ريمان برس - خاص -
ما يجب أن نستوعبه من ازمة اوكرانيا ومن ( عملية حماية الدونباس) الروسية أنها معركة وان حملت عنوانا وأهدافا متصلة بقضايا مواطنين روس او أوكرانيبن يتحدثون اللغة الروسية وهذا ما تكرسه الخطابات السياسية والإعلامية، غير أن الحقيقة أن أزمة أوكرانيا هي مواجهة مصيرية ذات غايات واهداف استراتيجية وجيوسياسية أطرافها ( روسيا الاتحادية) و خلفها أنظمة ودول صديقة تواقه للانعتاق من هيمنة وغطرسة الولايات المتحدة والغرب، والطرف الاخر في المواجهة هي ( الولايات المتحدة) وخلفها في المنظومة الغربية وحلف ( الناتو) هذا الحلف الذي كان ندا لحلف ( وارسو) وكان يفترض ان يزول بزوال ( حلف وارسو) ولكن لأن طبيعته ودوره طبيعة إستعمارية فقد بقى يزاول دوره الاستعماري ويتوسع محاولا فرض قيم جيوسياسية تخدم مخطط الهيمنة الإمبريالية الذي ترسم ملامحه ( واشنطن) للإبقاء على سيطرتها المطلقة على خارطة العالم وهذا سلوك لم يعد مقبولا من قبل أطراف دولية مثل روسيا والصين والهند وباكستان وإيران ودول افريقيه واسيوية وأمريكية جنوبية، ناهيكم عن نموء ثقافة عالمية تبغض السلوك الأمريكي _ الغربي على امتداد جغرافية العالم بل ان هذا البغض الاجتماعي يتنامي ضد الإدارات الأمريكية المتعاقبة حتى في اوساط المجتمع الأمريكي وكذا المجتمعات الغربية التي تعاني الكثير من التذمر تجاه سلوكيات نخبها المتداولة على صناعة القرار ويمكن القول ان المجتمعات الغربية ورغم كل الشعارات التي تسوقها ماكينتها الإعلامية الجبارة عن القيم الليبرالية والديمقراطية والحقوق والحريات وهي شعارات رغم مظاهرها البراقة إلا ان ثمة واقع اجتماعي مؤلم تعيشه المجتمعات الغربية على خلفية سيطرة النخب الثرية وترويكا مجمع ( الصناعات العسكرية) الأمريكية والغربية التي وصلت لمرحلة من التوحش الذي لم يرحم شعوبها فما بالكم ببقية شعوب العالم.
على خلفية كل ما سلف فان ما تشهده اوكرانيا هو مواجهة _قطبية _ بين ( موسكو) و ( واشنطن) بين تيار قطبي صاعد يحمل طموحا وقدرا من القيم والاخلاقيات الحضارية والإنسانية، هذا التيار له ايضا عمقا تاريخيا وثقافيا ومعتقدات دينية وفكرية تتمحور جميعها حول الرقي بالإنسان وبقيمه، وتيار اخر تمثله ( واشنطن) المجردة من العمق الحضاري والإنتماء التاريخي والثقافي وتقوم حضارتها الوجودية على ما تمتلك من قدرات اقتصادية وصناعية وترسانة عسكرية وتقنية علمية وتحاول عبر كل هذه القدرات تطويع البشرية بكل مخزونها التراثي والحضاري والثقافي والتاريخي لمنطقها المادي المتغطرس..!!
ويتضح من خلال تداعيات الازمة إننا أمام ( حرب عالمية ثالثة) ولكن بطرق وادوات واساليب غير تقليدية وغير تلك الحروب التي اعتدنا عليها عبر التاريخ الإنساني وهي حرب تدخل في نطاق ما اطلق عليها بحروب الاجيال وبالتالي نحن نعيش حروب ( الجيل الخامس) التي سوف تميز صراعات القرن الواحد والعشرين القائم على التنافس الجيوسياسي عبر القدرات الاقتصادية والعلمية والتقنية.
يتبع
[email protected]