ريمان برس -
كثيرة هي اللحظات التي يجد فيها المر نفسه يعيش فيها حالة استثنائية تكون فيها مزاجيته خارج السيطرة بفعل الكثير من العوامل الذاتية والموضوعية والهموم الحياتية _اليومية _ المؤغلة بقساوتها، والقادرة على إنتزاع المر من دائرة الحصافة والممانعة إلى أخرى مجبولة بكل مفردات النزق والشعور بالقهر حد الاغتراب ( الزمكاني) وأغتراب الذات بفعل الكم الهائل من الضغوطات التي تفوق بتأثيرها على النفس والعقل على كل الأمراض الجسدية التي من السهل على المر تحملها لكنه لا يحتمل ضغوطات حياتية تحول حياته الي جحيم..!
في ( تحيتي الصباحية صباح اليوم) بدأت التحية بقول الله تعالى (رب مسني الضر وأنت أرحم الراحمين) ونشرتها تعبيرا عن (هم) يسيطر على كل حواسي الفكرية والوجدانية ونفسٍ ملتاعة وعيون زائغة يسكنها ( سهاد الهم) تترقب المزيد من متواليات القهر والحسرة، التي تعكس المدى الحياتي والمعيشي الذي أوصلتنا إليه والوطن _نخب الأستهتار _ التي لم تقف عند حدود الفشل والخيبة، بل تؤغل في تحويل _ الوطن _ إلى مسرحا للفشل والخيبة، وإجبار _ المواطن _ فيه على تجرع ( كؤسهما) وكأن قدرنا أن ندفع ثمن عبث الفساد والفاسدين وفواتير الانتهازين الباحثين عن أمجادهم وأن على انقاض الوطن والمواطن..؟!
أن (الضر) الذي قد (يمس) أي فرد ليس بالضرورة أن يكون ضرا جسديا وحتى قائلها ( النبي الممتحن بالبلاء والصبر) لم يقلها لأنه تعرض لأبتلاء جسدي، بل تحمل ألم الجسد ومتوسلا من ربه أن يبقى له ( لسانه) حتى يظل يذكر ربه بها، متجاهلا ما حل ببقية أعضاء جسده، لكنه قالها حين تعرض لأذي معنوي لم يعد يقوي على تحمله فنادي ربه بقوله (رب مسني الضر وأنت أرحم الراحمين) و( الضر) له أكثر من بعد ومعنى، فقد يحتمل الإنسان كل أشكال الألم والمرض بصمت ورباطة جاش، مهما كانت قساوة الألم ونوعية المرض مبدئيا الاستعداد للتضحية وتقبل كل ما يكتبه الله له بنفس حامدة شاكرة، لكن هناك لحظات من ( ألم) لا تحتمل، لحظات (ألم معنوية) تمس ذاتك ووجودك، ولحظات كهذه أرتبك أمامها (الأنبياء والرسل) صلوات الله وسلامه عليهم، بدءا من ( ابونا أدم) الذي ( عصى ربه فغوي) و ( وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه ) و( نوحا_ إذ قال _ رب إن ابني من اهلي وإن وعدك الحق وأنت احكم الحاكمين. ) و (لوطا _من قال : لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد ) ( وموسى _ الذي قال : ربي اني لما انزلت إلى من خير فقير)
وصولا إلى سيد خلق الله وإمام الأنبياء والمرسلين محمد أبن عبد الله عليه الصلاة والسلام وعلى آله الذي دعا ربه في لحظة ضعف ( اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، اللهم إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدو ملكته أمري.؟)
وأن كان هذا حال الأنبياء والرسل من خاطبوا ربهم في لحظات حرجة، لحظات تغلفها ( الهموم والألام) فما بالكم أن كان الأمر يتعلق بإنسان عادي تكالبت عليه هموم الدنيا لدرجة أن وجد نفسه ربما ولأول مرة في كل مساره الحياتي يقف عاجزا مشلولا عن مواجهة همومه وليس له غير الله وحده يشكوا إليه ويرجوا رحمته بأن يفك كربته ويفرج همه، ( إنسان) ليس له( سوي الله وحده،) فلا ( قبيلة يشد بها ازره،) ولا( حزب يسانده) ، ولا ( دولة يمكن أن يلجاء إليها)؟ بل أي دولة هذه يمكن أن تكون، أن كان الوطن بكل مكوناته يعاني حالة التمزق والتشظي تائه عن مواطنيه، إلا من مجموعات متنفذة تعبث فيه وتهين من فيه ؟!
ختاما كل الحب والتقدير وعظيم الود لكل زميل وصديق انتابه القلق وتفاعل مع (تحيتي الصباحية).. دمتم انقيا حيث كنتم وتكونوا أعزائي..راجيا من الله أن يجعلنا من كل هما فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ومن كل عسرا يسرا، إنه هو السميع العليم وهو الرحمن الرحيم. |