ريمان برس -
يقال إن الإنسان لا يكتسب صفته كإنسان، ما لم يتجاوز بقوة حدود إنجازاته الشخصية، و مجال أهدافه الذاتية، و الإنسان لا يمشي في طريق السعادة إلا عندما ترتفع حياته إلى مستوى أعلى من المستوى المتعارف عليه، بأنه مستوى الكفاح من أجل الحياة، و قد قال أحد القادة
المفكرين: ( الحياة الحرة الكريمة، تظل عنوان الحياة، و لا حياة حرة بدون تضحيات، فبمقدار ما تجود النفس، بمقدار ما تمنح نفسها حق الحياة الحرة)
و الواقع أن تربية الشخصية و الإعداد للحياة مرتبطان و لا يمكن فصلهما، فالعالم بدون شخصيات قيادية، لن يكون غير جهاز آلي ميت و خطر، كما أن شخصية بدون عالم لن تكون غير شبح، لأن الشخصية لا يمكن تحققها في برج عاجي أو ضد طبيعة العالم. و لا شك أن هناك أبحاثا جادة، حاولت أن تقيم الصلة ما بين المجتمع و قيادته ومدي إمكانية الشخصية القيادية في حشد المجتمع حولها والتسليم بقيادتها ، و أن تظهر كيف تنتج
المجتمعات قيادتها، و كيف يصطفى القائد؟ من أوساط المجتمع، ومدي قدرة القائد الشعبي في كسب مشاعر الشعب، وأيضا مدى قدرته في التعبير عن مصالح مجتمعه وترجمة أهداف وتطلعات المجتمع وتمثيله في مسيرة نضاله الوطني المتعدد الأبعاد.
في عالمنا العربي والإسلامي عرف التاريخ الكثير من الأسماء القيادية التي لعبت أدوارا محورية في حياة شعوبها وحفرت اسمائها في وجدان وذاكرة شعوبها وصفحات التاريخ لدرجة ان هذه الشخصيات تحضر للذاكرة الجمعية عند كل حدث أو منعطف حضاري وتاريخي تشعر فيها المجتمعات بالقهر والانكسار، فتجدها أمام لحظات تاريخية كهذه تستحضر ابطالها التاريخين متجاوزة رموز الحاضر وتعود بذكرياتها لزمن قادة تركوا بصماتهم في مسيرة شعوبهم وفي ذاكرة اجيالها وعلى صفحات التاريخ..
في ثقافتنا العربية الإسلامية لا يزل للشخصية الكارزمية دورا محوريا في تبني قناعات الرأي العام وترجمتها إلى رؤى وأهداف ومشاريع وطنية من خلال قيادات وجاهية تبرز من معترك المسار والتحولات الاجتماعية ومن خلال شخصية كارزمية يلتف حولها المجتمع ويضع فيها ثقته ويرى فيها المنقذ له من حالة الضعف والإنكسار والقادرة على ترجمة أحلامه وتطلعاته ويمنحها الثقة المطلقة لتكون معبرة عنه، وهذه الشخصية نادرا ما يجود بها الزمن و الأقدار لأي مجتمع، إذ تعد مثل هذه الشخصيات القيادية وذات الجذور الاجتماعية، يعد بروزها حالة إستثنائية في زمن تغلب فيه هيمنة الأقوياء أو من تفرضهم قوي خارجية، وبالتالي تصادر الإرادة الجمعية حتى في المجتمعات المتقدمة التي تعتمد المنافسة الديمقراطية فأن من يتقدم القوم غالبا ما يكون صاحب الثروة والمدعوم من قوى نافذة محليا أو خارجيا وبالتالي لا يأتي معبرا عن الإرادة الجمعية الوطنية، ولا أعتقد أن الرمزيات السيادية العربية والإسلامية اليوم تعبر عن إرادة جماهيرها بقدر ما تعبر عن إرادة القوى الدافعة لها ومن تستند عليها في البقاء على كراسي الحكم..؟!
في اليمن تتراوح الأقدار في إبراز شخصيات قيادية لها حضورها الشعبي وخلال ستة عقود _مثلا _برزت محطات وطنية بقيادات جماهيرية لم يكتب لها البقاء والديمومة بفعل تدخلات داخلية وخارجية، تدخلات سعت إلى فرض قيادات مبتورة الصلة بمجتمعها ومقطوعة عن أحلام وتطلعات الغالبية الجماهيرية، قيادات دامت حسب مزاجية داعميها وانتهت برغبة هؤلاء الداعمين الذين ربطوا بقاء هذه القيادات ببقاء مصالحهم معها فأن انتهت مصالحها معهم تخلصت منهم بطرق درامية ودامية في الغالب.؟!
اليمن اليوم تتميز بحالة يمكن وصفها بحالة تاريخية إستثنائية، حالة لا يمكن وصفها في خظم المعترك الوجودي الراهن غير أن ثمة تباشير توحيء وكأننا أمام مرحلة حضارية تقودها شخصية كارزمية برزت من بين انقاض التداعيات الدرامية التي عصفت بالوطن تهاوت خلالها رموز ووجاهات وشخصيات كانت ذات ثقل غير إنها كانت مقطوعة الصلة بالواقع والجماهير واحلامهما، هذه التباشير يمكن إستشرافها في هذا الالتفاف حول شخصية السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي ومن خلال الإستجابة لدعواته وترجمة كل طروحاته إلى أعمال ميدانية نموذج المسيرات المليونية التي تشهدها مختلف الساحات الوطنية التي تعبر عن ثقة واحترام الشعب بشخصية القائد الرمز الذي تلتف حوله غالبية كبيرة من أبناء الشعب بطواعية وحب وشغف وترحيب وتلبية لكل دعوة يطلقها وهذا يعكس مدى ثقة الناس بهذا القائد بغض النظر عن تصرفات ترويكا التنفيذ المكلفة بإدارة أجهزة الدولة واعتقد ان هناك في مكتب القائد إكواما من الشكاوي ضد ترويكا التنفيذ والتي يعمل سماحته على معالجتها بشكل يومي ومع ذلك استطاع هذا القائد أن يكسب ثقة الشعب ويستوطن وجدانها والذاكرة بمعزل عن طروحات المتخرصين الذين يرؤن فيه مصدرا لخطر يهدد وجودهم ويطمس شخصياتهم التي لمعوها برضاء رعاة خارجين وليس بحب الشعب وثقته.. أعرف أن السيد القائد _حفظه الله _ليس ملاكا، بل إنسان خرج من هذه الأرض ومن أوساط هذا الشعب، لكنه تشبع بهواء الوطن وحب الشعب والتفافه حوله واستلهم أحلام وتطلعات شعبه وترجمها من خلال مواقفه وطروحاته الفكرية والسياسية ورؤيته الوطنية متخذا من هدي القرآن دليلا ومرشدا، وكل ما اتمناه ويتمناه كل يمني حر وشريف وصادق ومخلص لله والوطن والمسيرة هو أن يقتدي كل من يعملون معه اثره وأن يترجموا رؤيته في سلوكهم واعمالهم ليس مجاملة له ولا نفاقا بدافع الحفاظ على مكانة ومنصب، بل إن يكونوا رجاله الأوفياء الصادقين مقتفين أثره، مترجمين لرواه مهتدين بارشاداته وان يكونوا له حقا وفعلا في منزلة ( الحواريين من عيسى) عليه السلام، وفي منزلة
الأنصار من الرسول الخاتم محمد ابن عبد الله عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام. |