الرئيسية  |  الاتصال بنا  |  فيس بوك
ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ - 

اجازت المادة (300) من قانون المرافعات اليمني اجازت للمحكمة العليا  الحكم بتعويض المطعون ضده عن الطعن بالنقض  الكيدي ، غير أن الحكم بالتعويض في هذه الحالة يستوجب أن يطلب المطعون ضده ذلك  في عريضة

الخميس, 17-أكتوبر-2024
ريمان برس -


اجازت المادة (300) من قانون المرافعات اليمني اجازت للمحكمة العليا الحكم بتعويض المطعون ضده عن الطعن بالنقض الكيدي ، غير أن الحكم بالتعويض في هذه الحالة يستوجب أن يطلب المطعون ضده ذلك في عريضة رده على الطعن بالنقض، فإذا لم يقم المطعون ضده بالرد على الطعن بالنقض فلا سبيل للحكم له بالتعويض من قبل المحكمة العليا ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 19-5-2010م في الطعن رقم (42998)، وقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: ((وبالنظر لما جاء بحق على لسان المدفوع ضده أمام المحكمة الابتدائية وأمام الشعبة من قوله بأن الطاعن حينما قدم الدفع أمام المحكمة الابتدائية لم يستهدف من دفعه سوى الكيد، لذلك فإن الأمر كان يقتضي تطبيق نص المادة (300) مرافعات بأن تحكم هذه الدائرة على الطاعن بتعويض المطعون ضده غير أن مذكرة الشعبة الاستئنافية (الإرسالية) قد اشارت إلى أن المطعون ضده لم يرد على عريضة الطعن بالنقض ، ولذلك فلا وجه للحكم بتعويضه))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم ، حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: الدفع بين الصحة والكيد :
للدفوع الصحيحة التي لها وجه قانوني سليم واساس صحيح لها دور محمود في في مواجهة التقاضي الكيدي وإطالة اجراءات التقاضي،فمثلا الدفع بسبق الفصل في الدعوى يمنع الخصم اللد من رفع دعوى قد سبق الفصل فيها بحكم، والدفع بعدم صفة المدعي أو عدم مصلحته يمنع هواة المشاكل والفضوليين من رفع دعاوى لاناقة لهم فيها ولاجمل ، وهكذا يتجلى دور الدفوع الصحيحة في تحقيق العدالة وتقريبها ، فالدفوع ليست شرا مطلقا ، ولذلك ينبغي النظر إليها والتعامل معها على هذا الأساس المنصف.
اما الدفوع الكيدية فتمثل الوجه السلبي للدفوع ، وقد عرَّف قانون المرافعات اليمني الدفع بصفة عامة بأنه (دعوى يبديها المدعى عليه أو الطاعن إعتراضاً على موضوع الدعوى أو الطعن أو شروط قبولهما أو أي إجراء من إجراءاتهما) ، ونصت المادة (180) من القانون ذاته على أنه ( على الدافع ان يبين وقائع دفعه واحواله وادلته والوجه القانوني الذي يستند إليه ..الخ).
