ريمان برس - خاص -
في مدارب ( التيه ) نمضي نحث الخطا نحو مزيدا من ( التيه) ..ثمة حراب متأهبة و سيوف غادرة أغمادها وعلى قارعة الدرب هناك رؤوس بلا أجساد وأجساد مثخنة تصارع بأمعاء خاوية تتوسل الحياة وتستجدي رضاء _ الجلاد _ الذي لا يأبه لمن حوله ولا يكترث لغزارة الدماء التي توشك أن تجرفه مع موكب غروره وحاشية الأفك الملتفة حوله ..!
تعزف قيثارة الموت لحنها الجنائزي .. الركب يؤغل بالهروله نحو المجهول بعد أن تخلى من فيه عن أعظم نعم الله التي منحها للإنسان _ العقل _ ..لا تفكر .هناء ولا تدبر هناك ولا مكان للإنسان بينهما ..لا شي هناء سواء التية وصخب طبول الحرب تدوي في الأفاق وعلى إيقاعاتها يرقص الضحايا رقصه ( الفلامنكو) في مقطعها الأخير حيث تطغى أصوات أقدام الراقصين على إيقاعات العازفين ..!
( نيرون )..يتراجع ..يعتذر ..يسخر حد الدهشة مما يجري .. ويدرك أن كل ما قام به وكان حديث التاريخ ليس إلا خطاء بسيط وجرم متواضع أمام ما يحدث _ اليوم _ هناء وهناك وفي أكثر من ( روما) ..؟!
يدرك ( نيرون ) إنه ظلم وعلى التاريخ إنصافه بعد أن وجد من هو أكثر جبروتا منه ..( شمشون ) أيضا يطالب بالإنصاف ..( هولاكو) أصبح أكثر اقتناعا بأنه أعدل القادة وحتى ( مسيلمة ) الذي أهدر دمه ( لكذبه ) يرى أن الزمان أنجب. من هم أكثر منه قبحا وكذبا ..؟!
أه ..ما أتعس _اللحظة _ وما أقبحها وما أبشع تداعياتها ..ذات يوم موغل قال ( ماركس ) أن التاريخ حركة متقدمة متوالي الأحداث ..وإنه _ أي التاريخ _ يعيد نفسه بصورة مآسة أو مهزلة ..لم يتوقع ( ماركس ) أن التاريخ قد يعود معا بالمآسي والمهازل .
هناء حيث يوصف المكان بأرض الحكمة مضافا إليها وصف الإيمان ..يصعب الحديث عن الحكمة ويستحيل الحديث عن الإيمان أيضا وكل القيم النبيلة هناء تتلاشى كسراب بقيع ..!
هناء التاريخ واحداثه عباره عن مقطوعه من رقصة ( الاستبليتيز) الماجنة..وهناء نستحضر ( اللات ..والعزة ..وهبل ..ويغوثا..ويعوقا..ونسرا) ..
وهنا تنمو وتتسع ( المقابر ) و ( الزنازين) وتصدح المأذن بأيات ( القتل ) وصرخات النفير المجسده لحالة المجون الثقافي والاستلاب الفكري ..!
لاشي هناء سواء ( الموت ) يفرض قوانينه ويتحكم بالمسار وعلى قارعة الطرق تنتصب منجزاته ..!
يا إلهي ..أي وطن هذا يلتحف القبح ؟ وعلى أرصفته بقايا خربشات ملونة تتحدث عن بقايا كرامة مرت من هناء ذات يوم ..؟!
صنعاء ..في لحظة عابرة.. |