتهم حتى رغم طردها من فلسطين وإغلاق مكاتبها ظلت حريصة على تغطية اخبار الكيان بزعم الحيادية والمهنية فيما الحقيقة انها جزءا من المشروع الصهيوني الأمريكي..
تشعر قطر والقناة بكثير من السرور والابتهاج لسقوط النظام في سوريا ودخول أبطال الجماعة فاتحين ودخول الكيان مدمرا كل منجزات الشعب العربي في سوريا وكأنها من مخلفات العهد البائد أو من أملاك أسرة الأسد الشخصية بما في ذلك الجيش والأجهزة الامنية والقدرات العسكرية والاضرحة، يعني حتى الأموات لم يسلموا من إرهاب أصدقاء قطر وتركيا ونتنياهو، ومع ذلك تجاهلت القناة تغطية كل هذه الأحداث إلا من أخبار عابرة فيما انهمكت في (سجن صيديانا) تنقل عن جرائم تلفقها للنظام السابق وتجاهلت (سجون آدلب ودير الزور) وجرائم احبابها، كما تتجاوز سجون الخليج بدءا من سجون الدوحة مرورا بسجون الرياض وبقية مدن اخوانهم وصولا إلى سجون دبي وابو ظبي، تماما كما تجاهلت حرية التعبير وحقوق الإنسان في المحميات الخليجية..؟!
هي تعمل على الطريقة الأمريكية وتشتغل بنظام تشغيل أمريكي و( تنبش) حقول الآخرين البعيدة وتتجاهل الحقول التي تعيش فيها وتجاورها.. نعم هي لا تتوقف أمام الممولين والمشرفين لان مهمتها هي تدمير قدرات عجزت الصهيونية وامريكا والغرب عن تدميرها إلا عن طريق تدمير الوعي الجمعي العربي فكانت الجزيرة وأخواتها التي تم إنشائها برعاية واشنطن _تل آبيب _لتأدية مهمة تطويع أو تدمير الأمة، لذا تم تطويع مصر وتدمير البقية إلا من أشعل في ديوانيه شموعا محمولة على اكتاف (شمعدان سداسي) تعبيرا عن ولاء ( لأحبار حائط المبكي) التي ساهمت قطر وقناتها والكنتونات المجاورة لهما في إدخال الأمة عصرهم بسقوط دمشق وتمكين الصهاينة من تدشين عهدهم الجديد كورثة لسايكس _بيكو..؟!
لكن ختاما أقول أن (سجن صيديانا) أكثر رحمة من سجون قطر وأنظمة الخليج وأكثر شرفا من سجون أمريكا والصهاينة، وقتل السجين تقريبا أكرم له وأشرف من ( طعن رجولته) كما هو حال سجون أمريكا أو( هتك عرضه واغتصاب محارمه أمامه كما هو الحال في معتقلات الخليج قطر والإمارات والسعودية) تحديدا.. لكن لكل بداية نهاية ولن ننتظر كثيرا حتى نرى كاميرات أخرى تدخل لقصور وسجون أمراء وشيوخ الخليج الذين لايزالون يتباهون بامتلاك ( العبيد والجواري) وحتى الزوارالاحرار القادمين إليهم يتحولون الي ( عبيد) من خلال نظام الكفلاء، بل حتى زوار بيت الله يشعرون انهم يزورون (بيت آل سعود) وليس بيت الله التي تم مصادرة حق المسلم لأداء فريضة الحج، إذ لا يتاح له تأدية هذا الفرض الا بأذن من (حرامي الحرمين) في مخالفة صريحة لنص قرأني لم يسبق أن فعله نظام منذ فجر الإسلام إلا في عهد نظام (حرامية الحرمين) من (آل سعود).؟!
قطعا لن تنسي الذاكرة الجمعية العربية دور قطر وقناة الجزيرة ليس فيما حصل في سوريا بل فيما حصل للمنطقة منذ انطلق قناة الجزيرة في بث سمومها عبر الاثير لتلويث العقل العربي وتظليل مداركه وتمزيق نسيجه المجتمعي لا أقول هذا تجنيا على قطر وجزيرتها بل اقول ما اقول مدركا لخطورة الدور الذي تؤديه قطر والجزيرة وهو دور أخطر بكثير من الوجود الصهيوني ذاته..؟!
هي عقدة الشعور بالنقص التي استوطنت أمراء الخليج، الذين يشعرون بالحقد والغيرة من نطاقات عربية حضارية مؤغلة في القدم فيما هم مجرد لقطاء التاريخ حالهم حال أمريكا التي لا تؤمن بالتاريخ ولا بالحضارات لأنها لا تمتلك هذه المقومات ولذا ترى أن المال هو الحضارة والقوة هي التاريخ وبهذا اقتدت أنظمة الخليج وتحاول تطويع النطاقات الحضارية العربية وتدمير ها اليمن، العراق، سوريا، فلسطين، مصر، وتريد أن تفرض قيمها وسيادتها على كل هؤلاء بسلاح الحقد والثأر من حقائق ومقومات تفتقدها وعن طريق استغلال المال وتوظيفه لخدمة أهدافها الانتقامية القذرة.؟! |