ريمان برس -
نفوس مترعة، وابصار شاخصة، وحراب تلمع، وطقوس الموت تتواصل على أسوار المقابر.. تتصاعد مداخن الحقد بزفيرها الداكن، تلبد سماء المكان بغيومها المسمومة، تزداد نسبة الكربونات القاتلة في الأجواء والنفوس ورغبات (نيرون) تتسع وتمتد بأمتداد الخارطة..!
ترتفع بيارق الموت، وعلى أسنة الرماح تُحملْ أحلام الحالمين..!
تُنصب مقاصل الأحقاد في قلوب الجمع وفي تجاويف عقولهم تُنحت رغبات الثأر..
.. ( نيرون) لم يحرق (روما) بل أحرق ركام احقاده، هنا أكثر من (نيرون) رغباتهم تتراكم ثقلها يتجاوز أثقال جبال الوطن وتفوق وزنا على وزن الجغرافية الممتدة من الحلم حتى المقصلة..!
.. (شمشون) لم يكن (بطلا) بل كان حكاية من (قهر)، كان حلما فاشلا وأمنية مهزومة.. تتمدد جغرافية القهر وتتسع.. تتجاوز جغرافية الوطن المرسومة بأسنة حراب (ريتشارد)..!
يؤغل (القطيع) بأداء رقصة (الفلامنكو).. تصدح الإيقاعات مبشرة بالموت الوفير..!
ثمة (سمفونية) هادئة تترنم بلحن جنائزي تخيم ترانيمها على أسماع القطيع.. تزداد الترانيم حضورا في سماء المكان وعلى جدارية الزمان تتشكل آهات القهر وجوارها ترسم مخالب الطغاة مذكرة الغافلين بأن الوطن أصبح إقطاعية خاصة ( لترويكا الظلم) القادمين على ( صهوة جياد الخيبة).. أولئك (اللصوص) الذين رتلوا على أسماع (القطيع) ذات يوم (تعاويذ هاروت وماروت) فكانت الاستكانة الجماعية خيار الغافلين الذين احنوا هاماتهم وتركوا ظهورهم المحنية تتلقى ( كرابيج الطغاة) تهوى عليها، وهم يرددون ( أيات الولاء والطاعة لولاة الأمر) الذين يزعمون أن (الله) بعثهم لرعاية (القطيع)..!
تنتصب المآذن في الأحياء تعانق السماء، وحولها تلتف (مواخير القهر) ومقاصل الظلم.. يؤدي القطيع ( صلواتهم الخمس) بعقول شاردة ونفوس تائهة، فيما تزداد مظاهر (الفحشاء) ويتقنن (المنكر) فيما سحب القهر تزداد تراكما في سماء المكان و ( بيارق العدل) تفرش ( سجاجيد تشريفات) يمر من عليها (طغاة العصر باحذيتهم) الفاخرة، فيما (أحذية) سدنتهم وحملة مباخرهم تدوس على رقاب الغلابة من القطيع الذين يعانقوا بهاماتهم أرصفة المكان يستجدون تراب الأرض بانصافهم من جور الزمان وقهر المكان وظلم المرحلة.. نعم غلابة لم يعد بمقدورهم رفع رؤسهم نحو السماء لطلب الإنصاف من ملك الملوك العادل الذي حرم الظلم على نفسه فمارسه بأسمه على الأرض بعض مخلوقاته الذين أمنوا بملذات الدنيا أكثر من إيمانهم بقيم وتعاليم الدين..!
هنا حيث القهر والظلم يمارسان على الطريقة الإسلامية، هنا حيث يصلب العدل أيضا على الطريقة الإسلامية وباسم الإسلام ترتكب كل الجرائم التي حرمها الإسلام..!
هنا لا شيء مقدس غير (ولاة الأمر) وحيث الأوطان ملكيات خاصة بهم، وهم وحدهم ملاك السلطة والوطن والقطيع والقرار..!
من يخالفهم مرتد، جزائه الموت شنقا، من ينتقد سلوكهم مارق يستحق ( الموت جوعا)،من يشكون بولائه مرجف يستحق التهميش والتجاهل والطرد من رحمة زمانهم..؟!
للحكاية بقايا من حكايات..
صنعاء ذات مساء مدثر بالقهر. |