ريمان برس - خاص -
ليبقى السؤال الباحث عن جواب وهو هل من توبة في شهر التوبة؟ لماذا لم يكون هذا الشهر محطة للتأمل يقف فيه المسلم أمام ذاته، ويتأمل في مدى قربه أو بعده عن دينه وعن سنة وأخلاقيات وقيم رسوله الكريم عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام..لماذا يحضر خطاب التراحم والتكافل في رمضان؟ وبصورة طقوسية كل مؤشراتها توحي وكأننا نتعاطي مع مجرد فرض عابر، ليس لطقوسه وجودا في بقية العام؟ لماذا اختزلنا كل قيمنا ومعتقداتنا في مناسبة سنوية وليس لها مكانة في اهتماماتنا اليومية؟ ولماذا اخضعنا ديننا وقيمنا لسلسلة من الطقوسات العابرة والمناسبات العابرة، ونعمل على التباهي بها موسميا، إذ نتخذ من رمضان مناسبة استثنائية نستغلها بالتفاخر والتباهي حتى أن بعض (الفاسدين) منا يحب أن يقضي الايام العشر الأخيرة من رمضان في بيت الله الحرام..؟!
لم يقف الأمر هناء بل صار في اجندتنا للوطن يوما وللأم يوما وللعامل يوما ولرسول الله يوما وحتى الشجرة خصصنا لها يوما وهكذا دوليك، فيما رمضان نستحضر فيه كل (مظاهر التوبة) السطحية التي تحمل من المظاهر ما ليس في الجواهر..؟!
يرى البعض أن رمضان فرضه الله على عباده لكي يعرف (الغني المترف، حالة الفقير المعوز) وهذا ليس صحيحا بل هناك الكثير من الأهداف الإيمانية والغايات الروحانية التي يحملها هذا الشهر الكريم، أهداف وغايات تتجاوز التعريفات السطحية التي قيلت وعرفت هذا الشهر الكريم الذي يعد واحدة من أهم المحطات الروحانية التي يفترض التأمل فيها وإبعادها والحكمة الربانية من فرضها على عباده..!
لا أعرف حقيقة من اختزل شعائر الله وفروضه في طقوس مناسباتيه؟ مع ان دين الله كل لا يتجزاء ولا يقبل الابتسار أو الاستلاب، بل غالبا نجد تصرفاتنا مع ديننا وتعاليمه وكأننا نقتفي إثر الآخر وطقوسه وتعامله مع معتقداته..؟!
لذا اتساءل لماذا لا تستوطنا روحانية الجمعة طيلة اسبوع الله؟ ولماذا لا تستوطنا روحانية رمضان طيلة أيام شهور العام؟
لماذا لا تستوطنا قيم الألفة والتراحم والتسامح والمحبة كمسلمين إذا اشتكى أحدنا تداعينا جميعا لشكوته وقلقنا عليه وتفاعلنا مع حالته ؟!
لماذا حال المسلمين في حالة من البؤس والقلق، وتغيب في سلوكياتهم ومعاملاتهم اليومية والحياتية كل قيم التكافل والتكامل والتراحم والتسامح من قواميسهم الحياتية، ولا نجد فيهم غير ثقافة الحقد والكراهية والحسد والتنافس والضغينة والنميمة واكل لحوم بعضهم وتصل لحد سفك دمائهم؟!
حتى على مستوى الجوار لم تعد للجيره حرماتها ولا قدسيتها، إذ لم يعد غالبا الجار لجاره وصار الخوف من الجار يتماهي مع الخوف من العدو..؟!
بمعنى أدق فإن العلاقة المجتمعية لم تجسد قيم وأخلاقيات الإسلام وتعاليمه ولم نرى علاقة اجتماعية تتبنى القيم الروحية في ديننا أو سيرة وسلوكيات الرسول المصطفى الذي وضع صلوات الله وسلامه عليه وعلى آل بيته نواميس وتشريعات عرف بموجبها واجبات المسلم تجاه أخيه المسلم وتجاه مجتمعه الإسلامي وأيضا نظم حتى علاقة المسلم بالأخر الغير مسلم، موضحا بأن الإسلام ليس مجرد شعائر وطقوس ومناسبات احتفالية تقام بأوقات وأزمنة محددة، بل أكدا صلوات الله وسلامه عليه وعلى آل بيته على ثوابت الدين وقيمه وأخلاقياته مؤكدا على أن الدين في المحصلة النهاية هو (حسن الخلق) ومن لا إخلاق له لا دين له وأن زعم إنتسابه لدين الإسلام..؟
يتبع |