ريمان برس - خاص - يعتبر الجيش من أهم العوامل المساعدة على بناء الحياة الاجتماعية والسياسية المستقرة،لا بل والعامل الأهم في تحقيق الوحدةالاجتماعية للمجتمعات ، فهو المجتمع الراقي الواعي المنضبط وبعقيدته المعقدة، ووطنيته الصلبة، واصنافه المتعددة، وتشكيلاته المختلفة، تجعله يندرج وبحكم الضرورة، ضمن مقومات الشعوب وعماد الحضارات، فهو مصدر الامن وأساس التنمية، اذ لا تمنية الا بأمن ،ولا أمن ولا تنمية ولا استقرار، الا بجيش، فهو رمزالكرامة والعزة ،والسيادة الوطنية،وعنصر القوة الرئيس الذي تستمد منه الشعوب منعتها وعظمتها فعظمة الشعوب من قوة جيوشها ،ولذا يحتل الجيش في سياسسات الدول منطقة السودياء، باعتباره القوة الاجتماعية، الفاعلة، والدعامة الاساسية، التي تعتمد عليها في بناء الحضارات واستمرارها ،فالجيش دعامة الدول وركيزة بقاءها، فهولسان الدولة حين تحاوروعقلها حين تفكر وعتادها حين تحارب، وحصنها المنيع الذي يحتمي به أبناء المجتمع في الشدائد والكروب ، من حرارة النيران..وقد تنافست الامم بمختلف حضاراتها وسياساتها الوضعية ودياناتها السماوية، وعبر رحلتها البشرية الشاقة ومنذ القرون الغابرة، الى اليوم على بناء الجيوش وتقدسيها وتحديد مكانتها في المجتمع وتقنين مهامها وواجباتها الوطنية المقدسة، كما تحكي عن ذلك القواميس والنواميس، الموجودة على النقوش الاثرية ، لتلك الحضارات الضاربة في اعماق التاريخ البشري، بصورة عامة ، وفي التاريخ العسكري بصورة خاصة. حيث وجد في نقوش الحضارة الاغريقية كلاما مامعناه، يقول: ان الجنود هم القوة الالهية المقدسة، التي امرتها الآلهة بحماية الرعية، ونواميس الممكلة. ووجد في النقوش السبئية بمدينة صرواح الاثرية، نقشا عسكريا يقول: أمر اله الارض والسماء بمحبة الجند، لأنهم قوته المقدسة، التي حكم عليها بالخلود في الارض لحماية الذمار والديار . الجيش في منظور الاديان السماوية: وللأهمية التي يحتلها الجيش في حياة المجتمعات وذاكرة الشعوب، فقد جاء ذكر الجيش ، في جميع الاديان السماوية، وجعل الله اعداده وتجهيزه والتضامن معه، ضرورة اجتماعية وواجبات شرعية،فالنصوص الواضحة في الزبورتقول : لقد وجبت محبت الجند ،كما وجبت طاعة الامير، وفي الانجيل عبارة تقول:والجند جماعات مقدسة، أمر الرب بمحبتها لأنها تحمي الفضيلة، وجاء في التورات : أمر الرب بمحبة الخميس ، لأنه يقوم بحماية المملكة والارض المقدسة، والخميس كلمة عبرية تعني الجيش ، روى الامام البخاري في كتاب المغازي والامام مسلم في كتاب الجهاد ،عن عبد الله ابن مسعود أن اليهود عندما رؤوا الرسول صلى الله عليه وسلم ، في غزوة خيبر، خرجوا من مزارعهم يصيحون ويقولون :محمد والله والخميس) وذكر الله في القرآن الكريم شعوب من الامم الغابرة، بالغت في تقديس جنودها والعناية بهم الى الدرجة، التي اصحبت فيها محبة الجند وتقديس الجيش، من أهم دلالات القوة والعظمة والرموز الوطنية المقدسة، بل ومن أهم أبجديات ثقافة تلك الامم، طلبا لتحصيل القوة، التي يجبى اليها ثمرات كل شيئ ،قال تعالى مخبرا عنهم، هل أتك حديث الجنود فرعون وثمود)؟. أي هل أتاك يامحمد خبر قوم فرعون وقوم وثمود الاقوياء وجنودهم ذات القوة والعتاد والاوتاد ؟ فلفظ الجنود هنا وصف لقوتهم وليس دليلا عليها لأنهم أقوياء في الاصل، كما اخبر عنهم الله في سورة الفجر بقوله تعالى،:الم تر كيف فعل ربك بعاد ارم ، ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد، وثمود الذين جابوا الصخر بالواد ، وفرعون ذي الاوتاد الذين طغوا في البلا، ....وسمي ذي الاوتاد لكثرة جنودهم ومضاربهم ، وقيل ذي الاوتاد " أي ذي الملك والرجال كمال قال الشاعر: في ظل ملك راسخ الاوتاد. الجيش في المنظورالاسلامي:وان الاسلام لم يغفل هذه الناحية الهامة في اعداد القوة العسكرية والكفاءة القتالية للجيوش، فقد ذكر الله الجيش في كثير من آيات القرآن الكريم وكرم قاداته وشرف جماعاته، ولا يعرف في الدنيا نظام ديني اعتني بالجيش لا في القديم ولا في الحديث كما اعتني به الاسلام، فقد جعل الاسلام ،اعداد الجيوش واجب ديني ووطني والعمل فيه واجب مقدس،وفرض على أبناء المجتمع والدول على أن تقوم في خدمته وتسهر على العناية به وتولي منتسبيه كل الرعاية واالاهتمام،وبذل أعلا درجات المستطاع في اعداده وتجهيزه، قال تعالى ، وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون )قال ابن تيمة واعداد الجيش والتضامن معه ماديا ومعنويا من أقرب القربات الى الله، والجيش هو الفئة الوحيدة التي جاء ذكرها في القرآن الكريم في موقع المبتدء ولفظ الجلالة خبر، قالت تعالى/ولله جنود السموات والارض ) قال ابن الاهدل في شرح القواعد النحوية ،وانما تقدم لفظ الجنودعلى لفظ الجلالة ، لأن الجنود حماة الرسالات السماوية وانصار الانبياء والدعاة الذين يرشدون الناس الى أن الله هو الخبر اليقين.والجيش هو الفئة الوحيدة التي ورد اسمها مضافا الى الذات الالهية مكللا ببشرى النصر والتأييد ، قال: تعالى:وان جندنا لهم الغالبون.واعلن الله محبتهم من فوق سبع سموات قال تعالى/ ان الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص. والقتال بالصف من مبادئ العقيدة العسكرية التي اعتمدها النبي محمد صلى الله عليه وسلم في صدر الاسلام وطبقها الخلفاء الراشدون وقادة الفتح الاسلامي في حركاتهم العسكرية المتسارعة ابان الفتوحات الاسلامية.قال البوطي ولما كان حب الجيش واجب شرعي،فإن التضامن معه في قضاياه الوطنية العادلة واجب ديني وضرورة وطنية، لأنه ينصر الدين ويذود عن اعراض وديارالمسلمين. ويقول دلفي ، خبير المعنويات الروسي ، وانما كان التضامن مع الجيش ضرورة اجتماعية، لسببين، الاول: لأن الجيوش لا تنتصر الا بتشجيع شعوبها والثاني: لأن الشعوب تستمد عظمتها من قوة جيوشها،فعظمة الشعوب من قوة جيوشها، وبالتالي هناك علاقة وطيدة من حيث رفع المعنويات للجيش وتحطيم معنوياته، لأن الاساءة للجيش هي اساءة للمجتمع الذي ينتمي اليه الجيش،والاساءة للمجتمع هي اساءة للجيش ، الذي يندرج ضمن الرموزوالثوابت الوطنية التي تقدسها المجتمعات والشعوب،ومن ثم لا يسيئ للجيش ، الا من فقد الكرامة