ريمان برس - متابعات - يذكر التاريخ بطرافة، أن الشيخ علوش "أحد مشايخ الأزهر" وصف الديمقراطية بأنها "تعدد الأزواج"، أي اتخاذ المرأة أكثر من زوج في وقت واحد! هكذا ببساطة اختزل الشيخ الديمقراطية في انتهاك المقدس الجنسي، كانحلال اجتماعي وخطيئة دينية، وشذوذ أخلاقي.. كان ذلك في وقت مبكر من الصراع السياسي الثقافي حول الديمقراطية ومفاهيمها التي بدأت تتغلغل في اللغة والوعي السياسي المصري، ومنها "التعددية السياسية" التي أوجس النظام حينها منها خيفة، فكان لا بد أن يتصرف الشيخ علوش، فتصرف وعرفها بكونها تعني "تعدد الأزواج"!!
الإشاعة الجنسية سلاح سياسي عريق، فمنذ بواكير التاريخ العربي على الأقل كانت الإشاعة الجنسية سلاحا فتاكا، لإزاحة الخصوم ومقاومة الأفكار والتوجهات المغايرة، كثير من أهل السنة لا يعرفون عن الشيعة سوى زواج المتعة، وليلة الغدير الأسطورية، وما نعرفه عن قرامطة اليمن ودولة علي بن الفضل هو أنهم أباحوا نكاح المحارم..!
في الأمس القريب، وخلال الحرب الباردة كانت الاشتراكية في خطاب رجال الدين في اليمن تُختزل باعتبارها مشاركة "في الأموال والأولاد"، بإيحاءاتها الجنسية في السياق الاجتماعي، كما يتم الحديث عن العلمانية والليبرالية باعتبارهما مرادفتان للتحلل والشذوذ الجنسي!
يعرف سدنة الاستبداد والتخلف في العادة نقاط قوة وضعف المجتمعات التي يحكمونها، يعرفون مثلا إيجابية أن المجتمع والوعي العربي الراهن يقدر عاليا الفضائل المتعلقة بالدين والجنس والأخلاق، على الأقل لغويا، كما يعرفون سلبية أنه يفتقد للعقلية النقدية، وبالتالي فإن الاستبداد الكهنوتي بوسيلة ساذجة يمرر بمكر أقذر أوراقه السياسية من خلال أنبل مشاعر الفرد وقيم المجتمع.
ربما يتذكر القارئ حالات فردية وجماعية قمعت بهذه الطريقة غير الأخلاقية، حالات شهدها عن قرب، والأكثر ما سمع بها أو قرأها، وقد يكتشف لماذا نشأنا أغبياء، كما قال نزار قباني، فالنظر من خلال الفتحات الجنسية الضيقة يسبب العمى، فليست نوافذ مناسبة للرؤية والتعرف على الأفكار والآخرين، ما يفسر الجهل الفاضح بالآخر في ثقافتنا الفكرية والسياسية، وما يترتب عنه من جهل قاتل بالهوية والذات المستلبة.
وصف الشيخ علوش التعددية السياسية بتعدد الأزواج، اختزال جنسي بات مضحكا، لكنه لم يكن كذلك، وربما ما زال بعض أحفاد الذين أقنعهم الشيخ علوش بخطورة الديمقراطية على الأخلاق والدين والفضيلة يستعيذون بالله من طمع الزوجات وكيد الديمقراطية.
بالطريقة ذاتها، وما يحتاج لبراءة اختراع، ما توصل إليه مؤخرا درويش ثوري مخترع هو نجل عالم ثوري ومخترع كبير وموزع براءات اختراع، في اليمن، فقد توصل بدوره كمخترع صغير إلى اختراع طريف ونتيجة ثورية حول مفهوم المدنية، مفادها أن: (المدنية = مساواة بين الجنسين = إمكانية زواج الرجل برجل والمرأة بامرأة = شذوذ جنسي "مثلية")، والخلاصة أن: (المدنية = الشذوذ الجنسي)..!!
*صحيفة اليمن اليوم |