ريمان برس - متابعات - معذرةً جوديث.. كتبنا وصرخنا وناشدنا ضمير حكامنا الثوريين، عسى ولعل، لكن تبين لنا أن حكامنا لا ضمير لديهم ولا مشاعر ولا أحاسيس.
حكامنا يا جوديث ليسو أناساً، وليسو بشراً حتى يشعروا بمأساتك أيتها الجارة الطيبة الرائعة، أو بمأساة زوجك الرائع الطيب.
حكامنا – وهذا ليس سراً نذيعه – خراتيت هربت من حديقة الحيوانات إلى الساحات والميادين، ومنها صعدت إلى السلطة وحكمتنا بقوة الخرتتة.
لعلكما يا جوديث – أنتِ وزوجك الطيب – قد قرأتما مسرحية " الخرتيت" للكاتب الروماني الأصل، الفرنسي اللغة " يوجين يونسكو ".
أتمنى أن تكونا قد قرأتماها حتى تتفهما الوضع الذي نحن فيه وتلتمسان لنا العذر.
في زمن الثورات يا جوديث أو في زمن الحروب لا فرق، وحدها الخراتيت تجد طريقها بسهولة إلى السلطة، فإذا وصلت انتقلت عدوى الخرتتة إلى الجميع..
حتى الثوار أنفسهم يتخرتتون ويتحولون إلى خراتيت.
كيف لنا يا جوديث أن نحس بمأساتك وبمأساة زوجك وقد تخرتتنا جميعاً !
كيف لهم حكامنا أن يحسوا بمأساتكما وهم مسوخ خراتيت تجمدت فيهم المشاعر والأحاسيس، وبشرتهم أبعد ما تكون عن بشرة البشر، أقرب في سمكها وثخانتها إلى جلد الخرتيت.
نعرف جوديث أن حكامنا الخراتيت لم يقلقوا عليكِ، ولم يهمهم أمركِ، ولم يكلفوا أنفسهم رفع سماعة الهاتف ليسألوا عن مصيرك.. ولكن من حقنا أن نعذرهم،كونهم مشغولين هذه الأيام، وكل الأيام، بتقاسم المناصب والحقائب والخرائب وخراء الكلاب.
مشكلتك يا جوديث أنك صحفية ومواطنة هولندية، ولو عرف حكامنا أنك مواطنة أمريكية، أو لو تبين لهم أنك لست المختطفة وإنما كلبة السفير الأمريكي.. عندها سيتحول حكامنا الخراتيت إلى كلاب بوليسية، ولسوف ينتشرون في كل الشوارع والأزقة والدروب، يتشمّمُون كل حجرٍ، وكل ذرة تراب في هذا الوطن، كيما يعثروا على أثرٍ يدلهم على كلبة السفير.. ومن أجل أن ترجع سالمة سيفدونها بالمال وبالدم والروح.
*صحيفة اليمن اليوم |