ريمان برس - خاص -
يبدو واضحا ان النظام السعودي ومن يلتف حوله وصل إلى منعطف خطر وطريق مسدود، وبالتالي غدا هذا النظام في مازق حقيقي سياسيا وعسكريا وامنيا وبصورة تهدد سلامة بنيته الوجوديه ودوره الوظيفي على ضوء منظومة المتغيرات اليمنية والإقليمية والدولية وهي المتغيرات التي اجبرت النظام السعودي ان يعيد حشد محيطه الإقليمي ممثلة بدول ( مجلس التعاون الخليجي) وطبعا بالتشاور مع حلفائه الإقليميين والدوليين ليطلق دعوته ( لحوار بين الاطراف اليمنية، بهدف حل الازمة اليمنية) حسب الإعلان الصادر تحت راية مجلس التعاون الخليجي واشارت الدعوة او البلاغ بان الحوار سيكون في العاصمة ( الرياض) بدءا من يوم 29مارس الجاري واضاف البلاغ السعودي ان الدعوة ستوجه لجميع الاطراف اليمنية وان الحوار سينطلق في الموعد المحدد له وسيجري هذا الحوار ( بمن حضر) ..؟!!
هذا المنطق السفسطائي المثير للسخرية يعكس حقيقة التفكير والسلوك الطفيلي لنظام لا يفتقد للقيم والاخلاقيات وحسب بل يفتقد ايضا لأبسط مقومات الوعي السياسي الذي يجرده من مصداقيته ومن الصورة التي يحاول ان يظهر نفسه فيها امام الراي العام العربي والدولي كراعي للأزمة اليمنية او وسيطا بين اليمنيين وهذه الصورة التي يحاول ان يظهر فيها النظام السعودي هي صورة مزيفة وكاذبة فالنظام السعودي لم يكن يوما وسيطا بل هو العدو الرئيسي وهو طرفا اصيلا بالعدوان وكيف لمثله ان يكون وسيطا او راعيا نزيها..؟!
اليمن يواجه العدوان السعودي ويواجه الحصار ويواجه القتل اليومي بطائرات واسلحة السعودية، وبالتالي كيف لمثل هذا النظام ان يكون وسيطا او راعيا لحوار وهو العدو الاساسي لليمن واليمنيين الارض والإنسان..؟!
بيد ان النظام السعودي وهو يعيد تقديم نفسه للعالم بذات الصورة التي قدم بها نفسه عام 2011م من خلال ما يسمى ب ( المبادرة الخليجية) هي محاولة بائسة من نظام وجد نفسه في مازق حقيقي بعد كل سنوات عدوانه وحصاره وبعد كل هذا الخراب والدمار والنزوح والتشرد الذي تعرضت له اليمن وشعبها طيلة سنوات العدوان، فالنظام السعودي وجد نفسه على الصعيد اليمني مهزوما امام ارادة شعب صمد وقاوم وانزل الهزاىم المتتالية بقوات ال سعود ومرتزقته وبالجيوش التي استاجرها ورغم كل معاناة الشعب وحصاره وتجويعه واغلاق مطاراته وتدميرها واغلاق مؤانئه ومعابره وحرمانه من ابسط الحقوق الإنسانية وفي ظل بل وتواطؤ المجتمع الدولي ومنظماته وكل هيئاته الحقوقية والإنسانية وصمت الانظمة الإقليمية والدولية واجهزتها الإعلامية، وهو الصمت المدفوع الثمن، وبعد كل هذا وبعد ان ادرك النظام السعودي استحالة تحقيق اهدافه لجاء الى التنصل من جرائمه بعد سلسلة الهزاىم العسكرية والامنية والسياسية والاخلاقية والحضارية والإنسانية التي تجرعها هذا النظام المتغطرس على يد ابطال الجيش واللجان من ابناء اليمن، فحاول ومن خلال دعوته المشبوهة إعادة تقديم نفسه بالصورة التي جاءت بها الدعوة للحوار ليكرس حقيقة وساطته ورعايته لليمن وليبرئ نفسه من الجراىم التي ارتكبها بحق اليمن الارض والإنسان والقدرات طيلة سنوات العدوان التي تجاوز عددها عدد كل سنوات الحروب التي شهدها التاريخ..
الدعوة تعبر في جانبها عن انتصار الشعب اليمني وعن انتصار جيشنا ولجاننا وابطالنا في جبهات العز والشرف والكرامة والسيادة وعن هزيمة العدوان وادواته، لكن في ابعادها تعكس رغبة النظام السعودي في الهروب إلى الامام من تحمل تبعات عدوانه حين يصر على التمسك بدوره كراعي او وسيط بين اليمنيين في محاولته الداىمة التاكيد على إن الحرب هي بين الاطراف اليمنية وليس بينه وحلفاىه من الدول المشاركة بالعدوان..؟!
