ريمان برس - متابعات - بدلا من أن يقضي ساعات يومه في فصول المدرسة وساحات اللعب، يجول محمد محسن ذو 14 ربيعا شوارع مدينة صنعاء على قدميه كل يوم لبيع قناني المياه المعدنية أو لاستعطاف الاَخرين من أجل لقمة العيش.
ومحسن واحد من آلاف الأطفال الذين تكتظ بهم شوارع اليمن، إذ بلغ متوسط عددهم في عام 2008 نحو 30 ألف طفل وفقا لدراسة حكومية أجراها مجلس الأمومة والطفولة.
ويقول محسن إنه لم يكن يدر في خلده يوما أن تكون حياته بهذه القسوة بعد أن عاش سنوات من الرغد في ظل والديه، لكن موت والده دفعه لمغادرة قريته والتوجه صوب المدينة من أجل توفير مبلغ مالي يرسله لأمه وإخوته في القرية.
ويضيف محسن الذي يبيت ليله أحيانا في ضيافة أصدقاء له تدفعهم عائلاتهم للتسول "أشتاق لوالدتي التي لا أراها إلا في العيد وأشتاق إلى فصلي في المدرسة. أعتقد أنه من الصعوبة العودة إليه نهائيا".
أطفال الشوارع فئتان
ووفقا لتعريف منظمة اليونيسف، ينقسم أطفال الشوارع إلى فئتين: أطفال يقضون ساعات النهار في الشارع كسبا للرزق ثم يعودون لأسرهم للمبيت، وأطفال تنقطع صلتهم بذويهم حيث يمثل الشارع لهم مصدراً للدخل والبقاء.
وتبذل الحكومة اليمنية جهودا للحد من انتشار هذا الظاهرة المتنامية عبر برامج تستهدف استقطاب أطفال الشوارع نحو مراكز تأهيلية وتوعية الأهل حول مخاطر هذه الظاهرة.
وعن دور وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل اليمينة في هذا المجال، قال عادل دبوان، مدير عام الدفاع الاجتماعي، في حديث للشرفة إن الوزارة تسعى لحماية وتأهيل أطفال الشوارع وإعادة إدماجهم مع أسرهم وفي مجتمعاتهم.
وعن دور وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل اليمينة في هذا المجال، قال عادل دبوان، مدير عام الدفاع الاجتماعي، في حديث للشرفة إن الوزارة تسعى لحماية وتأهيل أطفال الشوارع وإعادة إدماجهم مع أسرهم وفي مجتمعاتهم.
وأضاف دبوان أن الوزارة أنشأت حتى الآن ثلاثة مراكز للطفولة الآمنة تتبنى أنشطة تأهيلية صحية وتعليمية وثقافية وترفيهية ورياضية ومهنية لاستقطاب أطفال الشوارع إلى المركز قبل إعادتهم إلى أسرهم أو إلى بيئة بديلة تتمثل بدار رعاية اجتماعية في حالات الأيتام.
وأشار إلى أن "الوزارة نفذت مؤخرا برنامج إعادة الإدماج لأطفال الشوارع وإلحاقهم بالتعليم أو بالتدريب المهني، وذلك من خلال استقطابهم من قبل أقرانهم من أطفال شوارع آخرين من خلال برنامج تثقيف الأقران من أطفال الشوارع حول عدوى فيروس الإيدز".
من ناحية أخرى، أظهرت دراسة أجراها أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء، الدكتور فؤاد الصلاحي، أن الفئة العمرية لغالبية أطفال الشوارع تركزت بين 6-14 سنة، فيما كانت العوامل الأسرية والمجتمعية مثل سوء معاملة الأطفال والتفكك الأسري أو ضعف التوجيه والرقابة وانتشار العنف ضد النساء، وراء توجههم صوب الشارع.
وأكد الصلاحي على أهمية دور الدولة والمجتمع في دعم الفقراء والعاطلين ووضع حلول لمعالجة الهجرة الداخلية نحو المدن من أجل الحد من هذه الظاهرة، مذكرا أن الفقر والبطالة وغياب الخدمات الاجتماعية مثل الضمان الاجتماعي قد أسهم في تفشي هذه الظاهرة.
غياب الوعي عند الآباء
من جانبه، قال الدكتور عبد الحكيم الشرجبي، أستاذ علم الاجتماع، للشرفة "إن هناك عدم وعي للآباء والأسر التي تدفع بأطفالها إلى الشارع من أجل إيجاد دخل للأسرة رغم أن القانون يجرم ذلك"، مشيرا إلى أن لدى بعض الأسر اعتقاد أنه عند بلوغ الطفل عمر التاسعة، فعليه الاعتماد على نفسه.
أما الدكتورة نفيسة الجائفي، رئيس المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، فقالت بدورها "إن حاجة أطفال الشوارع إلى استعطاف الناس تحوّلت من الحاجة إلى الوظيفة، حيث وجد الآباء أو المستغلون لهؤلاء الأطفال أن المجتمع يشفق كثيرا على الأطفال أكثر من البالغين وبالتالي يدفعون بهم إلى الشارع".
وأوضحت الجائفي أن المجلس نفذ خلال الشهرين الماضيين حملة من أجل توعية المجتمع عبر وسائل الاعلام المختلفة حول خطورة هذه الظاهرة التي تقضي على مستقبل الأطفال، وحول ضرورة الابتعاد عن تشجيع هؤلاء الأطفال "الذين تحوّل الشارع بالنسبة لهم إلى وظيفة".
وشددت على أهمية إدراج أسر هؤلاء الأطفال ضمن برنامج الأسر المنتجة أو في الضمان الاجتماعي.
الشرفة |