ريمان برس -
كأوراق أشجار الخريف يتساقطون.. يرحلون بقهرهم.. يرحلون بمعاناتهم.. يرحلون غير اسفين بكل ما تركوه خلفهم.. يرحلون متدثرين أحلامهم المصلوبة وامنياتهم المبعثرة.. يرحلون بمبادئهم النقية لأنهم لم يجدوا في هذا الوطن متسعا لأحلامهم ولا مكانا لمبادئهم في وطن لايقبل المبادئ ولا يعترف بحق حامليها، وطن يتطهر من الطهارة والطاهرين، وطن يجرد نفسه من كل الأنقياء ولا يقبل بغير الملوثين من القتلة واللصوص والحرامية والفاسدين وقطاع الطرق.. نعم رحل عبد الله أمير.. الشخصية الاجتماعية والوجاهية، المثقف القومي والوطني، الاديب والشاعر والكاتب والإنسان المفعم بالمشاعر الوطنية والقومية.. رحل عبد الله أمير المناضل الوطني والقومي والإنسان والمثقف العضوي والمصلح الاجتماعي حامل هم الوطن والأمة.. رحل بعد صراعا مريرا مع المرض لكن المرض لم يكون سببا برحيل عبد الله أمير، فهوا أقوى من المرض لانه كان دوما أقوى من الطغاة والجلادين، ومن كان كذلك لا يتعبه المرض ولا يرحله عن مسرح أحلامه، بل رحل عبد الله مقهورا على وطن وعلى أمة عبث ويعبث بهما اللصوص والحرامية والفاسدين والقتلة وقطاع الطرق..!
رحل عبد الله وقبله رحل الكثيرون من الأنقياء متدثرين بقهرهم من زمن ساد فيه أشباه الرجال وتحكم بالعهد عتاولة القتلة والفاسدين الذين قتلوا الوطن والأمة ومن يقتل وطن وامة ليس عصيا عليه أن يقتل مناضلا ومثقفا واديبا وكاتبا تستوطنه كل قيم الحب والسلام والتسامح..!
كان ديوانه يوميا يتحول إلى منتدى ثقافي وسياسي واجتماعي تناقش فيه قضايا الوطن والأمة وهمومهما، وكأن يرتاده حملة مشاعل التنوير والنخب الحاملة للهم الوطني والقومي.. ارتاد ديوانه صناع القرار وفيه استمعوا لكل ممكنات الإنقاذ لكنهم لم يعملوا بما سمعوا وفضلوا الحفاظ على مصالحهم دون مصلحة الوطن والأمة.
كثيرون من أمثال عبد الله أمير فضلوا الرحيل قسرا وطواعية.. رحلوا احتجاجا ورفضا لكل ما يعتمل على خارطة الوطن والأمة، وسيرحل بعده الكثيرون أيضا لأن لأ الوطن ولا الأمة يحتملان هذا العبث الذي لا يحتمله أيضا أحرار الأوطان والأمة الذين يحملون في عقولهم وفي قيمهم ومبادئهم أحلام وطنية وقومية يحاربها أصحاب المشاريع الصغيرة والضيقة _ عبدة العبودية وبيادق الارتهان _ الذين يتاجرون بالوطن والأمة وقيمهما وتاريخهما ورسالتهما الحضارية في أسواق النخاسة وفي مواخير التبعية وصالونات العمالة والخيانة..!
رحل عبد الله أمير تاركا خلفه سيرة من ذكريات عطرة تفوح منها رائحة الوفاء والاخلاص لوطن وامة لوثتهما ايادي القتلة والفاسدين واللصوص.
رحمك الله يا شيخ عبد الله ويا استاذ عبد الله.. ورحم الله المثقف الذي استوطنك والمناضل الذي تجسد في ذاتك، والشاعر والاديب اللذان سكنا وجدانك.. رحمك الله واسكنك فسيح جناته.. رحمك الله ولا رحم من تجاهلك حيا وتباكى عليك راحلا.. أعرف أن رحيلك سيدفع كثير من المنافقين وخاصة أصحاب القرار ليبعثوا برقيات التعازي التي حتى حروف برقياتهم تسخر منهم وتلعنهم أولئك الذين تجاهلوك حيا ويتباكون عليك زورا ونفاقا ميتا.. لروحك السكينة يا عزيزي فنحن على طريقك نحمل أكوام القهر ولا نجد سوي بعضا من كلمات نعزي فيه الراحلين من الأنقياء وننتظر لحظات رحيلنا بدورنا وبذات الطريقة التي رحلت فيها ورحل فيها قبلك كل الأنقياء.. وداعا حتى نلتقي. |