ريمان برس - متابعات - الروائي اليمني محمد الغربي عمران لــ الزمان الرواية حسناء مستعبدة لا تظهر جمالها بسهولة
حوار عذاب الركابي
محمّد الغربي عمران كاتب القصّة القصيرة، وأحد روّادها وأعلامها الكبار في اليمن والوطن العربي.. وبما أنّ الإبداع نزيف إنسانيّ، وترجمة صادقة لانفعالات الروح المجبولة على المعاناة،فالإبداع قبسها الخالد إلى الأبد.. وإلى ما بعد الأبد. اكتشف هذا المبدع الكبير أنّ نزيفه.. ومخزونه الروحيّ الجهنميّ لا يتسع له إلاّ فنّ الرواية، والذي وجد نفسه منقاداً إليها، كما ينقاد مغرم هيمان إلى امرأةٍ جميلة أو مدينةٍ من كرستال.. فاختار الرواية نافذةً يطلّ من خلالها على عالمه الذي أثقله إنسانياً وحياتياً ولم تكن الرواية إلاّ أفقاً أوسع لأجنحة الخيال في بلدٍ يعيش جلّ أهله على جبالٍ عاليةٍ .. وبما أنه مهووس بدقائق وتفاصيل التاريخ، تاريخ اليمن وتاريخنا العربيّ المنير والمظلم معاً.. وأنّ هذا التاريخ يقلقه ككاتبٍ حالم ٍ بيمنٍ جديدٍ.. وتاريخٍ جديدٍ.. وحياةٍ جديدة.. ووطنٍ جديد، فأنّ هذا التاريخ أحد أبطاله، بل هو بطله الأول.. وهو الكاتب المعبّأ والمثقل بعقدة الإمامة، كما كان ماركيز وروائيو أمريكا اللاتينية الأفذاذ المثقلين بعقدة الجنرال حكم إمامي منغلق يحكم باسم الدين ويخاف من كلّ ماهو خارجي كما يقول نفسه.. ولهذا أخذ عهداً على نفسه أن يأتي بالتاريخ على حقيقته، واختار الرواية لأنّها تأتي بتاريخ غير التاريخ المدون في بطون كتب التاريخ .. وقد بدأ مشروعه الروائي الملحميّ برواية مصحف أحمر الرواية التي زادت عليه أوجاعه وهمومه، وأقلقت السلطات في اليمن ، وتمّ طرده من عمله ووظيفته كوكيل للعاصمة، بل والمرشح لمنصب وزير ثقافة قادم.. كما أنّها أقلقت السلطات العربية الديكورية المفاهيم والرؤى، والتي تتظاهر بالعروبة..والقومية.. وتتشدق بالمبادئ الإنسانية والإسلامية، وهي تعقد جهاراً نهاراً أحلافاً مشبوهة مع الغرب الحاقد وربيبته إسرائيل، ومنقادة من أذنيها إليه وتابعه له ومنعت رواية مصحف أحمر في أكثر من بلدٍ عربي.
الكاتب والروائيّ اليمنيّ محمّد الغربي عمران يرى أنّ الثقافة أداة مهمة وفاعلة من أدوات الثورة بالقول وكلّ ثورة لا يقودها المثقفون هي ثورة فاشلة .. وهو عروبي قومي، التقيته في أكثر من مكان من وطننا ، وكنّا سكناً لبعض، عبر أثير همومنا الصاخب، وراقبت حركة عينيه، وتتبعت نبضات قلبه وقلمه معاً، وفي غفلةٍ منه، دلفت غابة أحلامه مصطافاً، فوجدته منحازاً إلى عروبته حتّى الرمق الأخير، كلماته.. إبداعاته.. مواقفه الواضحة تدلّ عليه، مثقف قويّ بفكره.. وأمله.. وثقته بإبداعه.. وإنسانه.. ووطنه جعلته يحطم تماماً قاعدة جان بول سارتر القائمة على إنّ المثقفين ضعاف بالطبيعة ..ليؤكّد في دفاعه عن مبادئه.. وأفكاره.. وقيمه الإسلامية.. وعن عروبته.. وعن التاريخ العربي الحقيقي، إنّه كاتب صادق،واع،قويّ وإنسانيّ من طراز رفيع.