ويذهب شراح قانون المرافعات إلى تعريف الدفع بأنه: وسيلة سلبية محضة يستهدف بها الدافع عدم الحكم لخصمه بطلباته كلها أو بعضها. (نظرية الدفوع، أستاذنا المرحوم الأستاذ الدكتور أحمد أبو الوفاء، ص32).
وبما أن الدفع هو دعوى حسب تعريف قانون المرافعات اليمني السابق ذكره ، فإن الدفع الكيدي: هو الدفع الذي يرفعه الخصم ضد خصمه دون وجه حق ، ويهدف من دفعه الإضرار بخصمه أو الإساءة إلى سمعته أو تعطيل أعماله أو تعطيل اجراءات نظر دعوى خصمه من غير ان يكون للدفع أي أساس أو سند أو وجه قانوني، فالدافع بالدفع الكيدي قد يستهدف بدفعه عدم حصول خصمه المدفوع ضده على حقه المدعى به ، كما أنه قد يستهدف من دفعه الكيدي أن يصير حق خصمه بعيد المنال عن طريق إطالة إجراءات التقاضي.(اجراءات التقاضي الكيدي وطرق مواجهتها، د علي عوض حسن ، ص153).
الوجه الثاني: أركان المسئولية الموجبة للتعويض في حالة الدفع الكيدي:
اتفق الفقه الشرعي والفقه القانوني على أن اركان المسئولية المدنية التقصيرية الموجبة للتعويض بصفة عامة هي ثلاثة: الخطأ والسببية والضرر، فالخطأ: هو قيام الشخص بفعل ضار على خلاف ما هو مقرر في الشرع والقانون، وركن السببية: هو أن الفعل الضار أو الخطأ هو الذي تسبب في لحوق الضرر بالمضرور، وركن الضرر: هو الضرر المحقق الذي لحق بالمضرور بسبب الفعل الضار.
وبتطبيق هذا المفهوم على الدفع الكيدي تتحقق أركان المسئولية المدنية عن الدفع الكيدي في مخالفة الخصم الدافع للشروط والإجراءات المقررة للدفع في قانون المرافعات، فإذا تقدم الخصم بدفع لا ينطبق عليه التعريف القانوني للدفع السابق ذكره في الوجه الأول أو إذا لم تتحقق في الدفع الشروط القانونية المقررة في قانون المرافعات أو إذا لم يلتزم الدافع بالإجراءات المحددة في القانون للدفع، فإن الدافع في هذه الحالة يكون قد ارتكب خطأ بمخالفته لقانون المرافعات الذي تولى تعريف الدفع وبيان شروطه وإجراءاته وكيقية اثبات صحته ، فإذا تسبب هذا الخطأ في لحوق ضرر بالخصم الآخر ، فقد تتحقق ركنا المسئولية الآخرين وهما الضرر والسببية، فإذا تحققت اركان المسئولية الثلاثة في الدفع الكيدي، فقد تحققت المسئولية المدنية مما يستوجب تعويض الخصم المضرور من الدفع التعويض المناسب بقدر الضرر المحقق الذي لحق به بسبب الدفع الكيدي.


