ريمان برس - متابعات - انكشف المكشوف أكثر، وانفضح المفضوح على عتمة ليل الشتاء.. وثيقة مسمومة وملغومة ليس في كونها مزقت اليمن إلى ستة أقاليم دون أية رؤية واقعية، وإنما لأنها تركت الباب موارباً لأن يحمل التمزيق بالأقلمة معاول الفوضى.. وهذا ما يفسر كيف أن العقلاء أدركوا الخطر وبدأنا نرى محسوبين على أحزاب وقعت على الوثيقة يعترضون على مضامين الوثيقة المفخخة، غير مهتمين بتراث الطاعة الحزبية العمياء ولا بأقلام أحصنة طروادة.
· ولا غرابة إن تصدَّر المؤتمر الشعبي الرافضين لهذه الوثيقة، لسبب بسيط هو أن صاحب أي إنجاز يجد نفسه مضطراً للدفاع عنه.. وشيء طيب أن يتخذ التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري ذات الموقف الرافض للوثيقة،من منطلق إدراك حجم المخاطر التي ستواجه اليمن في حال أخذت الوثيقة طريقها للتنفيذ.
· المعترضون انطلقوا في مواقفهم من خلال قراءة المشهد بحس مسؤول وروح وطنية ترفض غرابة حال سياسي يمني لم يعدفيه مهماً معرفة أين تصطف وأين تضغط.. المهم كيف تحرز مكاسب سيكشف المستقبل ضآلتها بالقياس إلى حجم التفريط بالوطن، دونما اعتبار للهزائم الأخلاقية..
· حملة المباخر الجدد القدامى بدأوا يبررون تجزئة اليمن رغم عدم واقعيته، ورغم ما فيه من المآلات الواضحة.. لكن دخان البخور وطنين التصفيق للوثيقة الهدَّامة بما تحمله من مضامين تكرِّس التفرقة وتقسيم الناس بعد تقسيم الجغرافيا لن يكون أكثر من رقصة زار سرعان ما تنتهي بانتهاء الشحنات العصبية الكهربائية للمريض.
· وأما بعد التأكيد على أن شرف اليمن لا يتجزأ وهدم الدولة الوطنية لا يحتمل أي ملمح للمفاخرة والاعتزاز،ما يزال أمام اليمنيين فسحة من الأمر لركل وثيقة تمزيقهم.. إذ كيف يمكن أن يغادر اليمن أوجاعه بهذه الأقاليم وكل هذا التمييز بين المواطنين وكل بذرات الفوضى الجديدة، وكيف لدولة لا تستطيع حماية نفسها أن تحمي أقاليمها؟ وهل عند هؤلاء جواب للسؤال: من يسبق الآخر.. الدولة المركزية أم دولة الأقاليم؟
· تفكيك الدولة اليمنية البسيطة على هذا النحو ليس مقدمة للتمزيق فحسب ،وإنما ينذر بما هو أخطر في ظل ضرب ما بقي من مشروع الدولة المركزية والترويج،لأن حضرموت تعرضت للاحتلال مرتين.. مرة من الجنوب عام 1967م، وأخرى عام 1990م بالوحدة،فيما تفتقد وثيقة تجزئة الخارطة اليمنية إلى الفكرة والموضوع والواقعية.
· النافخون في النزعة الانفصالية القديمة الحديثة يكررون عبر أبواق التشظي أن اليمن لم يكن موحداً، فكيف سيكون الحال بعد أن يصير الجنوب جنوبيْن والشمال أربعة واليمن ستة، وكيف سيكون المآل وقد استنسخ المبعوث الأممي جمال بن عمر من 27 تجربة فيدرالية وثيقة هجينة لن تكون طيراً ولا جملاً ولا هي نعامة.. لا أظن الشعب اليمني لا يفهم دلالة المثل الاسكتلندي (حتى الفئران تعضُّ القطط الميتة)؟
*اليمن اليوم |