. محمّد الغربي عمران كاتب وقاص وروائي 1958م.
. رئيس نادي القصّة في اليمن.
. رئيس مركز الحوار لثقافة حقوق الإنسان.
.مشارك دائم مثابر في الملتقيات الثقفافية والأدبية والفكرية داخل الوطن العربي وخارجه.
. صدر له
الشراشف 1997قصص قصيرة دمشق اتحاد الكتاب العرب
الظل العاري 1998 قصص قصيرة صنعاء الهيئة العامة للكتاب
حريم أعزّكم الله 2000 قصص قصيرة صنعاء نادي القصّة
ختان بلقيس 2002 قصص قصيرة صنعاء نادي القصّة
منارة سوداء 2004 قصص قصيرة صنعاء اتحاد الأدباء اليمنيين
مصحف أحمر 2010 رواية بيروت دار رياض نجيب الريس
لو تقدّم نفسك للقاريء بكلماتٍ قليلةٍ، فيها من الشعرية والحميمية ونرجس التميز.. والتفرّد، ماذا تقول؟
في ليلة باردة من ليال شهر ديسمبر 1958 انشغلت مجموعة من النسوة حول
امرأة تحتضر.. بينما صراخ وليدها يملأ الأسماع.
قرية على ارتفاع ثلاثة ألف متر عن سطح البحر فوق جبال سروات جنوب شبه جزيرة العرب.. فيها من السحر والغرابة.. يعيش مجتمعها باعتقاد أنهم كل الدنيا.. يترعرع ذلك الوليد ليرى ويسمع حكايات تنثال كالنور من الأفواه.
يشارك الطفل أباه برعي الإبل والمواشي.. يجلس أمام فقيه القرية بين صبيان يخط على اللوح.. يختم القرآن في سن مبكرة.. ليغادر القرية على ظهر بعير إلى عدن.. يشاهد جنود المستعمر الإنجليزي في طريقه إلى السودان.. يرى البحر.. يركب السيارة.. الطائرة.. يعرف بأن قريته وجبالها ليست كل الدنيا.
في السودان يدرس الابتدائية في مدرسة الإتحاد القبطية.. ليسمع تراتيل الآحاد.. وموسيقا الأستاذ جرج.. يستضيفه زملاؤه بركات و بلاي في منازلهم. يعود إلى الجبال العالية في اليمن.. ثم يرحل إلى السعودية بحثا عن عمل صبيا ً.. ويواصل دراسته ليلا ً حتى أكمل الثانوية هناك.. يعود إلى صنعاء..
يكمل دراسته الجامعية.. لتأخذ تلك الصور تفاعلها بداخله.. تخرج بشكل قصص قصيرة.. حكايات من بلد تعيش المرأة فيه، وكأنها تلك الحلقة المفقودة لداروين.. أو كما يقول الربّ في التوراة أحمد الرب إلهي الذي لم يخلقني امرأة أو حيوان .. لكنها تأخذ حقها يوما بعد يوم كما هو البلد يأخذ حقه من الطغاة.
حكاية حياتي رواية لا تكتمل
تعددت فنون الإبداع لديك، وبرزت في الوسط الثقافي اليمني والعربي ككاتب قصّة قصيرة متميز.. ثمّ الرواية.قل لي أيّ الفنين الجميلين الأقرب إليك؟ ومن منهما الذي يجيب عن أسئلتك الضرورية والعمياء معاً؟
حكايات معاشة لم يكن لي فضل إلا أنني دونتها قصصا ً مع ضربات خيال هنا وهناك.. ولم تكن الرواية إلا أفقا ًً أوسع لأجنحة الخيال في بلد يعيش جل أهله على جبال عالية..
