ريمان برس - خاص - من شرق الوطن العربي إلى مغربه ، تعددت الأسباب والهم واحد ، من تونس التي سطع فيها شاعرها أبو القاسم الشابي (إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر) ومنها دشنت شرارة الربيع العربي غداة إحراق (البوعزيزي) نفسه ، هاهي تونس اليوم وبعد ثلاث سنوات تعيش أوضاعا متناحرة فالفرقاء المختلفين في (ترويكا) الحكم يتهاوى أئتلافهم ويختزل في صراع التيار الديني الصاعد والعلمانية المتجذرة من تراث بورقيبة ، ورغم ما يبرزه الإعلام من تناحر بين المكونات لكنها تعتبر اقل بلدان الربيع العربي توترا فهي ليست على شاكلة ما يجري في ليبيا المهددة بقبائلها المسلحة والتي بعضها يدين بالولاء للزعيم القذافي ، بينما الحالة والتوتر في ارض الكنانة على أشده بعد قرار الحكم العسكري إعتبار الإخوان حركة إسلامية وشيطنة (فوبيا الإخوان) إعلاميا وقانونياً قد تجعل منها شبح ، فلا يعد يعُرف من يقاتل من ؟ تماما كما حدث في الجزائر في التسعينيات ، فقد دخلت مصر نفق مظلم بحضر حركة الإخوان لان العمل في الخفاء والظلام يخلط الأوراق بين ما هو أخواني وسلفي وقاعدة لقد فتحت سلطة العسكر أبواب عدم الاستقرار في مصر الكنانة على مصراعيه ، هذا ما دلت عليه مواجهة الاحتجاجات بالقوة في العراق اليوم بفض الإعتصامات بالقوة فتهميش مكون أساسي من الشعب العراقي جعل العراق على كف عفريت لقد زاد الطين بله محاولة إنهاء اعتصام العراقيين السنة في الأنبار في اخر يوم من السنة بالقوة في ساحة الاعتصامات في الأنبار ليكون مهرا لولاية ثالثة للمالكي بعد ان باركته طهران وواشنطن في زيارته لهما في الشهر الماضي. منذ السقوط المدوي قبل أكثر من عشر سنوات كان البعض يعتقد ان سقوط صدام هو نهاية مشاكل العراق فإذا هى بدايتها فحرب تلد أخرى ومأسي متلاحقة ، وخلافات مذهبية مُقيتة والقتل على الهوية فالعراقيين يصبحون على مفخخات ويمسون على اعتقالات ، لقد مضى عاما كاملا على انتفاضة العراق والإعلام العربي مغيبا عن عاصمة الرشيد ، لأنه منصبا على تسليط الضوء لما يجري في سوريا التي انعكست أحوالها على العراق نفسه بينما سوريا التي أزهق فيها أكثر عدد من الضحايا في بلدان الربيع العربي وملايين المهجرين في دول الجوار والداخل السوري لازالت الحرب تدور رحاها بين كر وفر و تعيش سباقاً لوجستيا على الأرض قبل جنيف 2 الذي بشرت به أمريكا بأن الأسد قد يبقى بعد جنيف 2 ان بقاء اسداً بدون انياب كيمائية افضل من المجهول بالنسبة لامريكا والغرب واسرائيل على الأقل لمدة محدودة ، فمن سؤ حظ الربيع السوري موقعها الجيوبلتكي فهو بين الكيان الصهيوني وبلدان حليفة لأمريكا وبين قوى ثورة وممانعة معادية لذلك المحور ، ربما نهاية المؤتمر المنتظر لن يكون بالضرورة خاتمة لمأسي بلاد بل بداية لها ، ولان ألشئ بالشئ يذكر فعندما تعطس سوريا تزكم لبنان فلن يستقر بها امراً إلا بحل القضية السورية لان مراكز القوى تجمع مكونات الخلاف في سوريا ابتداء من نفوذ آية الله الخامئني وحتى جبهة النصرة وداعش( دولة العراق والشام الإسلامية ) فقد غدت لبنان مكان تصفية الحسابات للمتصارعين في سوريا داخليا وأقليميا ودوليا بحيث صار بين كل عملية مفخخة ومفخخة صراع وجدل بين المكونات اللبنانية على جملة من التقاطعات منها تعثر اعلان الحكومة الجديدة وفي ظل دستورها الطائفي المتمدن قياسا بدستور العراق الذي تفوح منه الطائفية المقيتة. مرورا بجمهوريات الربيع العربي ، أما اليمن فهو مدرسة خاصة في ربيعه المُميز عن غيره بفضل إرتهان القرار اليمني للخارج منذ تسعينيات القرن الماضي ، ويتميز الربيع العربي في نسخته اليمنية بأن المتحاورون وكل الساسة اللاعبون في المشهد السياسي هم أنفسهم من عبث بمصير اليمن من كل الأحزاب والقوى النافذة اليوم ومن هنا فالسؤل هنا كيف لمن سبق تجربته من هؤلاء المتحالفون بالأمس المختلفون اليوم أن يساهموا في رسم ملامح المستقبل؟
ومن هنا فسيدخل اليمنيون العام الجديد وهم في حيرة من أمرهم فكل بارقة أمل لحل مفترض تعتبر بحد ذاتها مصدرا للخلاف والجدل فأزمة تلد أخرى وكأن قدر الصراع قد لازم اليمنيون منذ أكثر من نصف قرن ، فحتى ابن عمر نفسه قد تطبع بطباع ساسة اليمن الذين تميزت مواقفهم بالغموض وعلى شاكلة أحاجي وألغاز وطلاسم يصعب فكها إلا أولي العلم ، فرغم حكمة أهل اليمن فقد تفرقت أيدي سباء بسبب تحالف العسكر مع القبيلة فعندما كانوا في وفاق لعقود كانت المدة الكافية لتدمير حلم الدولة المدنية ومن هنا فالإشكال في اليمن ليست في النصوص والتشريعات بل في مدى تقبلها وترجمتها لأرض الواقع ، لقد كبل اليمنيون أنفسهم بمبادرة هي بحد ذاتها ملغمة ، وكل رؤية لحلول متوقعة تكون نفسها بذرة لمشكلة جديدة والحبل على الجرار. وكل عام وأنتم في أمل الدولة المدنية في يمن الحكمة..!!
|