ريمان برس - متابعات -
القوارح المتكاثرة في اليمن، أنستنا صوت أيوب طارش والآنسي والمرشدي وكرامة مرسال وفيصل علوي وأحمد فتحي وأمل كعدل والسنيدار وعلي السمة ومحمد سعد عبدالله وعطروش ومحمد عبده زيدي و...الخ.
قالوا إن الأغاني حرام، وهي فرصة لأسأل المتشيعين لهذا الرأي: يعني لعلعة الرصاص هي الحلال؟!
منذ ثلاثة عقود لم يلمع في اليمن اسم لفنان جديد غير أولئك الطابور الذين حظيت بهم الذائقة اليمنية من قبل، ولك أن هناك يدا خفية عملت "لولب" للحياة الفنية، فتوقف الإنتاج.
تلك اليد التي "عقرت" ذائقة اليمنيين، هي بالتأكيد يد لئيمة، ولا يمكن المراهنة عليها في مسألة بناء بلد. تلك اليد صاحبة "اللولب" يد وسخة، شغلت اليمنيين ببناء المتارس، وأصبحت اليمن دولة عثيرة ليس على مستوى الفنون فحسب، بل وحتى على مستوى الأخبار التي تتداولها وسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية، إذ تبدو اليمن بالنسبة إلى كل هؤلاء مجرد خبر عاجل، ويا ساتر استر.
في أواسط القرن الثالث عشر أقر الفيلسوف عبدالرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي (1332-1382) بأهمية الموسيقى والغناء، وربط علاقتهما بتقدم بالعمران وتراجعه، وألف في سبيل ذلك فصلا كاملا من مقدمته الشهيرة للحديث عن أهمية الفنون بالنسبة للإنسان ولملامح التطور والتمدن التي تعيشها بلد دون غيرها.
وفي اعتقادي لو قام ابن خلدون الآن وعمل لفة سريعة إلى اليمن، وشاهد القوارح في كل زغط،لعكف طويلا ليكتب مقدمة أخرى يشرح فيها كيف أن اليمن السعيد بات بائسا وحزينا ويستحق الإشفاق.
البلد الذي لا يغني، هو بالتالي بلد يبكي وينوح. البلد الذي لا يرقص، هو بالتالي بلد يمشي على عكاز.
المشكلة أن تراثنا الفني في اليمن تراث غني وغزير، لكن عند من.. البلد بأكملها، بتراثها وتنوعها وجمالها وحضارتها وقعت مرارا بين أيادي "رُباح".
وأما المشكلة الأكبر فهي أن أيادي أولئك "الرُباح" لا تصفق ولا تعزف ولا ترسم ولا تنحت ولا تصنع، بل هي أياد لم نألف منها شيء غير أنها أياد اعتادت –فقط- أن تسرق.
ياالله، من أين لنا أياد للبناء الآن، وعبر التاريخ كله ما فيش أياد تبني من دون ترانيم ولا غناء. ولأننا لم نعد نبني، لم نعد نغني ...!
[email protected]
*اليمن اليوم