أفق أكثر احتواءً لما يعتمل أمام عيني ؛ في الجبال العالية لليمن من أحداث وقضايا إنسانية.. هي رواية لا تكتمل فصولها إلا مع نهاية الحياة.. رواية بلد كاد شعبه أن ينقرض بالأمراض والمجاعات لحكم إمامي منغلق يحكم باسم الدين، ويخاف من كل ما هو خارجي.. ذلك الانغلاق انتهى بثور 1962. في ذلك الوقت كان المجتمع يموت جوعا ً ؛ حبست السماء دموعها.. لا توجد مدرسة واحدة.. أو مستشفى في عرض البلاد وطولها.
فضاء لحكايات الشعوب
ستكتسح الرواية كلّ شيء سانت بيف
ما رأيك في هذه العبارة؟ ماذا تضيف لها؟ ألهذا حملت حقيبة همومك
الاجتماعية والفكرية والسياسية إلى هذا الفنّ؟ حدّثني
ــ الأدب هو روح الإنسان.. والرواية فضاء معطر بحكايات الشعوب.. ومن
خلالها يستطيع الكاتب تقديم معاناة وتطلعات مجتمعه.. ويستطيع أيضاً رسم لوحة من ضربات حكائية ليقدم مجتمعاً ما إلى الإنسانية.. ومع ذلك لن تكتسح الرواية كلّ شيء كما يقول سانت بيف باكتساحها.. فالمطلق والقطعي غير موجود.. إلا في عقليتنا العربية وعلى سانت ترك ذلك لنا كعرب.. فالعالم يتحكم به النسبي وليس المطلق.
قلت في روايتك المثيرة مصحف أحمر ستدرك يوماً أهمية أن يكون للفرد حكايته الخاصّة، حيث تبحث عن ذاتك.. الإنسان بحاجةٍ إلى ما يميزه.. حينها سيتحرك شيء ما بداخلك ص16 أهي حكايتك أنت، أم حكاية حنظلة و تبعة و سمهرية ، أهي حكاية اليمن السعيد أم حكاية العطوي .. حكاية من بالضبط؟ وما الشيء المهم الذي فجّر في داخلك هذا النزيف لتحكي؟
رواية مصحف أحمر حكايتي وحكايتك.. وحكاية أقطارنا العربية المستباحة من أنظمة تستمد قوة سيطرتها من ارتكانها للدوائر الاستعمارية المعاصرة.. حكاية مجتمع يعيش في جباله العالية.. وما حنظلة وتبعة
وسمبرية والعطوي إلا نقوش مسندية في لوحة كبيرة اسمها اليمن. حين أعيش أحداث ومعاناة وأحلام بلد.. عليّ أن أرويها.. وأروي حياة موازية أتخيلها.. للإنسان وواقعه الجغرافي حروب أهلية مرت بمآسيها على بلدي، وحروب إقليمية في وطني العربي..غيرت الكثير في محيط بلدي.. وغيرت الكثير على مستوى الوطن العربي.. كحرب الخليج الأولى ثم اجتياح العراق..
كل تلك الحروب وغيرها أثرت على الفرد العربي وستظل تأثر طويلا.. إذاً تلك هي وظيفة الرواية.. أن تأتي بتاريخ غير التاريخ المدون في بطون كتب التاريخ.
يقول غارسيا ماركيز في كتابه غريق على أرض صلبة إنّ كتابة رواية هي مثل لصق قوالب الطوب، أما كتابة القصة فتشبه صبّ الخرسانة أي جمالٍ تحسّه في هذا التعبير؟ هل كتابتك مصحف أحمر في فصول هي من هذا القبيل أعني لصق قوالب الطوب ؟ أيهما أكثر متعة صبّ الخرسانة القصة القصيرة أم لصق قوالب الطوب الرواية؟
ما يقوله ماركيز عشت لأحكي كم هي كلماته دقيقة.. أو كما صور تقارب الرواية والقصة الرواية لصق قوالب الطوب.. والقصة تشبه صب القالب الخرساني حقيقة مايقوله ماركيز.. لكنني أكتب الرواية كما يرسم التشكيلي لوحته.. فأكونها من ضربات حكائية مختلفة.. لأخرج بلوحة روائية متجانسة..
