ريمان برس -
كل شيء يبدأ بالإنسان، وكأن أبونا (أدم) بداية التراجيديا الزمكانية ومحور الأفعال القهرية التي دفعت أحد أبنائه لقتل ابنه الآخر.. إيذانا ببداية التفاعل التراجيدي الذي جمع بين الزمن والمكان وجمع بين الخير والشر وبين الحق والباطل، وبين الحياة والموت، والليل والنهار، والسالب والموجب، في شكل بشري أطرافه الذكر والأنثى، ومحور التراجيديا بين التوحيد والشرك والإيمان والكفر، لتمتد هذه الجدلية عبر الزمان كظل مرافق للتاريخ وتحولاته وأحداثه..!
ظل الإنسان هو محور التراجيديا التي تطورت بتطور الزمن والمكان والإنسان، في سياق تاريخي يحتفظ بأثار ومعالم ملايين السنيين منذ وطأت أقدام أبونا (أدم) سطح كوكب الأرض مدشنا رحلة جدلية تحرك ابطالها من البشر منظومة من التفاعلات والقوانين والرغبات، بشر وجدو أنفسهم اسرى التفاعلات الروحية والمادية، الذاتية والموضوعية، وبين قوانين وتشريعات الخالق سبحانه وتعالى، وبين قوانين واعراف ابتكرها البشر لتنظيم حياتهم الاجتماعية وعلاقتهم فيما بينهم وحدود هذه العلاقة، وبين نوازع ذاتية تستوطن نفسية الإنسان _الفرد _ الذي ذهب بنزعاته بعيدا في التعبير عن رغباته دون الأخذ بالاعتبار قوانين وتشريعات أنزلها الله وطلب من مخلوقاته الالتزام بها والعمل وفقها والابتعاد عن طريق العدو الأزلي _للإنسان _وهو _إبليس _الذي أوجده الله الخالق ليكون ضمن مكونات _التراجيديا _وأحد مقوماتها الفاعلة من خلال دورا خصص له مهمته تحريك النوازع والرغبات الذاتية التي تستوطن نفسية الإنسان _الفرد _ بما تحمل من رغبات تتجاوز تشريعات وقوانين الخالق سبحانه الذي وصف مخلوقه هذا بأنه (أكثر جدلا) والتراجيديا هي منظومة التفاعلات الجدلية والأحداث التي يخوضها الإنسان مع خالقه ومع مجتمعه ومع رغباته، لدرجة أن ذهب هذا الإنسان بعيدا في نوازعه مستندا على مقومات قدرته ونفوذه وسيطرته على محيطه الاجتماعي أو على جزءا منه بما يجعله صاحب حضوة ومكانة وقدرات تمنحه حق الوصاية والقيادة وفرض قناعته على أتباعه وفق تقاليد احتماعية مكتسبة فرضتها تراجيديا التحولات وحولتها إلى أنماط سلوكيه وتقاليد واعراف محمية بقوانين اجتماعية متنقلة بين الأجيال..!
خلال الرحلة برزت مفاهيم وافكار جدلية علمية ومعرفية استطاع خلالها الإنسان أن يطور ذاته ويطور مكانه بما يتطلب زمانه، غير أن الذات الإنسانية ظلت (هلوعة) تحركها نوازع ذاتية أدت إلى طغيان ونفوذ القلة على الأكثرية حتى تفشت مظاهر (الظلم والقهر) الذي حرمه الله على نفسه وعلى عباده، غير أن عباده مارسوه لدرجة ان بعضهم منحوا أنفسهم سلطات التحكم بعباد الله تتماهي مع سلطات الخالق سبحانه جاعلين من أنفسهم وكلاء الله في الأرض قهرا وقسرا حتى أصبحنا أمام تراجيديا مثيرة نعيشها اليوم ونتأمل مشاهدها الجدلية دون أن نشهد بالمقابل تراجعا في سلوك القهر والظلم التراجيدي القائم على قسرية الفعل وعلى إدعاء البعض امتلاك الحقيقة دون غيرهم من البشر، حتى أصبحت القوة هي الوسيلة المكلفة باخضاع الشعوب بأسم الله تارة وبأسم الحرية تارة أخرى وفق سلوكيات لا يرضى عنها الله ولا تعبر عن الحرية التي فطرا الله عليها عباده.
ومع التطور ( الزمكاني) تطورت أيضا أساليب الظلم والقهر، وأدت الاكتشافات العلمية بدورها إلى تنامي قيم ومظاهر ( العبودية) وإستلاب إرادة وحرية البشر من خلال تنامي أنماط استهلاكية وقيم سلوكية أصبحت تسيطر على حياة البشر تحت يافطة التطور والتقدم وقد زادت ثورة الاتصالات والمعلومات التقنية من ظاهرة (العبودية) حتى أصبح الإنسان (عبدا) للقيم الاستهلاكية وأدواتها؟!
للموضوع صلة |