ريمان برس -
شكلا كل من الأستاذ أيوب طارش، و الأستاذ المرحوم عبد الله عبد الوهاب نعمان ، ثنائيا إبداعيان يصعب بل يستحيل أن نشهد مثلهما في قادم مسارنا التاريخي.. وبعيدا عن جدلية من أوجد من؟ أقول مخالفا ومختلفا مع أولئك الذين يقولون إنه لولاء الاستاذ عبد الله عبد الوهاب، لما كان أيوب طارش، أو لولاء الاستاذ أيوب لما كان عبد الله عبد الوهاب، مكتفيا بنجاحهما الذي يجيب على هذه التساؤلات الجدلية، نجاح تحقق لهما لأنه قائم على تكامل فكري وتماهي إبداعي لو أن أحدهما أخل بشروط هذا التكامل لما تحقق هذا النجاح، غير أن ثمة عوامل يجب التوقف أمامها وهي أن (الشلال الجارف) مهما كانت غزارة المياه التي يلقيها لا قيمة لها ولا جدوى أن لم يكن هناك حاضنة تتلقى ما يلقى به (الشلال) الذي بدون الحاضنة سوف تتبخر مياهه وتختفي في تضاريس الأرض المجدبة..؟!
لكن كرأي شخصي أقول دون مواربة وبكل شفافية إنه لولاء الاستاذ أيوب وحسه الفني وقدرته الإبداعية في ترجمة كلمات الشاعر إلى لحن ونغم وصوت يطرب لسماعه المتلقي وينصت للأغنية التي يصدح بها الفنان والتي من خلال كلماتها والحانها تعالج ظاهرة اجتماعية وتجعل المستمع يتلذذ بما جاء بها ويشعر انها تتحدث عن نفسه عن همومه ومعاناته، عن قضية عاشها، أو يعيشها، من لا يفكر بالحب الطاهر التقى والنقي، أو يعيشه، ومن لا يعيش مرارة الفراق والغربة، ومن لا يحب وطنه ويسعى للمساهمة بتطويره وتقدمه الاجتماعي، من لا يحب القرية في الوطن، ويحن لمسقط راسه، ويتذكر سنوات طفولته، وأهله وجيرانه، يتذكر رفاقه في (كتاب القرية والمدرسة)،يتذكر معالم القرية وجغرافيتها واسواقها وحياة الناس فيها، يتذكر الساقية ومواسم الزراعة والحصاد، يتذكر (البتول والآثوار) وأدوات الفلاحة التقليدية التي اعتمدا عليها فلاحي القرى..!
الأستاذ أيوب طارش _حفظه الله وأطال بعمره _عبر في اغانيه عن كل هذه المشاهد، كما عبر عن الحب البرئ والطاهر والعفيف، كما عبر عن الأفراح في الأعياد والمناسبات..
غنا للعامة على مختلف طبقاتهم ومستوياتهم الاجتماعية، وانهمك في محراب التصوف مبدعا يهيم غزلا بقدرة الله سبحانه وملكوته زارعا في الوجدان والذاكرة مفاهيم وقيم روحية نقية وصادقة وبعيدة عن التصنع والمتاجرة بالفضيلة..!
غنا أيوب للحب، حب الحبيب وشريك الحياة، وحب الاهل والأسرة، وحب الخير والناس والوطن،وحب الأرض والطبيعة.. قاوم بفنه وأغانيه كل مظاهر الظلم والقهر والاستبداد.
غنا أيوب وأبدع ودفع ثمن إبداعه وثمن هويته للوطن والشعب وتمسكه بحبهما والوفاء لهما ولقضاياهما، ودافع عن أحلامهما وتطلعاتهما.
بناء أيوب جدار الأبداع الخاص به وجعل منه محرابا لكل عشاق الفن الأصيل، الفن الذي لم يأتي من أجل الفن، بل جاءا حاملا لقضية وطن وشعب، الفن الذي يساهم في بناء التحولات والتقدم الاجتماعي، وليس ذاك الذي يسلب الناس قدراتهم ويخدر عقولهم وقدراتهم..!
أستطاع الاستاذ أيوب طارش أن يجمع كل أبناء الوطن حوله وأن يوحدهم بفنه الصادق والنقي والراقي..
ومع ذلك لم يسلم هذا القامة الإبداعية من (أحجار الحقد والكراهية) التي طالته خلال مسيرته الفنية بعد أن فشل البعض في توظيفه واستغلال شهرته ومكانته في قلوب الشعب لتحقيق أهدافهم الرخيصة.. حملات ظاهرية وسرية شنت ضد الاستاذ أيوب وضد أبداعه في محاولة لكسر إرادته وإحباط مسيرته الفنية، وصلت لدرجة أن ذهب البعض إلى (القاهرة) لمقابلة أشهر داعية في زمانه هو الشيخ عبد الحميد كشك وتحريضه وتقديم معلومات خاطئة وكيدية له عن الاستاذ أيوب طارش، بعد ظهور اغنيته الشهيرة (صابر صبر أيوب) ولم يتردد الداعية المذكور من تخصيص ( خطبة شهيرة) تلاها من منابر أحد جوامع قاهرة المعز لدين الله تناول فيها الاستاذ أيوب طارش بالذم والقدح بناء على طلب من بعض اليمنيين الحاقدين على الفن والإبداع الذين اتخذوا من (دين الله) وسيلة لزرع بذور الحقد والكراهية في أوساط المجتمع اليمني تحت ذريعة الحفاظ على الهوية الدينية للشعب..؟!
لكن وبحمد الله انقلب السحر على الساحر وتحولت حملة الداعية العربي لمصلحة الأستاذ أيوب طارش، وهكذا أراد الله أن يرد كيد الكائدين إلى نحورهم،لان من احبه الله، حبب إليه خلقه، والله سبحانه وتعالى يحب استاذنا أيوب ويرعاه، فكانت كل حملة تستهدفه ترتد وبالا على من يقومون بها..!
ولم يتوقف الأمر هنا بل واصل الحاقدين حقدهم على استاذنا ولكنه واجه بقوة إيمانه كل تلك الاحقاد والمكائد بمزيد من الحب والعطاء والتسامح والسموء فوق الجراحات فكان نموذجا للإنسان المبدع الذي لا يقف أمام ترهات الحاقدين بل يواجه حقدهم بمزيدا من التسامح والحب والسلام وزراعة المشاعر الراقية في وجدان وذاكرة الوطن والشعب.
يتبع |