لا أتقيد بالخاتمة.. ولا بالتسلسل الزمني.. فقط أشكل الرواية ضربات.. أو عنقود حكائي يكمل بعضه، أما القصة فهي بذرة.. يبذرها المبدع ليرى تفتح برعمها وأوراقها وزهرها.. لتثمر كل ذلك في فصل واحد.. إذاً القصة لا تستعبدك ككاتب.. بل هي تجعل حياتك مقبولة.. أما الرواية تلك الحسناء المستعبدة.. فأنها بحاجة إلى سنوات كي تظهر لك اكتمالها.. سنوات تعلمك التوحيد بها ولا تقبل الشرك بغيرها، سنوات من العبودية اللذيذة وعليك أن تخلص لها بجوار روحك وأحاسيسك.. فهي كما تكره الشرك.. تكره الخيانة.. وأن لا يفكر مريدها في أي لحظة بغيرها، وإلا تقطعت خيوط
المودة بينك وبينها.. وقد تراني لم أكتب هذه الأسطر إلا بعد أن فرغت من كتابة ظلمة الله فهلا غفرت لي؟
حضرتك مستشار لأمانة العاصمة ثمّ وكيلها، كيف ترسم بورتريه حقيقياً للمثقف الموظف؟ ما مدى تأثير الوظيفة الحكومية على الإبداع؟ لمن تنحاز؟ ولمن تقدّم تنازلاتك الحياتية الكبيرة أكثر؟هل جئت إلى الوظيفة أم جاءت إليك بمنطاد تكاليف الحياة؟هل ذهبت للكتابة الإبداع أم هوالذي طرق عليك بابك الدهري في ليلنا العربي الحالك؟
تفرض عليّ الرواية لحظة تفكيري بالبدء بكتابتها أن أعاهدها على وضوء.. بأن أهجر كل شيء عداها.. والعمل الإداري أحد تلك المحذورات.. أن أبتعد من دوامات الانشغال والتفكير بغيرها.
ولذلك أشعر بأن عليّّ أن أتحرر من خياناتي.. وأن أترك الوظيفة الإدارية. قبل الرواية كنت أشعر بحرية.. وبوقت فائض.. فترشحت وفزت كرئيس لمجلس محلي.. ثم عضو برلماني.. ثم وكيل ومستشار بأمانة العاصمة صنعاء.. اليوم هي الرواية تفرض عليّ شروط الزواج الكاثوليكي وعلي أن لا أمعن في الخيانة.. و أن أتحمل تبعات إخلاصي.. وعليّ أن أعيش الحياة دون عشيقات.
حين نقف على العلاقة بين المثقف العربي والأنظمة العربية.. فأننا نجدها علاقة النفي من المتسلط للمثقف.. يرتهن بقراره ووجوده لدوائر استعمار الأمس المباشر.. التي غيرت أدواتها الاقتصادية والقيمية.. لتقود العالم بقفازات ناصعة البياض.. لنجد الأنظمة العربية تسقط برعاية الدوائر الاستعمارية.. ونرى ثورات الوطن العربي وما تسمى بالشبابية هي الأخرى برعاية الدوائر الاستعمارية.. وما نعيشه في اليمن والبحرين وسورية وليبيا ومصر وتونس.. من يقفز من كف إلى كف كائن يفترسك ضاحكا.. ويذكرني ثوار اليوم بما شاهدته من فيلم يحكي عن فتاة تنجح بالإفلات من قطاع طرق.. وتهرب لتلجأ إلى قسم شرطة.. لتكتشف أن مدير القسم وعسكره هم من كانوا يطاردونها.