اليوم وبعد تاكد النظام السعودي من هزاىمه وفشله في تحقيق اهدافه واستغلالا لتداعيات إقليمية ودولية برزت امامه منها واهمها الصموظ الداخلي اليمني وتلاحم الجيش واللجان والقيادة والشعب رغم كل المعاناة التي انتجها العدوان فالتماسك الداخلي لعب دورا محوريا بالصمود والانتصار وافشال مخططات العدو، الامر الاخر نجاح المحادثات النووية الإيرانية مع دول الغرب وامريكا، والامر الثالث هو الازمة الاوكرانية وفتور العلاقات بين الرياض وواشنطن في ظل إدارة الرئيس ( بايدن) كل هذه العوامل وضعت النظام السعودي امام مازق حقيقي غير قادرة على تجاوزه إلا في إعادة تسويق نفسها من بوابة اليمن بعد ان اغلقت امامها كل الابواب وإدراكها ان اليمن هي الورقة الرابحة التي بها تعيد تسويق نفسها شرقا نحو علاقة مع جمهورية الصين الشعبية ولكن من خلال اعتماد نفسها ودورها كوسيط وليس كطرف اساسي بالعدوان وقيادته والتخطيط له وإدارته وبالحصار وجراىمه، وهي اي الرياض وجدت نفسها مجبرة لإطلاق دعوتها هذه ويمكن استنتاج هذا من خلال تعبيرها بان الحوار ( سيتم بمن حضر) وكانها دعوة ( لصلاة جنازة) وليس دعوة لحوار..؟!
لكنها تحاول إيجاد نافذة امان لها وصفة ( شرعية) لدورها، وان على طريقة ( زواج المسيار) اي ان عبارة ( بمن حضر) بقدر ما تعكس غطرسة هذا النظام تعبر ايضا عن حاجته لاكتساب براته وان عبر مجموعة من مرتزقتها لتجعل من حضورهم حجة امام الراي العام لتاكيد دورها كوسيط وراعية للازمة وليس كعدو باعتبار الحرب هي بين اليمنيين فقط..؟!!
وهذا المنطق سيجد من يعتمده داخل المحافل الدولية والإقليمية التي تغاضت عن دمار اليمن وقتل وحصار وتجويع وتشريد الشعب اليمني طيلة سنوات العدوان..؟!
هذا النظام الذي اجرم واعدم في يوم واحدة 81 مواطنيا برئيا بينهم اسرى حرب من ابناء اليمن في لحظة زمنية فارقة استغلتها لإرتكاب الجريمة المجزرة، لحظة اتجهت فيها انظار العالم نحوه بحثا عن نفطه وزيادة انتاجه اليومي لتغطية العجز بالاسواق الدولية بعد مقاطعة الغرب للنفط الروسي، حتى ان احدا لم يذكر هذه الجريمة البشعة لا في وسائل الاعلام ولا في في تصريحات الساسة، بل لم يشير ايا من قادة اوروبا وامريكا لهذه الجريمة ولا منظماتهم الحقوقية التي تتباكي على حقوق الإنسان في اوكرانيا ولأجلهم قامت قيامة الغرب وامريكا وحتى العالمين العربي والإسلامي فيما حقوق الإنسان اليمني اهدرت وتجاهل العالم معانات الشعب اليمني جراء العدوان والحصار، وعليه وفي هذا التوقيت وتزامنا مع كل هذه المتغيرات جاءت الدعوة للحوار في محاولة سعودية لاقتناص اللحظة الدولية لتمرير مخططها وتحقيق براتها وان بصورة احادية و( بمن حضر) الذين بهم وبحضورهم ستعمل على تظليل الراي العام عبر تفعيل بروبجندة اعلامية تعمل على تحريف الحقائق وتكريس الاكاذيب، وعليه فان صنعاء مطالبة بالتمسك بثوابتها وهي إنها مع الحوار ونرحب بالحوار ولكن هناك شروط ذاتية وموضوعية لا بد من توفرها لنجاح هذا الحوار، الذي يريده النظام السعودي يتماهي من ناحية مع الحوار الروسي الاوكراني، ومن الاخرى يتماهي مع الحوار اللبناني _ اللبناني فيما يسمى بحوار الطائف الذي انتهي بإبرام ( اتفاقية الطائف) وفي كل الحالتين لا ينطبق الوضع اليمني مع ايا من المشهدين، لذا يفترض ان يكون الحوار برعاية دولة عضوة في مجلس الامن للدولي مثل ( روسيا او الصين) وبحضور اممي ومراقبين إقليميين لأن الرياض ليست مؤهلة بعد كل هذا العدوان والحصار والدمار والقتل ان تكون مكانا مناسبا للحوار او راعية له، ثم ان للحوار شروطا يجب ان تتوفر مثل وقف اطلاق النار وفتح المطارات والمؤاني ورفع الحصار والبدء في التعامل مع الملفات الإنسانية مثل الإغاثة وتمكين حركة الانسياب التجاري من العودة لطبيعتها ومعالجة ملفات الاسرى من الجانبين وهذه اهم مقومات نجاح الحوار ان كانت هناك نوايا صادقة لإنها الوضع الراهن في اليمن. |