ريمان برس -
يقال أن ( الحق فوق القوة) وأن المقاوم المدافع عن حقه في وطنه وحريته وسيادته واستقلاله، هو الأقوى مر المحتل والأكثر شجاعة من الغازي والوافد الغريب عن الأرض والتضاريس.
غزة تجاوزت بملحمتها ( حطين) و(عين جالوت) وتجاوزت ملاحم العرب والمسلمين في مواجهة الحملات الصليبية.. نعم تجاوزت ملحمة طوفان الأقصى كل ملاحم العرب والمسلمين التي كانت متعادلة في قدرات أطرافها، غير أن ملحمة الأقصى كانت ملحمة استثنائية غير مسبوقة في التاريخ لا من حيث قدرات أطرافها، ولا من حيث إمكانياتهم، إذ يصعب بل يستحيل أن نقارن قدرات وإمكانيات المقاومة ماديا ومعنويا وعلميا وتقنيا واستخباريا وعسكريا، مع عدو مدجج بكل القدرات العسكرية الحديثة بل والأكثر حداثة، والمتفوق تقنيا والمدعوم من كبري جيوش العالم ودول العالم، التي اصطفت سرا وعلانية إلى جانب العدو مقدمين له كل أشكال الدعم والإسناد بكافة أشكاله عسكريا استخباريا وامنيا وتسليحا وتجسسيا وإعلاميا ودبلوماسية وغطاء له في كل المحافل الدولية والمنظمات الدولية، لدرجة ان امريكا والغرب وكل عواصم الحريات والديمقراطيات في العالم تخلت من أجل الكيان الصهيوني عن قيمها وأخلاقياتها ومبادئها وقوانينها ودساتيرها من أجل نصرة العدو الصهيوني، فيما المقاومة التي حوصرت من العدو ومن كل دول العالم حوصرت أيضا من أشقائها عربا ومسلمين، في حرب إبادة جماعية دامت لأكثر من 15 شهرا، حربا ابادت القطاع ولم تترك فيه حجرا ولا شجرا وذهب صحيتها أكثر من (70 الف شهيد) غالبيتهم نساء واطفال وشيوخ ومدنيين عزل، وهناك أكثر من ( 200 الف جريح) والاف المعتقلين، حرب مشفوعة بحصار جوي وبري وبحري، حرب منع الأعداء خلالها الطعام والماء والوقود والأدوية عن الأطفال والنساء والشيوخ وعن أكثر من ( 2.5) مليون عربي فلسطيني ظل لأكثر من ( 15) شهرا تائها في جغرافية القطاع المحدودة التي لا تزيد عن ( 365)كم مربع..!!
حرب استهدف العدو فيها المنازل والمساجد والكنائيس والمدارس والطرقات والمستشفيات وعربات الإسعاف وطواقم الدفاع المدني والدكاترة ومخازن الأدوية، حرب إبادة ممنهجة ومنظمة ومتفق عليها بالفعل والصمت والتجاهل، حرب عجزت المؤسسات الدولية المعنية بحماية السلم والأمن الدوليين عن إيقافها، حرب دمرت مقرات الأمم المتحدة، واهتان خلالها رموز المنظمات الدولية، حرب يمكن وصفها بأنها حزب إبادة كاملة حسدت انحطاط المجتمع الدولي وانهيار قوانينه وكل المنظومات القانونية والاخلاقية سقطت خلالها حتى الأديان بكل مسمياتها ( سقطت للأسف بكل قيمها) والهويات الحضارية والإنسانية..؟!
حرب اخفق فيها العدو رغم كل ما سلف ذكره عن تحقيق ولو هدفا من بنك أهدافه التي أعلنها يوم قرر شن عدوانه وحرب إبادته على قطاع غزة بذريعة تصفية المقاومة وتجريدها من سلاحها والتخلص منها فكريا ووجوديا وماديا ومعنويا، نعم حرب رغم بشاعة العدو وجرائمه فيها ورغم المدد الغربي والشراكة الأمريكية والصمت العربي الإسلامي عنها، هزم فيها العدو هزيمة منكرة وساحقة، هزيمة قد لا يستوعبها البعض من أصحاب نظريات (الانبطاح) الذين ينظرون الدمار في غزة ويعتبرونه دليل (هزيمة المقاومة) فيما اخر سيقول، من قتلت المقاومة من العدو، مقارنة بما قتل العدو من الشعب الفلسطيني، وهناك من سيظل يتمسك بخيبته ويتحدث عن (مغامرات المقاومة) وأنها ضحت بالشعب الفلسطيني وضاعفت من معاناته ودمرت قدراته وعرضته للإبادة، وامثال هؤلاء ومن يرددون مثل هذه الترهات هم بشر قد سلب الله منهم عقولهم وجردهم حتى من بقايا كرامة يمكن أن يتحلى بها إنسان لديه بقايا من كرامة وحرية وشذرات من نخوة عز..!
حرب عدوانية شنها العدو، وكانت بالنسبة للمقاومة مصيرية مرتبطة بحقها الوجودي وحق شعبها في الوطن والدولة والحرية، حرب حسمتها المقاومة وانتصرت فيها المقاومة ومشاهد تبادل الاسري كافية لتثبت انتصار المقاومة التي لا يمكن مقارنتها بالعدو وقدراته وإمكانياته وإمكانيات حلفائه وداعميه.. فمن دعم المقاومة حتى (سلطة العلج عباس) المرتهنة شاركت العدو عدوانه على المقاومة، العرب خانوا المقاومة ومن هرولوا ليتوسطوا ما كان ليهرولوا للوساطة لو كانت المقاومة ضعيفة ولو كان العدو سحقها، ماذا فعل هؤلاء في لبنان؟ وماذا فعلوا في سوريا؟ هل قدروا يلتزموا بما تعهدوا به للشعب اللبناني؟ هل تمكنوا من ردع العدو في سوريا؟ وحدها اليمن ممثلة بحكومة صنعاء اقدمت على ما لم يكن يخطر ببال أحدا عدوا كان أو صديقا.. نعم عملت اليمن ما لم يجروا أن يقوم به ويعمله اي نظام عربي؟ هل كانت صنعاء تغامر لا كانت مؤمنة حد اليقين بما تقوم به وتعرف جيدا لماذا قامت بما قامت به؟ وهو ما لم يدركه أو يستوعبه أصحاب نظريات الانبطاح والارتهان.. لذا اعيد واكرر ما سبقه أن قلته في تناولة سابقة أن اليوم التالي الفلسطيني هو يوم المقاومة وعي من سوف تشكل اطيافه وهذا ما نشاهده ويشاهده العدو والعالم الذين ارعبتهم مشاهد العزة والكبرياء والشموخ في قطاع غزة.
للموضوع تتمة |