ثورة لا يقودها مثقفوها ليست ثورة
كأديب ومثقف كبير لك حضورك العربيّ القوميّ المشرّف.. ووفاؤك المستميت عن كلّ قضايانا الإنسانية والقومية المصيرية.. كيف تقرأ الواقع العربي في ظلّ حكومات وأنظمة مستبدة؟ وفرعنة غربية إسرائيلية تجاوزت الحدود.. وثقافة مخملية مهادنة؟
الثورة الحقيقية لم تأت بعد.. ثورة الخلاص لأمّة عظيمة.. وأجزم أن ثورة أمة لا يقودها مثقفوها ليست ثورة.. ثورة تركز على انتزاع الحرية لتعلن امتلاك قرارنا السياسي والاقتصادي.. تخلصنا من الدكتاتوريات كلها بكل الأردية الملكية والجمهورية.. أن تضعنا على الطريق الصحيح.. استقلال حقيقي.. لنسهم مع شعوب الأرض في رسم السياسة العالمية.. والتقدم الإنساني.. ولن يكون ذلك إلا إذا كان المثقف في طليعة شرائح المجتمع.
والأنظمة العربية تناصب المثقف العداء.. ولذلك تقصي وتشرّد وتهجّر.. وما نسمعه هنا وهناك عن مكرمات الحكام للثقافة والمثقفين.. تبلغ حد إعلان المنة من الحاكم للإبداع والثقافة.. مهزلة ومهانة لعقل الأمة من ساسة مفلسين.. ساسة هم أقرب لرؤساء المافيا. الأنظمة العربية اعتبرت المثقف العدو رقم واحد قبل الخطر الخارجي.. والأوبئة والفقر.. والجهل.. وجنّدت العسس ورصدت الأموال أضعاف ما تصرفه على الأمن العام. لتحجيم وتقليص دور المثقف في المشاركة ببناء بلده.
ومع ذلك نريد المثقف أن يتحمل أكثر مما حملته السلطة من قيود مرئية وأخرى
غير مرئية. إضافة إلى بعض مثقفينا ممن يبشرون بالمشروع الحضاري الاستعماري المعاصر.. المغلف بحقوق الإنسان.. وقد رأينا مشروعهم في العراق والصومال وأفغانستان كنماذج تفضح مواقفهم المتناقضة حسب درجة مصالحهم.
تلك الدوائر الاستعمارية التي ترفع شعارات إنسانية برّاقة.. تدعمها الوسائل الإعلامية التي تكسبها الرأي العام الداخلي والخارجي.. وتخول لها التدخل المباشر لإنقاذ الإنسانية المنتهكة والمعذبة..مع تغيير أدواتها بين كل فينة وأخرى.. وتغيير أولوياتها وأدوارها..
ولذلك ظهر المثقف بذلك الموقف الباهت.. وفي تصوري علينا كمثقفين أن نكون
في الطليعة.. وليس مع كل دعوة.. بل أن نعرف طريق العزة والكرامة.. وأن نعرف أن الخلاص مرهون بتحررنا.. وأن الخلاص لن يتم إلا على يدي المثقف.. وأن كل حركة مهما أطلقوا عليها إن لم يكن المثقف الفاعل الرئيس.. فهي فوضى وارتهان.
من أجل التغيير الحقيقي
وفي ظل هذه التفرقة.. والإقليمية المقيتة.. والكوارث المتلاحقة كما يسميها جبرا إبراهيم جبرا.. والاحتلال.. وغياب مدن بكاملها عن الخارطة كيف يمكن تحقيق هوية عربية منافسة.. قل لي ماذا تقترح لهذه الهوية الغائبة المغيبة؟
علينا أن نعمل من أجل التغيير الحقيقي بعيداً عن الرعايات الغربية.. التغيير المعتمد على الداخل.. على طبقات وشرائح الشعب بكل فئاته.