في نفسه ،أو تجاهل عظمة مجتمعه، ويقول تاليوس، ولوكان فئة في المجتمع تستحق التقديس فهي الجيش، ويجمع خبراء الجيوش وقاداتها من أن التاريخ العسكري ،هو السجل الناصع الذي تدفع من أجله الشعوب، دماؤها وأرواحها من أجل أن يضل رمزا ناصعا تفاخر به الأجيال القادمة.. ويجمع علماء الاجتماع ، من أن الجندي انسان مقدس لأنه يحمي الفضيلة ويذود عن مكارم الأخلاق،وبالتالي فأنت أيها الجندي انسان مقدس لماذا؟؟ لأن عينيك لا تمسهما النار، وفي الحديث: عينان لا تمسهما النار،ولأن قدميك لا تحرقها النار ،وفي الحديث ماغبرت قدما عبد في سبيل الله الا حرمها الله على النار،ولأنك الانسان الوحيد الذي أعماله من أقوى العبادات عند الله ،وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال رباط ليلة في سبيبل الله خير من أربعين صلاة في الحرم، وفي صحيح مسلم ، رباط يوم في سبيل الله خير من مماطلعة عليه الشمس في ذلك اليوم، ولأنك الانسان الوحيد الذي لعن الله من يخونك أو يسيئ معاملة أهلك ، وفي الحديث النبوي، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال من خان اخاه وهو في الرباط أوأساء معاملة أهله ، فعليه لعنت الله والملائكة والناس أجمعين. اذن أنت ايها الجندي قائد الجماعة وسيد المجتمع وأمير الأذكياء، وحكيم العباقرة، كذاب من يقول أنه أذكى منك ،أويساويك في الشطارة، يكذب من يقول أنه يعاندك في العبقرية، فأنت الذكي الذي لا يساويك في الذكاء أحد ،والشاطر الذي لا يضارعك في الشطارة أحد، والعبقري الذي لا يعاندك في العبقرية أحد، لماذا؟؟ لأنك أنت الانسان الوحيد الذي مدح الله ذكاءك في القرآن الكريم ،وأقسم بسلاحك الفتاك، ذلك الخيل العربي الاصيل – دبابة العصر الحديث،وأنت وحدك من أثنى الله على شطارتك ومهاراتك واحترافك القتالي، وأنت تصول وتجول بسلاحك العادي الذي يتنفس ضبحا وتمور الارض من حوافره قدحا متطايرا كشرارة النيران، ويثير نقعا معتما ليصعب على العدو رؤيتك ، لتضرب الميمنة والمسيرة وتغوص به في العمق، لتتوسط به جموع العدو، وتضرب القلب بسرعة خاطفة، صورها القرآن الكريم في مشهد بليغ يصعب على ذوي الخيالات المفتوحة أن يتصوروه وعلى الشعراء والبلغاء، والحكماء ، أن يصفوه ،فقال تعالى : والعاديات ضبحا، فالموريات قدح، فالمغيرات صبحا فأُثرنا به نقعا، فوسطنا به جمعا) قال المفسرون وانما جاء اسم العاديات ظاهرا في القسم واخفاء الجندي لأن تحريك السلاح في المعركة دلالة على ذكاء الجندي ، فالسلاح لا يحركه في المعارك والحروب الا الاذكياء والشجعان، والمضمر في اللغة العربية، يدل على سمو وعظمة وشرف صاحبه ،وقال أبو حمزة في شرح معركة مؤتة، وانما مدح الله ذكاء الجندي بهذا الوصف الرباني ، ليقطع على دعاة الذكاء ومتطفلو العبقريةعبر الأجيال السابقة واللاحقة، من أن يدعوا ذات يوم أنهم أذكى منك ، أويساووك في العبقرية، التي لايساويك فيها أحد، الا من كان زميلا لك في ميادين الحياة العسكرية، ورفيقك في السلاح ، وشريكك في مواقع الرباط.. عسكري ذكي للعلا فطن كأنما الجود للاقدام رباه |