ريمان برس -
" الظلم" ظاهرة إنسانية مرتبط بالبشر، وقد حرمه الخالق سبحانه وتعالى على نفسه، وحرمه على مخلوقاته، وارتبط "الظلم" بالشرك والكفر والطغيان الاجتماعي، وتوعد الله سبحانه َتعالي "الظالم" بأبشع العقاب وأسواه، و" الظلم" مهما كان جبروت صاحبه " الظالم" فأن عقابه مركب، إذ ينال مرتكبه عقابه في الدنياء وفي الأخرة يكون العقاب أشد..!
ففي الدنيا قد ينجي " الظالم" من يد القانون والعدالة البشرية، لكنه بصورة أو بأخرى ينال عقابا إلآهياً، يريد به الله سبحانه وتعالى تعزيز عدالته في وجدان عباده الذين ذاقوا مرارة" الظلم" من مخلوق مثلهم أعطاه الله الجاه والمال والقوة والنفوذ، فاستغل كل النعم التي أنعم بها الله عليه في ممارسة الطغيان والتجبر وقهر الضعفاء من الناس والتعالي عليهم مستندا بغطرسته على ما لديه من جاه ونفوذ وقدرات واتباع ينفذون رغباتهم وأن كانت محرمة رغبة منهم في الحصول على فتات مكارمه، أو الأحتماء بجبروته، ليمارسوا بدورهم الغطرسة والتجبر على من هم دونهم من عباد الله الغلابة..!
لقد توعد الله سبحانه وتعالى "الظالمين" بعقاب قاسٍ وشديد لهم في الدنياء والأخرة، ووصف سبحانه وتعالى " الظالمين" بأبشع الأوصاف، فيما عرف سيدنا المصطفى عليه الصلاة والسلام " الظالمين" بكل مفردات الردع التي تكفى من يستوعبها أن يعيش حياة الندم أن شعر إنه ظلم أحد مخلوقات الله من الأقرباء أو من الأخرين.. فالظلم ظلمات يوم القيامة، والظالم عديم البركة والإيمان وعصيا على التوبة، وغالبا ما يكون يعاني من حالة مرضية أو عقدة نفسية، أو "جبن وخوف "يدفعانه للتخفي والتستر خلف صورة "الظالم والطاغية الجبار" لتغطية حقيقة نفسيته وحالته المرضية..!
والظالم يندفع في ظلمه لعدة عوامل ذاتية ومعنوية، ذاتية قد تكون بدافع عقدة الشعور بالنقص والخوف والجبن، وانعدام الثقة بالنفس، فيتخذ من القوة والمال والجاه والنفوذ، عوامل يستقوي بها ويوظفها لظلمه وإظهار قوته لترويع من حوله.. معنويا يرى الظالم أن مكانته الاجتماعية وهيبته مرهونة ببقائه على كرسي الظلم..؟!
ثمة عامل أخر وهو اعتقاد الظالم أن العدل أن تحقق سوف ينزع عنه مكانته وهيبته ويساوي بينه وبين الأخرين، وهذا ما كان وراء "كفار قريش" الذين حاربوا الدين والرسول رغم علمهم اليقيني بمصداقيته وصدقية ما جاء به ولكنهم كابروا واخذتهم العزة بالأثم، لأنهم لم يتخيلوا أن يساوي الدين بينهم وبين من كانوا بنظرهم "عبيدا" في خدمتهم..؟!
أن دموع المظلومين هي في أعينهم دموع، ولكنها في يد الله صواعق يضرب بها الظالم ويزلزل بها كيانه ويجعله يعيش في حالة رعب من العقاب الذي لا يعرف كيف؟ ومتى؟ وبأي صورة قد يطاله، وهل سيأتيه في حياته، أم بعد مماته، وكثيرين من الظالمين الذين بلغوا مرحلة الفجور بالظلم يعيشون بظلمهم، ويتمنون بسرهم على الله سبحانه وتعالى أن يؤجل عقابهم الي مابعد وفاتهم، لأن العزة بالأثم تدفعهم لذلك، حتى لا يتعرضوا للشماته من قبل من يشعروا إنهم دون مكانتهم الاجتماعية..!
في حياتنا هناك كثيرون من "الظالمين" يمارسون حياتهم ومسئولياتهم، بتحايلوا على هذا، وينصبون على ذاك، وخاصة في محاكمنا وفي أجهزة الدولة، وداخل مفاصل المجتمع بكل أنشطته الاجتماعية المتعددة الأبعاد، بما في ذلك الأسواق والمدارس، وداخل الأسرة الواحدة، فالظلم الشائع يتسلل دون وعي وإدراك، وقد لا يشعر "الظالم" بظلمه، ويعتبره مجرد روتين يومي..؟!
مثل أن يقف أحدهم في طابور ينتظر دوره فياتي اخر ويتقدم الطابور ويقضي حاجته؟ ماذا في الأمر لا شيء؟ لكنه عند الله ظلم..!
مصحح أوراق الامتحانات يزيد بدرجة هذا الطالب أو ذاك، الأمر عادي بنظره، لكنه عند الله ظلم، مسئول يحابي قريبه عن بقية موظفيه بنظره هذا واجب ويعطيك أدلة وأحاديث على ذلك "خيركم خيركم لأهله"؟!
وهذا ظلم مركب ايظا لان صاحبه يوظف الحديث في غير سياقه وغير محله..!
ناهيكم عن ظلم ومظالم تبدأ في البيوت والحارة والحي والشارع وتنتهي في قصر الحكم..؟!
أن "الظلم" بحياتنا أصبح ثقافة رسمية واجتماعية، بل وشطارة وحنكة عند البعض، ولأن الأمر كذلك فأن كل أزمات المجتمع نتاج لهذا الظلم وشكل من أشكال العقاب الإلهي، لأن الله سبحانه وتعالى يقول "وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون" صدق الله العظيم..
ولكن من يتعض..؟! |