المشهد النقدي الأدبي العربي في حالة صعود.. ولا يعقل أن ننكر تفاعل هذا المشهد المتنامي.. صحيح أن هناك أربعة أقاليم ثقافية عربية المغاربي..
الخليجي.. والشامي.. وتلك الاقاليم تمثل انكفاء على بعضها وتتواصل فيما بينها.. ويمكننا أن نميز ذلك من خلال حركة النشر والنقد والملتقيات القافية.. ومصر تأتي الاستثناء.
ما رأيك بالنقد الأدبي؟ هل توجد لدينا حركة نقدية جادة مواكبة لهذا التفجّر الإبداعي الشعري والقصصي والروائي ؟..من من النقاد يثير انتابهك يمنياً وعربياً؟ أنت كمبدع هل أنصفك النقد؟
يأتي النقد في مقدمة المشاهد نضجا ونموا. إلا أن توزيع الكتاب يظل أحد أبرز العقبات لوصول المنتج إلى القارئ والناقد ضمن هذا.. فكيف أريد أن يكتب ناقد ما دون أن يعلم حتى مجرد العلم بذلك الإصدار.. ولذلك أن وجد أي موقف أوحكم سلبي على المشهد النقدي يجب أن ندرك تلك المعوقات.. وغيرها،ومن النقاد سعيد يقطين، عبدالله الغذامي، عبدالعزيز المقالح، والأسكندراني أستاذ شوقي بدر يوسف.. شهلا العجيلي.. صالح هويدي..معجب العدواني.. بو شعيب حليفي.. عبد الواسع الحميري.. حاتم الصكر.. نبيل سليمان..معجب الزهران.
والنقد الذي أستهدف أعمالي لا بأس به.. خاصة رواية مصحف أحمر التي نالها حتى الآن أكثر من سبعين دراسة نقدية عربية، والخمس المجاميع القصصية كتب عنها عدة أبحاث جامعية ورسالتين ماجستير.
الجوائز تذهب للأسماء وليس للإعمال المقدمة
هل حصلت على جائزة أدبية لقاء إبداعك القصّصي واالروائي؟ أتهتم لهذا الموضوع؟ هل الحكم الصائب غائب فعلاً كما يقول بعض المبدعين؟ هل الجوائز من نصيب الأسماء المدفوع بها إعلامياً وحكومياً؟ قل لي ماذا تضيف الجائزة للمبدع؟
عن الجوائز سأقول ما قاله الشاعر العربي لابد من صنعاء ولو طال السفر هي روايتي الأولى.. وفي الخمس المجاميع لم أفطن للمسابقات.. لكني أطمح روائيا أن أنال ما تستحقه أعمالي مستقبلا،وبعض الأعمال التي تطرح على المسابقات قد تستحق الفوز لكنها العناوين تحد من قبول لجان التحكيم أو القائمين على الجائزة.. أن ينأوا بأنفسهم في اللوم فمصحف أحمر حلت اللعنة عليها من عنوانها.. فقبل الجوائز هي ممنوعة من الدخول في أكثر من بلد عربي.
أما لجان التحكيم من الصعب إرضاء جميع المشاركين.. فماذا ننتظر من مشارك لم يفز عمله.. بالطبع هو لم يقدم عمله أو الناشر إلا لإيمانه بأحقيته في الفوز.. ولا يوجد عمل كامل.. أو الحكم الكامل.. وعلينا بالقبول والشكر للجان التحكيم ورفض نظرية المؤامرة التي تدير تفكيرنا.
والإعلام يلعب دوراً أساسياً في الترويج للكاتب والعمل.. وإلا فما وظيفته ؟ وليس عيبا ذلك.. بل هو عنصر ايجابي يخدم القارئ ولجان التحكيم.
