ريمان برس -
تساؤلات كثيرة مرتبطة بمصير الأمة اخذت تفرض نفسها على ضوء تداعيات اللحظة الراهنة التي تعيشها أمتنا من محيطها إلى خليجها.. تساؤلات متعلقة بحال الأمة حاضرها ومستقبلها والصورة التي قد تبدو فيها في قادم التاريخ والموقف الذي ستقف عندها ( أمة الضاد) ودورها الحضاري والتاريخي ورسالتها ومكانتها بين الأمم..
الأمم قطعا لا تسقط ولا تموت.. لا بصورة جزئية ولا بصورة كلية وشعوب أمتنا عصية على الانقراض ولنا في أحداث هذه الأمة وما تعرضت له من إنكسارات ونكسات خير دليل على عظمتها وعظمة دورها النضالي ورسالتها الحضارية.
نعم سقطت فلسطين في قبضة الاستعمار البريطاني ثم الاستعمار الصهيوني الاستيطاني، لكن الشعب الفلسطيني لم يسقط ولايزل يناضل من أجل حريته، سقطت الجزائر تحت نير الاستعمار الفرنسي الذي استمر لعقود طويلة، لكن في النهاية رحل الاستعمار وتحررت الجزائر، كما تحررت مصر والعراق وجنوب اليمن والسودان من نبر الاستعمار البريطاني، وتحررت المغرب وتونس وسوريا وجيبوتي ولبنان من الاستعمار الفرنسي، وتحررت ليبيا من الاستعمار الإيطالي.. نعم تحررت شعوب الأمة من أتون قوي الاستعمار الأجنبي الذي بخروجه من الجغرافية العربية ابتكر وسائل وأدوات جديدة لديمومة هيمنته لكن كل هذا مصيره الزوال والبقاء والخلود للأمة طال الزمن أو قصر.
نعم سقط بالأمس النظام في العراق، ثم لاحقا سقط النظام في ليبيا واليمن واخيرا ها هو النظام العربي في سوريا يسقط، لكن هذا لا يعني النهاية ولا يعني سقوط الأمة ولا سقوط شعوبها.. نعم سقطت الأنظمة لكن هناك شعوب باقية وخالدة وهي من تصنع الأنظمة وتشكل هوياتهم، نعم قد يكون للقوة الغلبة في تشكيل هذا النظام أو ذاك على الخارطة العربية، لكن أيا كان هذا النظام فأن مصيره يبقى في يد الشعوب، أي في يد من يعنيهم هذا النظام أو ذاك ويعني حاضرهم ومستقبلهم.
منذ خمسة وسبعين عاما سقطت فلسطين في قبضة الاحتلال الاستيطاني الصهيوني، لكن شعبها لم يسقط ولم يقبل بالأمر الواقع وعلى مدى كل هذه السنوات والشعب العربي في فلسطين يقدم قرابين التضحيات وقوافل الشهداء من أجل حريته واستقلال وطنه..!
نعم تعيش أمتنا العربية في اسوي مراحلها الحضارية والتاريخية ليس بفعل الهيمنة الاستعمارية ولا بقوة وغطرسة المستعمر، ولا لأن أمتنا عاجزة في الدفاع عن نفسها ووجودها ودورها ورسالتها الحضارية، بل لأن السبب يكمن في (هزيمة نخبها وارتهانهم لقوى الهيمنة) أن الأمم الحية لا تهزم مطلقا إلا أن أدار شؤنها وتولى أمورها قادة مهزومين نفسيا ضعفاء نفوس، جبناء يبحثون عن رغد العيش وأن في كنف الذل والأمتهان وهذه هي مشكلة أمتنا إنها تستبدل( الذي هو خير بالذي هو أدنى)، قاده فرضتهم قوي الاستعمار قهرا وقسرا لأن هذه القوى الاستعمارية التي فرضتهم على الأمة وجدت فيهم هدفها وغايتها وبهم سوف تحقق مصالحها، لذا نراء قوي الاستعمار والهيمنة تلمع العملاء والخونة والمرتهنين الاتباع لها في الأمة وتحشد لهم كل وسائل إعلامها، وتجند لهم كل القدرات والامكانيات التي تثبت بها سلطاتهم وتمكنهم من التسلط على الأمة وتقف ضد كل من يتعرض لهم من أبناء وطنهم وأمتهم ليس حبا فيهم ولا خوفا عليهم بل حرصا على مصالحها الاستعمارية..؟!
لذا اعود واقول ان الأمة لن ولم تسقط.. نعم سقطت أنظمة والأنظمة ليست هي الأمة مهما كانت هويتها ومكانتها وقوتها وكان مشروعها الوطني والقومي تظل قابلة للسقوط عندما تبدأ جسور التواصل بينها وبين شعوبها تتأكل وتتقطع بفعل تنامي وحضور تيار الانتهازيين وحاملي المباخر والمنافقين الذين يتركزون في مفاصل الأنظمة منهمكين في تقديس مصالحهم الخاصة دون النظر لمصلحة النظام وعلاقته بشعبه ووطنه.
أن الشعوب تسقط حين يفقد أفرادها هويتهم وانتمائهم وحبهم لبعضهم ولوطنهم، والحقد والكراهية اهم أسلحة قوي الاستعمار التي تبثهما اليوم بين أبناء الشعب الواحد وتوظفهما في سبيل إبقاء هيمنتها وتمكين عملائها ومرتزقتها من السيطرة والتحكم..؟!
أن الأنظمة التي تساقطت تباعا في الأمة هي أنظمة وطنية مهما كانت أخطائها، لكنها كانت تعارض مخططات أعداء الأمة بصورة اوباخري وبطريقتها وحسب امكانياتها بعيدا عن العنتريات التي يسوقها البعض لتبرير مخططات أعداء الأمة في تدميرها وتمزيق نسيجها الاجتماعي كما هو الحال اليوم..ولهذا استهدفت بزعم الحرية والديمقراطية الي اخر الشعارات التي يرددها أبواق الاستعمار والتي للأسف تفتقدها الشعوب الاستعمارية نفسها؟ فهل هناك حرية وديمقراطية _مثلا _في أمريكا والغرب؟ وهل هناك مكانة لحقوق الإنسان لديهم؟ أو اعتبار الحرية الرأي والتعبير..؟
لهذا أعود واقول ان الأمة لن تسقط وان سقطت الأنظمة، وان الشعوب الحية قادرة أن تنهض مهما كانت كبوتها إذا ما وجدت فيها قادة وطنيين أوفياء وصادقين مع شعوبهم ولم يكونوا صنيعة أعداء الأمة كما هو حال غالبية قادة الأمة اليوم. |