الوجه الثالث: دعوى التعويض عن الدفع الكيدي وإجراءات تقديمها:
ذكرنا في الوجه السابق أن أركان المسئولية المدنية التقصيرية المتمثلة في الخطأ والضرر والسببية يجب أن تتحقق عند الإدعاء بمسئولية الخصم الدافع عن دفعه الكيدي، وعلى هذا الأساس فإن المطالبة بالتعويض عن الدفع الكيدي ينبغي أن تتم عن طريق دعوى تعويض تتوفر فيها شروط الدعوى سيما الصفة والمصلحة، كما ينبغي أن تتضمن بيان أركان مسئولية الدافع بالدفع الكيدي حتى تتمكن المحكمة من تقدير التعويض المناسب للمضرور من الدفع الكيدي.
ومع أن دعوى التعويض عن الدفع الكيدي دعوى مثل غيرها من دعاوى التعويض إلا أنه يتم رفعها كطلب عارض من الخصم المدفوع ضده اثناء سير المحكمة في اجراءات التقاضي، كما قد يقوم المضرور من الدفع الكيدي بتضمين دعواه بالتعويض عن الدفع الكيدي ضمن عريضة رده على الدفع أو ضمن احدى مرافعاته ،غير أنه يجب على المضرور من الدفع الكيدي في كل الاحوال أن يبين أركان المسئولية عن الضرر في دعواه ، وأن يطلب تعويضه عما لحقه من ضرر محقق، ومؤدى ذلك أنه يجب على المدعي بالضرر أو المضرور من الدفع الكيدي أن يحدد مقدار التعويض الذي يطلبه ، وأن يقدم الأدلة على صحة تقديره لمبلغ التعويض المطلوب.
إلا أن كثيراً من الخصوم كانوا يحجموا عن تقدير الضرر الذي لحق بهم بمبالغ معينة خشية أن يلزمهم القاضي بدفع الرسوم القضائية المقررة على الدعاوى بصفة عامة وفقاً لقانون الرسوم القضائية قبل تعديله مؤخرا برسم ثابت.
ومن خلال مطالعتنا الكثيرة لعدد كبير من أحكام القضاء اليمني ، فقد لاحظنا أن التعويض المحكوم به عن الدعاوى والدفوع الكيدية رمزياً لا يتناسب مع الضرر الفعلي الذي يلحق بالمضرور بسبب الدفع الكيدي، رغم أنه من الواجب وفقاً للقواعد العامة في التعويض عن الضرر أن يكون التعويض متناسباً مع الضرر المحقق أو الفعلي الذي لحق بالخصم بسبب الدفع الكيدي، وهذا هو المفهوم مما ورد ضمن المادة (300) من قانون المرافعات اليمني التي نصت في منتصفها على أنه (وإذا تبين للمحكمة العليا إرادة الكيد من الطاعن حكمت عليه بالغرامة للخزينة العامة والتعويض المناسب للمطعون ضده)، وقد استند الحكم محل تعليقنا إلى هذا النص في عدم الحكم بالتعويض للمطعون ضده مع ثبوت أن دفع الطاعن كان كيدياً ، فلم يقض الحكم محل تعليقنا للمطعون ضده بالتعويض ، لأن المطعون ضده لم يرد على عريضة الطعن بالنقض ، وتبعاً لذلك لم يطلب المطعون ضده الحكم له بالتعويض، ومن المعلوم في قانون المرافعات أنه لا يجوز الحكم للخصم بما لم يطلبه.
الوجه الرابع: الحكم بالتعويض عن الدفع الكيدي من قبل محكمتي الموضوع وتوصيتنا للمقنن اليمني:
سبق أن اشرنا في الوجه السابق إلى نص المادة (300) مرافعات ، الذي اناط بالمحكمة العليأ الحكم بالتعويض على الطاعن إذا تعمد الكيد في طعنه بالنقض ،وذلك في مرحلة الطعن بالنقض.
اما امام درجتي التقاضي الابتدائية والاستئنافية فان المادة (170) مرافعات قد اجازت لمحكمة الموضوع الحكم ب(الغرامة ) على الدافع بدفع كيدي!!!!? ، فقد نصت المادة (170) على انه (يجوز للمحكمة ان تحكم للخصم بناء على طلبه بغرامة على خصمه عن كل دعوى أو دفاع يقصد به الكيد ،كما يجوز لها دون طلب ان تحكم على ذات الخصم لذات الاسباب بغرامة مناسبة للخزينة العامة وأن تبين أسباب ذلك في حكمها) .
ومن خلال إستقراء هذا النص يظهر انه قد عبر عن التعويض عن الدفع الكيدي (بالغرامة) بدلا من التعويض ، فهذا التعبير معيب ،لان هناك فرق شاسع بين الغرامة والتعويض ، لان التعويض ينبغي أن يكون متناسبا مع الضرر الفعلي المحقق الذي لحق بالخصم المضرور من الدفع الكيدي، في حين ان مفهوم الغرامة في المصطلح الشرعي والقانوني ينصرف إلى العقوبة التي يتم الحكم بها للخزينة العامة ، وهي المذكورة في نهاية النص القانوني السابق، وبسبب إطلاق النص القانوني السابق لمصطلح الغرامة على التعويض فانه يترتب على ذلك أن القاضي يحكم في غالب الحالات ان لم يكن في كل الحالات يحكم على الدافع بدفع كيدي بغرامة رمزية لاتتناسب البتة مع الضرر الذي لحق بالمضرور بسبب الدفع مما عطل الحكمة المتوخاة من هذا النص في محاصرة ظاهرة الدفوع الكيدية ، ولذلك نوصي المقنن اليمني بمعالجة هذا النص حتي تكون صياغته على غرار االتعويض المقرر في المادة (300) السابق ذكرها التي نصت على تعويض المضرورحتى يكون التعويض رادعاً للدفوع الكيدية أمام محاكم الموضوع ، والله أعلم.
https://t.me/AbdmomenShjaaAldeenالأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS

مختارات
جميع حقوق النشر محفوظة 2025 لـ(ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½)