ريمان برس -
من منتصف القرن الماضي أزدادت وتيرة الوعي الجمعي العربي، وأزدادت رغبة الجماهير العربية في الحرية والاستقلال والتخلص من الوجود الاستعماري في الوطن العربي.. عام 1947م تأسس حزب البعث العربي من قبل نخبة من المثقفين العرب الذين نادوا القومية العربية والوحدة العربية وطرد المستعمرين الأجانب من الوطن العربي، وفي عام 1948م أعلن عن قيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين وصدر قرار التقسيم الذي قضى بتقسيم الجغرافية الفلسطينية بين العرب والصهاينة على اساس 43٪ من مساحة فلسطين تكون للعرب فيما 57 ٪ للصهاينة ورفض العرب هذا القرار الأستعماري الذي خططت له أمريكا وبريطانيا وفي عام 1952م قامت ثورة يوليو في مصر بقيادة الزعيم جمال عبد الناصر، ثم توالت الأحداث في الوطن العربي بعد تبني (ناصر) رؤية قومية وحدوية ومناهضة الاستعمار في الوطن العربي وأفريقيا واسيا، عجزت قوي الاستعمار ومعها أمريكا في تطويع عبد الناصر فحاولت تطويعه عن طريق الاقتصاد، فكان قرار تاميم شركة قناة السويس صفعة في وجه الاستعمار، فيما كانت القاهرة قد أصبحت قبلة لأحرار الوطن العربي وأفريقيا وأحرار العالم، وكان العدوان الثلاثي على مصر الذي شنته بريطانيا والصهاينة وفرنسا، وخاض ناصر المواجهة وكسر إرادة ورغبات المستعمرين، الذين حاولوا تطويقه ب (حلف بغداد) الذي خططت له ورعته واشنطن وجعلته بقيادة العراق _نوري السعيد _رئيس وزراء المملكة ورجل بريطانيا الأمين في المنطقة بعد (آل سعود) وقبل ( ملك الأردن) وتكون الحلف من العراق _تركيا _إيران _إسرائيل _أمريكا _ومهمة حلف (التصدي للنفوذ الشيوعي في الوطن العربي)..؟!
ربطت أمريكا مساعدتها وعلاقتها بنظام عبد الناصر بشرط انظمام مصر للحلف، رفض عبد الناصر الحلف واعتبره تهديدا للأمن القومي العربي موضحا أن الأمن العربي لا يتهدد ب(النفوذ الشيوعي) بل بوجود الكيان الصهيوني في المنطقة.
اتخذت المواجهة أشكالا وطرق متعددة بين القاهرة وعواصم الاستعمار وحلفائها من قوى الرجعية العربية، أسقط (ناصر) حلف بغداد واسقط النظام الملكي في العراق وأعلن عن قيام الجمهورية العراقية عام 1958م وإنهاء النظام الملكي.. في ذات الوقت كان الثوار في الجزائر يخوضون معركتهم ضد الاستعمار الفرنسي وفي عام 1958 م أعلن عن قيام الوحدة بين مصر وسوريا، وفي تلك المرحلة انطلق الوعي القومي أو كان الوعي القومي قد بلغ ذروته وأصبح عبد الناصر قائدا وزعيما للأمة وإيقونة نضالية في مواجهة قوي الاستعمار والهيمنة والصهيونية والرجعية العربية حليفة الاستعمار..
في ذات الوقت كانت المخططات الاستعمارية _الرجعية _الصهيونية تمضي على طريق استهداف الأمة ومشروعها القومي، وعلى مدى 18 عاما هي فترة حكم الزعيم جمال عبد الناصر حققت مصر والأمة الكثير من الإنجازات كما تعرضت أيضا لانتكاسات كانت بحجم عظمة المرحلة وعظمة ابطالها..
عام 1961م حدث الانفصال بين مصر وسوريا، بدعم ورعاية نظام آل سعود وقوي الاستعمار والرجعية وتنفيذ قوي الانفصال الانتهازية في سورية.. لكن بالمقابل قامت الثورة في اليمن وانتصر ثوار الجزائر ضد فرنسا، وكأنت حركة عدم الانحياز قد وجدت وتأسست منظمة الوحدة الأفريقية عام 1962َم..وارتفعت راية الحرية في أفريقيا وفي أرجاء العالم الثالث التي شحنت وعيها الجمعي بكل قيم الرفض للهيمنة والاستعمار الإمبريالي.
كانت فلسطين بوصلة المد القومي وغاية القومين، وكأن الأمن القومي العربي هدفا في مشروع عبد الناصر والوحدة والتكامل الاقتصادي العربي.
في ذات الوقت كانت قوي الرجعية ممثلة (بنظام آل سعود) وبرعاية أمريكية وبتنسيق صهيوني بريطاني وكان الهدف هو ضرب المشروع القومي العربي وضرب كل ممكنات القدرات العربية، هذا كان بالظاهر فيما الذي لم يكن ظاهر هو تأمين الكيان الصهيوني وضرب أي قدرات عربية تتفوق على هذا الكيان وهذا ما نراه ونشاهده اليوم بعد ( 75 عاما) من انطلاق المشروع القومي الذي يتم اليوم وآد اخر معاقله وتحصيناته سوريا بزعم تحرير شعبها كما تم تحرير قبلها الشعب في العراق وليبيا والصومال واليمن وتونس ومصر.. هذه الدول التي تبنت النظام الجمهوري تم إسقاطها بزعم الحرية والديمقراطية فيما الأنظمة الملكية والرجعية بدت وكأن من يحكمها هو الفيلسوف الاغريقي (سولون) مؤسس الديمقراطية وفيلسوفها الأول..؟!
لماذا لم تستهدف الأنظمة الملكية في الوطن العربي أن كان الغرب وامريكا حريصين على حريات الشعب العربي؟ لماذا تفجر الربيع العربي في الدول ذات الأنظمة الجمهورية ولم يحدث مثيلا له في الأنظمة الملكية؟
هل نظام آل سعود ديمقراطي والشعب يمارس حريته المطلقة دون خوف؟ وهل الأمر كذلك في بقية دول الخليج والاردن والمغرب..؟!
تساؤلات برسم الوعي الجمعي لمن يريد أن يفكر ويتأمل؟
اعرف ان هناك من سيقول شعوب الخليج مستقرة وعملتهم مرتفعة وحياة الرفاهية تخيم عليهم؟ واقول نعم هذا صح، ولكنهم يعيشون حياة العبودية والذل ويعبدون ملوكهم وشيوخهم لا يجرؤن على التفوه بكلمة نقد وان كانت عابرة؟ فيما سجونهم مليئة بالأحرار الوطنيين الرافضي لحياة العبودية والذل والامتهان.. هذه الأنظمة تعيش تحت حماية الصهاينة والاستعمار الأمريكي _البريطاني الغربي وهم عبارة عن محميات تحكمها وتتحكم بها أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني.. أنظمة هي عبارة عن ( شركات نفط وغاز) محروسة بقواعد أمريكا وفرنسا وبريطانيا والصهاينة، واسواق مفتوحة لتسويق منتجات أمريكا والصهاينة وبريطانيا والغرب الاستعماري..!
للموضوع صلة |