ريمان برس - متابعات - مسلسل التكهنات حول مستقبل العملية السياسية لا ينتهي، حتى مع وصول مؤتمر الحوار الوطني إلى نقطة النهاية بكل هذه القرارات التوافقية التي تنطوي على قدر مقبول من الأهمية في حال حالفها التطبيق الفعلي.
هذه التكهنات تغلب عليها مسارات القلق والمخاوف بشأن المستقبل، وهي مخاوف لها ما يبررها وسط هذه التناقضات في مواقف القوى المؤثرة ،التي لم تتخل عن تكتيكاتها السياسية كشرط رئيس لحوار حسن النية بعد أن تم التخلي عن الخيار الثوري.
هو وضع في اعتقادي ينطوي على كثير من الشكوك بالفعل في مدى إلتزام الأطراف بتوافقاتها المحررة في محاضر جلسات الحوار،وتلك المعلنة في وسائل الإعلام أيضا. لذلك فإن التركيز على ضمانات تنفيذ مخرجات هذا الحوار، يبدو أولوية على الأقل بالنسبة لذلك القطاع العريض، الذين جذبتهم بعض بشائر الحل لقضاياهم البسيطة والشائكة.
فعلى مدى ثلاث سنوات ظل اليمنيون يؤجلون كل وسائل الضغط المتاحة لحض السلطات على تخفيف معاناتهم من تردي الأحوال المعيشية، من قبيل دفعها مثلا على خوض مواجهة مع مخربي أنابيب النفط وخطوط نقل الطاقة،لكنهم تحملوا وتجاوزوا ..الى حين ليس ببعيد -في اعتقادي- وفقا للفطرة الانسانية.
هي تضحيات مستمرة إذا من اجل وضع أفضل لبلد أمضى معظم تأريخه الحديث عرضة للصدمات والصراعات الدموية إلى أن توقفت به عجلة التطور عند نقطة مظلمة .. وبالتالي فإن الثقة بإمكانية الحل تكمن في مدى قدرة السلطات الانتقالية والقوى المجتمعية على ضمان الحل الشامل لكافة القضايا العالقة من خلال عقد اجتماعي جديد قادر على جعل الناس ينسون ماضيهم، والنظر إلى قادتهم كرجال حكم محترمين، يستمعون باهتمام بالغ لنبض الشارع الذي تتغير اهتماماته وتطلعاته كل يوم بازدياد عدد أبنائه اليافعين.
لذلك فإن مناخ عدم الثقة لم يعد مقتصرا فقط على عامة الناس، بل يمتد إلى صناع القرار انفسهم، وكذلك النخب السياسية الوطنيه التي أسهمت اسهاما فاعلا باتجاه انجاح مشروع التغيير.
وتبدو هذه نقطة مناسبة لأعرب عن ثقتي البالغة، بأن الدكتور ياسين ليس من هؤلاء المحبطين، ولن يكون كذلك كما روجت بعض وسائل الاعلام، لأن إمكانية إحباط مثل هذا الرجل الاستراتيجي لم تتحقق حتى في وقت كانت فيه أي فرصة للنور شبه مستحيلة. ومثله في ذلك طيف واسع من نخبة الايادي البيضاء..صحفيون وسياسيون وناشطون.
تروني أتحدث بلسان الشك والمخاوف، ليس لأن كل التوقعات تبدو سيئة بشأن المستقبل- فهي تبقى مجرد تكهنات- لكن لأنه يجب ان نستشعر عتمة الحاضر،وعدم الركون إلى المواقف المعلنة، بل إلى حسن النوايا اولا، وتلك هي مهمة جمعية يتضاعف دورها بضغط شعبي ،وضامن دولي وإرادة سياسية مؤمنة بضرورة القطع مع الماضي وسد أي منفذ للشر.
- نقلا عن براقش |