فالقارئ يعرف عن مؤلفات ميرال الطحاوي من قبل بروكلين.. ويعرف عبده خال من قبل ترمي بشرر.. وغيرهم.. وهكذا يلعب الإعلام دوراً مهما ً.. وكلنا يعرف أن هناك كتّاباً لهم عدة أعمال.. وهناك أعمال أكثر نضجاً.. وهناك أفراد من لجان التحكيم يتأثرون بأحكام مسبقة يصنعها الإعلام.. ولذلك نجد أن الجوائز تذهب للأسماء وليس للأعمال المقدمة.
الجائزة تضيف الكثير للكاتب.. على المستوى الفردي.. أو الوطني.. فنحن نقرأ لـ رجاء عالم منذ قبل ولم نلمس أي اهتمام بأعمالها في وطنها.. لنشاهد بعد وصولها القائمة القصيرة للبوكر سلسلة حفلات التكريم.. ونقرأ ليوسف المحيميد قبل فوزه بجائزة الشابي برائعته الحمام لا يطير في بريدة ..
لكننا نرى تسابق وسائل الإعلام عليه بعد أن فاز.. ناهيك عن الجانب
المادي.
الإبداع قرّبني من الناس
x أيها المبدع الكبير ماذا أخذ منك الإبداع؟ وماذا أعطاك؟ بربّك حدّثنني؟
الإبداع حياة موازية لا يراها غير المبدع.. وأنا امتطيت الإبداع إلى عوالم أتحدث بها عبر صفحات كتاباتي.. ولهذا أقول بأنه علمني رؤية الأشياء بتأن ٍ.. وبعدة أوجه وعدة أشكال.. بعد أن كنت أعيشها بشكل واحد.. الإبداع جعلني أقترب من حقائق بعض ألأمور.. قرّبني من الناس.. جعلني أدرك بأني بسيط جدا.. فهو يفرقع بالونات الوهم بداخلي.. وعرفني على عبودية تتسم باللذة.
الإبداع أعطاني مالم أكن أتوقعه.. وأخذ مني سلبيات كثيرة لن أذكرها فقد ذهبن.. أذكروا محاسن موتاكم ..
صدر لك من القصص الشراشف و الظل العاري و ختان بلقيس وقصص قصيرة أخرى ورواية وحيدة مصحف أحمر .. ماذا ينضج تحت أصابعك الآن؟ وما الذي ينتظره القاريء منك.. ما هو أكثر استفزازاً..وإثارةً.. وإبداعاً؟
جديدي رواية بعنوان ظلمة الله وقد يتغير هذا العنوان بعد أن أرسلت العمل للناشر.. وطرحت عليه أكثر من عنوان.
رواية تعالج قضية الإيمان وحيرة الفرد.. تقدم الجغرافيا كشخصية رئيسة من صنعاء إلى مكة مرورا بعسير وتهامة.. الزمن هو القرن الخامس الهجري العاشر الميلادي.. أبان صراع المذاهب على حكم اليمن.. ليستأثر بالحكم المذهب الإسماعيلي الفاطمي باطني وتتوحد جنوب جزيرة العرب من مكة إلى عسير وصنعاء ونجران وعدن وحضرموت تحت لواء هذا المذهب..
جوذر ابن فارس لأم يهودية يعيش مع رسم الحرف ونقش الزخارف وتلوينها.. صراع الحرام والحلال.. يحب شوذب التي تقاسمه حبه للجمال لتختفي وتستعبد.. يشقى بالبحث.. فيخلط بين بحثه عن الله وحبيبته.
سيرة نزاعات مذهبية وقودها القبائل التي استهوتها عمليات النهب والسلب تحت غطاء فتاوى مذهبية.. يصرح بها الطامعون بحكم صنعاء.
ونجد في الرواية أن أدوات الحاكم في القمع هو استخدام الدين واستغلال العامة كوقود لأطماعه.. وطرح شخصيته كمخلص وفذ دون كل لناس.. هي في ذلك
الزمان كما هي اليوم. |